بعد ترجمته الرواية..

أسامة جاد: رواية "أسنان بيضاء" لـ"زادى سميث" عن الهوية وصراع الثقافات

الجمعة، 27 فبراير 2015 06:18 م
أسامة جاد:  رواية "أسنان بيضاء" لـ"زادى سميث" عن الهوية وصراع الثقافات الكاتب والشاعر والمترجم أسامة جاد
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتهى الكاتب والشاعر والمترجم أسامة جاد من ترجمة رواية "أسنان بيضاء" لـ"زادى سميث"، وأكد أن واحد من أكثر الأسئلة إثارة للفضول والدهشة فى أيامنا هذه هو: كيف يتحول مطرب راب ألمانى شاب، مثلا، إلى عضو فاعل فى تنظيم "الدولة الإسلامية فى العراق والشام" (داعش)؟ أو كيف يسعى مراهق بريطانى إلى الهرب عبر الحدود للانضمام إلى هذا الكيان المتطرف؟ أو كيف يمكن لشاب أمريكى أن يعبر الحدود إلى كندا لكى يحمل سلاحا ويقتل به أبناء جلدته؟ ولماذا كان منفذو عملية شارل إبدو فرنسيين، لا عربا أو شرق آسيويين؟

وأضاف أسامة جاد، أن التأمل فى القصص التى تتناقلها وسائل الميديا المتنوعة لمثل هذه الظواهر تتوالد أسئلة متنوعة أخرى، تتعلق بمشكلات الهجرة إلى أوروبا، وقضايا التعصب العرقى، والتكيف فى المجتمعات الفسيفسائية التى نجمت عن محاولات اندماج الأجيال الأولى التى عبرت المحيطات نحو الحلم بعالم جديد، وآمن، هناك فى الغرب؟ وكيف سقطت الأجيال التالية أسيرة بين الجذور، التى لم تعد سوى حكايات تختبئ فى داخل البيوت، فى اللقاءات الموسمية للأقارب من البلاد الأصلية، وبين الواقع اليومى المعيش فى الشارع والحى والمدرسة؟ هذه الأسئلة حول التكيف والتقبل والعنصرية والتطرف، ليس لدى المسلمين فحسب، بل لدى الأعراق والإثنيات المتنوعة التى تشاركت جميعها حلم الجنة الأرضية، ولم تتخلص تماما من جذور نقمتها وعدائها القديم تجاه الفترة الاستعمارية التى لم تنته آثارها فى العالم بعد.

وأكد أسامة أن كل هذه الأسئلة، المحتشدة بالغضب والكراهية والتطرف، اللونى والعرقى والديني، تشكل مركزيات رئيسة فى العمل الروائى البديع "أسنان بيضاء" للبريطانية زادى سميث، والذى كان عملها الأول الذى صدر فى عام 2001، والذى كان بداية استثنائية ذكرت الكثيرين برائعة مارى فينشلى "فرانكشتاين" التى صدرت فى سن التاسعة عشرة، بالإضافة إلى أسئلة العلم والدين والحب والجمال.
والرواية تتأمل الحركات العنيفة من شهود يهوه الذين يحلمون بدمار العالم وأمطار الكبريت المصهور على العصاة، إلى جماعات التطرف الإسلامى التى ترى كل المجتمعات علمانية كافرة، إلى التطرف العلمى الموغل فى محاولات استغلال فكرة الهندسة الوراثية لتعديل "أخطاء" الوجود البشرى، وصولا إلى تطرف جماعات الدفاع عن حقوق الحيوانات تدور الأحداث فى سياق محبوك ببراعة، وخفة ظل، تجعل الرواية عملا استثنائيا على أكثر من مستوى، البناء الكلى، والشخصيات التى تكاد تخرج من صفحات الرواية الضخمة (تتجاوز الـ850 صفحة فى ترجمتها) لكى نراها حية ونعرفها على التقريب، فى الشارع، ومحطة المترو، والمواصلات العامة؛ شخصيات من لحم ودم، نعرفها، ونتذكرها، ويفاجئنا بدهشة هائلة أنها، وإن ظنناها شخصيات من الهامش، مركزية جدا ومؤثرة جدا، وإن ظننا وظنت تلك الشخصيات، العكس.

وتابع أسامة، أن الرواية تنطلق من محاولة متأخرة لانتحار آرشيبالد جونز، البريطانى البسيط، الذى لا يتذكر أحد متى ولد والده على التحديد، بعد فشل زواجه (آرشى) من إيطالية مصابة بالجنون المتوارث فى العائلة (ولم يخبر أحد آرشى أن شجرة عائلة آل دياجيلو تضم عمتين مصابتين بالهستيريا، وعمًّا يكلم الباذنجان، وابن عم يرتدى قمصانه بالمقلوب)، فى صبيحة أول يوم من العام الجديد، لكى يتعرف مصادفة بعدها من كلارا بودين، الجامايكية التى تنتمى إلى طائفة شهود يهوه، والتى كانت هى الأخرى تنتظر نهاية العالم فى الليلة السابقة، ويتزوجا بعد ستة أسابيع.

سوف نعرف بعد قليل أن آرشيبالد (47 عاما) كان زميلا فى الحرب العالمية الثانية لمهاجر آخر إلى بريطانيا، هذه المرة من شعب بنجلاديش، شرق باكستان سابقا، الهند سابقا، البنجال سابقا. الذين يعيشون تحت إصبع غير مرئية للكوارث العشوائية، من الفيضانات والأعاصير، والأعاصير والانهيارات الطينية. تقبع نصف بلدهم لنصف الوقت تحت الماء، أجيال تم محوها بشكل منتظم تماما على مدار الساعة، صمد مياه إقبال، الذى يشكل هو وزوجته ألسانا العائلة الوحيدة التى تربطها بأسرة جونز علاقة صداقة، كجزيرتين منفصلتين فى الفضاء البريطانى المتحفظ جدا حد العداء تجاه مسألة الهجرة وتجاه المهاجرين (فكلارا قد انفصلت عن أمها هورتنس بودين، التى رأت أنها تزوجت من كافر بتقاليد كنيسة الشهود، وهو فوق ذلك أبيض، فيما تهرب أهل وأصدقاء آرشى من حضور حفل زفافه من كلارا السوداء، ما أثار دهشتهم ودهشة زملائه فى العمل، ويعيش صمد وألسانا التناقض المستمر بين الجذور والواقع الجديد، ما بين صفقات صمد مع الرب، وهروب ألسانا من قدر البنجاليين التاريخى الذى يدفعهم إلى التشبث خفيفا بالحياة).


التونسى كمال الرياحى يتلقى تهديدات بالقتل.. ويعلق: سنحاربهم بالتنوير








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة