يبدو أن الآفات باتت تعود من جديد ولا شىء يتغير.. منذ أكثر من 15 سنة مضت شهدت الدراما المصرية انهيارًا كبيرًا فى مقابل تفوق واضح للدراما السورية، وقتها صرخ الكثير من المبدعين مطالبين بضرورة إعادة صياغة مفردات العملية الإبداعية، وآلية الكتابة، والطريقة التى يتعاطى بها النجوم مع كتاب السيناريو سواء فى السينما أو الدراما، حيث كان كل نجم يحقق النسبة الأعلى من الإعلانات يبحث عن كاتب ملاكى يفصل له السيناريو كيفما أراد، وكثيرا ما كنا نسمع قصصا تروى وتتناقل عن المؤلف الذى دخل الكتابة عن طريق النجمة الفلانية، وكيف أنه يجلس تحت قدميها فى موقع التصوير «يشيل ويحذف ويضيف على مزاج النجمة»، وأيضا النجم الذى يشترط أن يظهر من الجلدة للجلدة بعيدا عن منطق الدراما أو تطور الشخصيات المدروس، أو منطقية الأحداث.
كان رضا النجم أو النجمة هو الأهم حتى يستمر الكاتب فى أكل عيشه ويحافظ على مهنته، وكلما كانت قدرة الكاتب على التفصيل محكمة وترضى طموحات النجم أو النجمة كان ذلك يعنى ضمان استمرار هذا الكاتب أو ذاك فى بؤرة الأضواء، ليس ذلك فقط بل كان من الطبيعى أن يخرج علينا النجوم من أصحاب السيناريوهات التفصيل ليشيدوا بعبقرية هذا الكاتب، ومدى قدرته على صياغة أعمال محكمة تليق بنجومية عاشقى التفصيل.. وكم سمعنا عن خناقات وخلافات بين نجوم وآخرين يشاركونهم الأعمال لحذف مشاهد لآخرين أخذوا الأضواء من أصحاب الأعمال ظاهرة «ترزجية الدراما»، والتى أصابت الدراما المصرية فى مقتل وحاربها كبار الكتاب وحذروا منها، بل إن بعضهم خرج صراحة ليؤكد أن جيل الترزجية لو استمر ستنهار الدراما المصرية، ومن بعدها ظهر جيل جديد من الكتاب والمخرجين الذين جاءوا من السينما إلى الدراما وفرضوا قوانين جديدة وارتقوا بصناعة الدراما على مستوى الصورة والصياغة الدرامية، ولكن كالعادة «ريما يجب أن تعود لعادتها القديمة»، ظهرت القنوات التى تتصارع على النجوم واشتدت المنافسة فى ظل سوق إعلانية شرسة، وقنوات عربية تمنح الملايين لنجوم «لسه عضمهم طرى»، وبالطبع لأن هؤلاء النجوم أو من يعتقدون أنهم نجوم يجلسون ليضعوا قدما على قدم ويشترطون على كتاب السيناريو، بل يملون أفكارهم ورؤاهم الدرامية الفذة، منهم نجمة شابة أغمضت عينها وفتحتها لتجد أن أجرها ارتفع بقدرة قادر لـ15 مليون جنيه!! إذن لماذا لا تبحث عن كاتب ملاكى يرضى طموحها؟، وغيرها أصلا من النجوم الجدد والذين لا يدركون من معانى النجومية سوى الفلوس الكتير والشهرة.. لا يعنيهم أن تكون خطواتهم محسوبة ومدروسة، لا يفكرون فى البناء أو أن تكون خطواتهم راسخة، لأن الطفرات غير المنطقية دائما ما تنتج أشباه نجوم، وأعمالا لا يذكرها التاريخ، ولكم فى النجم الكبير يحيى الفخرانى أسوة حسنة ليس هو بالأعلى أجرًا، ولكنه صاحب الصوت الأعلى والصورة الأكثر حقيقية ورونقا فى الدراما.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة