حسن زايد يكتب: ولم يتبق إلا أن يقف أبناء مصر مع مصر

الثلاثاء، 17 مارس 2015 06:03 م
حسن زايد يكتب: ولم يتبق إلا أن يقف أبناء مصر مع مصر المؤتمر الاقتصادى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأيام منذ بدء الخليقة تمضى، وستظل تمضى إلى قيام الساعة، وهذا المضى بين البداية والنهاية له وقفات، حيث يجرى تثبيت المشهد، والتقاط التفاصيل، عند أوقات محددة، وفى أيام معينة، هذه الأيام لها فى ذاكرة البشرية تاريخ. وما يحدث فى مصر هذه الأيام ثبت المشهد، والتقطت صور فارقة، سيكون لها فى ذاكرة الزمن تاريخ. فقد شهدت مدينة شرم الشيخ المصرية مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى، تحت عنوان: "مصر المستقبل".

وفى هذا المؤتمر رسم السيسى ملامح مصر المستقبل أمام العالم. ولم يتوقف الأمر عند حدود الاقتصاد، وإنما تعداه إلى آفاق أخرى، تبدت جلية فى الرسائل التى بعث بها السيسى إلى العالم، وتلك التى أرسلها العالم إلى مصر. ومن الرسائل التى بعث بها السيسى إلى العالم، أن مصر ترحب بمن توافقت رؤاهم على ضرورة العمل معًا من أجل رخاء وتقدم الإنسانية، وهذا يعنى أن من يختلف فى الرؤية المطروحة من مصر، هو بالقطع ضد الإنسانية . ومنها ترحيبه بالأشقاء العرب، فى دلالة واضحة على الوجود العربى الفاعل إلى جانب مصر وأن وجودهم ليس قاصراً على الدعم الاقتصادى وحسب، وإنما إبرازاً للتحدى الوجودى المحدق بالجميع، وقد كانت هذه الرسالة دحضاً للشائعات التى تم الترويج لها عبر القوى الداعمة للإرهاب فى مصر والمنطقة، سواء إقليمية أو دولية.

وقد وجه رسالة لأصدقاء مصر الدوليين، أكد خلالها أن ترجمة معانى الصداقة الحقة تكون فى شكل استثمارات مشتركة تحقق المنافع المتبادلة لكل الأطراف، وقد نبه إلى أن مصر تمثل وحدها ربع تعداد سكان منطقة الشرق الأوسط، والاستثمار فيها هو استثمار فى استقرار المنطقة بأسرها، خاصة أنها دولة شابة فتية تمتلك طاقات فكرية وإبداعية قادرة على أحداث التنمية الشاملة، التى تساهم فى بناء دولة عصرية تعد نموذجًا يحتذى به للحضارة العربية الإسلامية، التى تنبذ العنف والإرهاب والتطرف، فمن أراد أن يحارب العنف والإرهاب والتطرف فليستثمر فى هذا البلد، لأن الاستثمار فيه، يعزز الإستقرار والأمن الإقليمى، ومن ثم الإستقرار والأمن الدولى، فمصر دولة تحترم الجوار، وتدافع ولا تعتدى، وتقبل الآخر وتحترمه، وتعتبر الاختلاف وسيلة للتعارف، وإثراءً للحضارة الإنسانية . ولمن لا يدرك ذلك عليه النظر فى التاريخ، فسيجد شعب مصر هو خط الدفاع الأول ضد كافة الأخطار التى أحدقت بالمنطقة . وعلى من يتشكك فى ثورة 30 يونيو، ولا يزال يعدها انقلاباً، أن ينظر إلى الشعب المصرى، ومدى ما بلغه من وعى، ومن تحمل للمسئولية، فعندما وجد الشعب أن هويته قد أضحت على المحك، هب معلنًا تمسكه بها، وتفانى فى الدفاع عنها. ولا أدل على ذلك من تحمله لقرارات اقتصادية صعبة ومؤلمة كان لزاماً أن يتم اتخاذها لتوفير واقع اقتصادى أفضل . وقد أفصح السيسى عن توجه الاقتصاد المصرى، حتى يبدد عملية الإسقاط التاريخى على الحقبة الناصرية فى جانبها الاقتصادى، أو إسقاط التأويلات الخاطئة للبعض على العلاقات الناشئة بين مصر والكتلة الشرقية من العالم، فذهب إلى تأكيد أن الاقتصاد المصرى يقوم على رؤية واضحة وتوجه حر بدعم اقتصاد السوق الذى يؤمن بدور القطاع الخاص فى سياق بيئة اقتصادية مستقرة، حيث وضعت مصر استراتيجية للتنمية المستدامة منهجها التخطيط بمشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدنى، تهدف إلى بناء مجتمع حديث قوامه الإنتاج والإنفتاح على العالم.

إن عبقرية الموقع الجغرافى الذى تحدث عنه جمال حمدان والعمق الحضارى جعلت من شبكة العلاقات المصرية مترامية الأطراف، فهى نافذة العالم على العالم العربى، وهى بوابة العالم لأفريقيا، وطريقًا للعالم نحو أوروبا، وهذا يرسى إطارًا مشتركاً للجميع للمشاركة فى بناء مصر . أما رسائل العالم إلى مصر، فقد تبدت واضحة جلية فى الوقفات الجادة والحاسمة للأشقاء العرب، فبعيداً عن الجانب الاقتصادى، أكد ولى العهد السعودى إدانة المملكة لما تشهده مصر من حوادث إرهابية، وقد دعا المجتمع الدولى إلى الوقوف إلى جانب مصر، لتثبيت الأمن والإستقرار لشعبها، مؤكدًا إدانته للإرهاب وازدواجية المعايير فى التعامل معه، وهذا يعد رداً بليغاً على ما تردد من إشاعات حول الموقف السعودى بعد وفاة الملك عبدالله رحمه الله . وجاءت كلمة أمير الكويت مؤكدة دعم الكويت لشعب مصر وقيادته الرشيدة . ثم جاءت كلمة الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات، ورئيس مجلس الوزراء، وحاكم دبى، لتعبر بحق عن مكانة مصر ودورها، حيث قال: "أن التاريخ يعلمنا بأن مصر عندما تكون قوية فإنها قادرة على بث الحياة فى الأمة وتجديد نهضتها وقيادة مسيرتها".

وفى كلمته رد بليغ على من حاول تقزيم مصر ودورها ثم أكد: "أن الوقوف مع مصر الحاضر هو بث الروح فى مستقبل الأمة، وما نضعه فى مصر اليوم هو استثمار فى استقرار المنطقة سنراه فى الغد القريب"، وأضاف: "أن الوقوف مع مصر ليس كرهًا فى أحد بل هو حب فى شعبها، وهو واجب فى حقها واستثمار فى مستقبل مستقر لأمتنا العربية".

إنه الوعى الحاكم لهذه العلاقات، فالكراهية حالة طارئة، والحب وضع دائم، والعلاقة بمصر هى علاقة الحب لشعبها . ثم جاءت كلمتى ايطاليا واسبانياـ الحماسيتين ـ لتعكسا الحجم الحقيقى لمصر فى عيون الآخرين، وموقف الدول الغربية من الإرهاب الذى يضرب مصر . وقد عكست تلك المواقف مدى المأزق الذى وجدت أمريكا نفسها غارقة فيه، وأنها لزامًا عليها أن تلف وتعود من تلك الحارة الضيقة التى دخلت فيها . إن ما حدث فى مصر هذه الأيام، وهى من الأيام التى دخلت بوابة التاريخ ـ يفصح بلا مواربة، عن وقوف دول العالم إلى جانب مصر، ولم يتبق إلا أن يقف أبناء مصر مع مصر، فهل هم فاعلون؟.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة