وائل السمرى

2 مليون فدائى

الأحد، 15 فبراير 2015 08:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتهى معرض القاهرة الدولى للكتاب، ويجب هنا ألا نترك هذه المناسبة دون أن نتأمل فيما جرى فى هذا المعرض «التاريخى» من تخطى حدود التوقع، وإن شئت قل تخطى حدود «الأحلام».
2 مليون زائر لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، هو الرقم الأكبر بحسب معلوماتى لعدد زوار المعرض، والأروع من هذا هو أن هؤلاء «الزوار» تحملوا فى سبيل وصولهم إلى معرض الكتاب الكثير من التحديات، بما لا يجعلهم زوارا فحسب، وإنما «فدائيين»، بكل ما تحمله الكلمة من معان، فلا يخفى على أحد ما نمر به من اضطراب أمنى، ولا يخفى على أحد كذلك ما يعانيه المواطن المصرى من ترد فى الأوضاع الاقتصادية، كما أن هناك الكثير من الأيام التى ساءت فيها الأحوال الجوية بشكل كبير، غير أن المصريين لم يعبئوا بمثل هذه التحديات، ومضوا نحو الثقافة لا يرهبهم إرهاب، ولا يقصيهم فقر أو اضطراب.
يثبت مصر الكتاب هذا العام أن المصريين يعيشون حالة «جوع ثقافى» جميل، والجوع إلى المعرفة ينبئ بأن بنية مصر الثقافية تتغير، وأن الثقافة دخلت إلى قائمة أولويات المصريين، وليس أدل على هذا من مشهد الطوابير المتراصة أمام معرض الكتاب، ونحن الذين لم نعتد رؤية هذه الطوابير سوى أمام أفران الخبز أو مستودعات أنابيب الغاز.
لا ينبغى هنا أن نغفل بعض العوامل التى أسهمت فى تنامى عدد زوار معرض الكتاب بهذا الشكل المبهر، فقد أسهم تشغيل مترو الأنفاق بشكل كبير فى تيسير زيارة المصريين للمعرض، كما أن الجهد التنظيمى المبذول من جانب هيئة الكتاب أسهم بشكل كبير فى تيسير زيارة المعرض على الزائرين، وقلل من حالة «التوهان» التى عانى منها زوار المعرض فيما مضى.
والمبهج هنا ليس عدد زوار المعرض فحسب بل أيضا أرقام مبيعات الكتب، فحينما تعلن هيئة الكتاب أن المبيعات تجاوزت المليون جنيه، فهذا يعنى أن مبيعات الكتب بشكل عام ارتفعت بشكل غير مسبوق، وهو ما أكده لى بعض أصحاب دور النشر، وهنا أذكر حديثا دار بينى وأحد وزراء الثقافة السابقين، فقد اشتكى لى هذا الوزير من ضعف إقبال الناس على الثقافة والفن، فقلت له إن هذا الأمر غير حقيقى بدليل تلك الجحافل من البشر التى تذهب كل عام إلى معرض الكتاب ومحكى القلعة، وهو ما يؤكد أن الشعب المصرى راغب فى الثقافة حتى النخاع بشرط تقديمها إليهم بالشكل المناسب.
كل ما أتمناه أن تنتبه الدولة إلى حالة «الجوع الثقافى» هذه، وأن تحاول أن يسد هذا الجوع بما يدعم الوطن وينمى المواطن، وأن تيسر الثقافة على المواطنين بالشكل اللائق، وأن تعرف أن صناعة مثقف يغنيها عن قتل «إرهابى».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة