التخلى عن دعم المسلحين شرط لنجاح الحوار بليبيا

الثلاثاء، 24 فبراير 2015 07:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يثبت أن مصر طالبت المجتمع الدولى بالاكتفاء بالحل العسكرى أمام الوضع المتأزم فى ليبيا، بل إن مصر منذ فترة وهى تطالب المجتمع الدولى بتحمل ما اقترفه حينما تدخل عسكرياً فى ليبيا لإزاحة حكم القذافى دون أن يكون لديهم رؤية سياسية مستقبلية، وبالتالى فإن مصر التى تدافع عن الحلول السياسية لن تكون أبداً متبنيه للتوجه العسكرى، خاصة أذا كان خارجياً. كل ما تطالب به مصر هو دعم السلطة الشرعية فى ليبيا، الممثلة فى البرلمان والحكومة الموجودة حالياً لظروف مؤقتة فى مدينة طبرق، ويكون هذا الدعم من خلال عدة سيناريوهات أهمها رفع الحظر الدولى عن تسليح الجيش والشرطة الليبية، فضلاً عن الضغط على الدول التى تدعم الميليشيات المسلحة فى غرب ليبيا لكى توقف هذا الدعم، لكى ينخرط الجميع فى عملية سياسية تشمل مستقبل وحاضر ليبيا.

هذه هى الرؤية المصرية بكل وضوح، ولا تقلل منها الضربة العسكرية التى وجهتها القوات الجوية المصرية ضد معاقل داعش داخل الأراضى الليبية، لأنها كانت ضرورية ولا تعبر عن توجه مصرى نحو عسكرة الحل الليبيى، فخيار العسكرة مستبعد تماماً من جانب القاهرة، لكن هذه الضربة فرضتها الظروف القاهرة التى دفعت القيادة السياسية فى مصر لكى تعتمد هذه الضربة لملاحقة الإرهابيين الذين قاموا بذبح شهدائنا على شواطئ مدينة سرت الليبية، كما أن القاهرة حينما دعت التحالف الدولى ليضم مواقع داعش فى ليبيا ضمن خططه للقضاء على التنظيم الإرهابى، فإنها لا تهدف إلى التدخل العسكرى فى الجارة الغربية لمصر، بل أنها ترغب فى حشد المجتمع الدولى لمحاربة الأرهاب فى كل بقاع الأرض، فالإرهاب ليس قاصراً على العراق وسوريا فقط، وإنما موجود عبر داعش وأنصار الشريعة فى ليبيا وتونس، وبوكو حرام فى نيجيريا، والإخوان فى مصر، وبالتالى فإن أى جهد دولى لمحاربة الإرهاب لن يكتب له النجاح إذا لم يشمل جميع المنظمات الأرهابية، خاصة التى كانت أيديلوجيتها هى المنبع الذى يرتوى منه الأرهابيون فى المنطقة، والمقصود هنا بالطبع جماعة الإخوان.

الخيار السياسى هو بالأساس توجه تدعمه القاهرة، لكن اذا ما نظرنا إلى هذا الخيار سنجد أنه يكتنفه بعض الصعوبات، فالمجتمع الدولى يواجه حاليا مهمة صعبة للتوصل إلى حل سياسى فى ليبيا التى تعيش فى حالة فوضى على جميع الأصعدة، فليبيا تعانى من تدهور مستمر للوضع الأمنى منذ الإطاحة بالقذافى فى 2011 بمساعدة الناتو، ما أدى إلى دعوات تطلب رفع الحظر على السلاح لعل ذلك يساعد الحكومة المعترف بها دوليا على استعادة بعض السيطرة، لأنه فى هذه الحالة سنكون أمام حكومة قوية تستطيع أن تقود التفاوض.

نعم الحوار هو الحل للوضع المتأزم فى ليبيا، لكن على أى قاعدة، هل بفرض الإخوان بالقوة أم بتسريح الميليشيات المسلحة أو استيعابها، وهل من الممكن أن يشمل الحوار عنصرا خاصا بجمع كل السلاح الليبى فى يد الجيش الوطنى الذى يجب أن يخضع لخطط تدريبية وتأهيلية عالية المستوى، هذه أسئلة مهمة يجب على المجتمع الدولى الإجابة عنها قبل الولوج فى أى حوار، حتى لا يتحول إلى حوار طرشان. فليس معقولاً أن ينطلق أى حوار ونتوقع نجاحه فى ظل انتشار السلاح بشكل فوضوى فى ليبيا، حيث تتقاتل ميليشيات عدة للسيطرة على المدن المهمة وحقول البترول، والمعروف أن هذه الاسلحة تصل للميليشيات من دول يعتبرها البعض قائدة لعملية الحوار مثل تركيا وقطر، وهو ما يؤشر على أن هذا الحوار إذا ما انطلق بالفعل وفق تمنيات المبعوث الأممى برناردو ليون سيكون فى اتجاه واحد وهو تمكين الإخوان من السلطة. هذه بعض النقاط المهمة المتعلقة بالحوار الذى تدعو له الولايات المتحدة ومعها القوى الكبرى، لكن هذه القوى مازالت تغفل حقيقة أن الوضع متأزم ويحتاج لأن تتخلى كل دولة عن أجندتها الخاصة فى ليبيا، وأن تتخلى عن دعم الميليشيات المسلحة، لأنه طالما بقى هذا الدعم فستكون الميليشيات المسلحة هى المتحكمة فى الوضع على الأراضى الليبية، وستتحول ليبيا إلى صومال آخر، وهو ما لن ترضاه القاهرة وسيكون لها مواقف أخرى للحفاظ على الأمن القومى المصرى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة