محمد حمادى يكتب: معركة طابا.. والإرادة المصرية

الثلاثاء، 24 مارس 2015 11:58 ص
محمد حمادى يكتب: معركة طابا.. والإرادة المصرية تحرير سيناء - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى هذه الأيام نحتفل بذكرى عودة طابا وتحرير سيناء بالكامل من العدو الإسرائيلى المغتصب، الذى حاول بكل أساليبه أن يحتل جزءا من أرض سيناء، حتى يستطيع فيما بعد أن يفرض سيطرته وقوته ويحتل سيناء مرة أخرى، ولكن القيادة السياسية فى ذلك الوقت أدركت أن احتلال العدو الصهيونى لهذه البقعة حتى لو كانت صغيرة فإنها تحمل فى طياتها أبعادا تشكل خطرا رئيسيا على الأمن القومى المصرى ولذا خاضت مصر حربها عن طريق (التحكيم الدولى ).

ويتميز التحكيم الدولى، بهذا المعنى، بعدة خصائص :أولا ـــ أن القرار الصادر عن هيئة التحكيم ليس قرارا عاديا وإنما هو حكم يقرر حل النزاع عن طريق تطبيق قواعد القانون الدولى العام أو قواعد العدل والإنصاف أو أية قواعد قانونية أخرى .

ثانياـــ أن الحكم الصادر عن هيئة التحكيم، هو حكم ملزم بالضرورة لأطراف النزاع وهذا الإلزام لا يتعارض مع الإرادة الحرة للأطراف المعنية أو مع مبدأ السيادة، وذلك لأنهم أطراف النزاع قد قبلوا بمحض إرادتهم اختيار اللجوء إلى التحكيم كوسيلة سلمية لتسوية النزاع القائم بينهم .

ثالثاـــ أن التحكيم الدولى لا يشترط فيه بالضرورة أن يشمل كل جوانب النزاع المعروض، فقد ترى الدول المتنازعة أن مصلحتها المشتركة تقتضى إحالة النزاع برمته إلى التحكيم للفصل فيه، وقد ترى عكس ذلك ومن ثم تكتفى بإحالته أو بعض جوانبه إلى التحكيم ومن ذلك مثلا، أن مشارطة التحكيم المعقودة فى 11 سبتمبر 1986 بين مصر وإسرائيل بشأن طابا قد قصرت سلطة محكمة التحكيم فقط على تقرير مواضع بعض مواضع علامات الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، ولم تطلب منها مثلا بحث شرعية أو عدمها لهذه المواضع من وجهة نظر أى من الطرفين.

رابعاـــ أن الدول عادة ما تحدد على سبيل الحصر الموضوعات التى يمكن أن يكون النزاع بشأن أى منها محلا للتحكيم، مستثنية من ذلك كل ما يتعلق منها بالاستقلال السياسى أو الشرف الوطنى والمصالح الحيوية وكذا المسائل التى تدخل ضمن نطاق اختصاصها الداخلى ومع ذلك فمن الصعوبة القول بوجود قاعدة عامة فى هذا الشأن، لأن المعول عليه فى التحليل الأخير هو إرادة الدول المتنازعة لذلك فكثيرا ما نجد نزاعا دوليا معينا قد عرض على التحكيم للفصل فيه، على الرغم من تعلقه بالمصالح الحيوية والاستقلال السياسى لكل أو لأحد أطرافه ولعل النزاع حول طابا دليلا قويا يمكن أن يساق فى هذا الخصوص، حيث إنه فى جوهره كان يتعلق بتمسك مصر بسيادتها على منطقة طابا فى حين نازعت إسرائيل فى شرعية هذه السيادة انطلاقا من اعتبارات سياسية .

وبدأت المعركة بحالة من الجدال، نشبت بين الجانب المصرى والإسرائيلى، وظهر ما يسمى بأزمة النقطة رقم (91) فى المعركة الدبلوماسية التى خاضتها مصر من أجل تحرير طابا، بعد أول إعلان رسمى عن المشكلة فى مارس 1982، وقبيل الانسحاب الإسرائيلى من سيناء .

فاجأت اللجنة العسكرية المصرية وقتها الجميع، بالإعلان عن أن هناك مشاكل ونقاط خلاف كبيرة مع الجانب الإسرائيلى، حول بعض النقاط الحدودية، وخصوصا العلامة (91) الموجودة على حدود طابا .

وترجع بداية قصة النقطة (91) عندما حاول الجانب الإسرائيلى تزييف الحقائق وتغييرها، بتغيير الملامح الجغرافية للحدود المصرية قبل 1967، حيث أزال "أنف الجبل"، والتى هى عبارة عن العلامة (91) الذى كان يصل إلى مياه خليج العقبة، وحفر طريق مكانه يربط بين مدينة إيلات الإسرائيلية ومدينة طابا المصرية.

بحث الجانب المصرى عن العلامة الأساسية للنقطة رقم (91 ) التى أزالتها إسرائيل دون جدوى، فعادت الدولة المصرية إلى المخطوطات القديمة والخرائط، التى توثق حدود مصر منذ الدولة العثمانية، وتم تشكيل ما عرف بــ"اللجنة العليا لطابا"، والتى ضمت وقتها إبرز الكفاءات القانونية والتاريخية والجغرافية نذكر منهم: الدكتور نبيل العربى، الدكتور مفيد شهاب، المؤرخ المصرى يونان لبيب رزق، اللواء أركان حرب كمال حسن على، السفير عبد الحليم بدوى، الدكتور وحيد رافت، الدكتور حامد سلطان، عبد الفتاح محسن، السفير حسن عيسى.

وبالرغم من مماطلة إسرائيل وإنكارها الحجج التى تثبت أحقية مصر فى طابا، اضطرت مصر إلى الضغط للوصول إلى التحكيم الدولى فى قضية طابا، والذى أنهى الخلاف بعودة الحق لأصحابه ورفع العلم المصرى خفاقا يرفرف مجددا فى سماء طابا مؤكدا أن مصر لن ولم تفرط فى حبة رمل من ترابها الغالى الذى دافع وحارب من أجله المصريون وقدموا الدم والعرق فداء لهذا الوطن.











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة