شهد سوق صرف العملات الأجنبية خلال الأيام القليلة الماضية، عدة إجراءات هامة لإعادة تنظيم طرح عطاءات – مزادات – الدولار للبنوك، وسط حالة من الارتباك فى السوق نظرًا لعدم الإعلان الرسمى عن تلك التعديلات إلا عبر عطاء يوم الخميس الماضى مع تمهيدات لتلك التعديلات خلال عطاء الثلاثاء الماضى.
وتشمل التعديلات التى تمت على عطاءات العملة الصعبة التى أخطر بها البنك المركزى المصرى البنوك التى تتعامل عبر تلك الآلية، منهجية مستحدثة للعطاءات الدولارية حيث يتم تخصيصها للبنوك بناءا على مدى فعالية البنوك فى توفير النقد الأجنبى للسوق المحلى وذلك من خلال تقييم العوامل التى تتمثل فى التسهيلات الائتمانية بالعملة الأجنبية الممنوحة لعملاء تلك البنوك لتغطية احتياجاتهم من النقد الأجنبى، واتساع نطاق تغطية البنوك للنقد الأجنبى لتشمل أكبر عدد من العملاء وخاصة صغار العملاء، ومرونة البنك فى تلبية الطلبات باتخاذ مراكز للعملة فى الحدود المصرح بها فى التعليمات الرقابية ويشدد البنك المركزى على توجيه الأولوية لتغطية السلع الأساسية.
وتعد أبرز التحديات التى يواجهها البنك المركزى خلال الفترة القادمة، لتلبية احتياجات المستوردين من العملة يتمثل فى ضخ الدولار فى عطاء استثنائى أعلن عنه طارق عامر، خلال اجتماعه مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، قبل أيام، وسط تساؤلات عن مصادر تلك السيولة الدولارية فى ظل أن الاحتياطى يكفى لـ3 أشهر بأرصدة تقدر بـ16.4 مليار دولار بنهاية شهر نوفمبر الماضى.
إلى جانب إعادة النظر فى قرار سقف الإيداع الدولارى النقدى الذى وضعه محافظ البنك المركزى السابق فى فبراير الماضى بـ10 آلاف دولار يوميًا، بحد أقصى 50 ألف دولار شهريًا، ويتطلب ذلك رفع هذا الحد إلى نحو 100 ألف دولار شهريًا، وهو المتوقع خلال الشهر الجارى.
وتشمل قائمة السلع الأساسية والتموينية والاستراتيجية والمواد الخام التى لها الأولوية فى تدبير العملة الصعبة لاستيرادها، وهى القائمة التى وضعها البنك المركزى المصرى لترشيد استخدامات النقد الأجنبى، وتضم الشاى واللحوم والدواجن والأسماك والقمح والزيت واللبن – بودرة - ولبن أطفال والفول والعدس والزبدة، والذرة والآلات ومعدات الإنتاج وقطع الغيار، والسلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج والخامات، والأدوية والأمصال والكيماويات.
وتعمل البنوك على تنمية مواردها الدولارية الذاتية من عمليات تنازلات العملاء عن العملة والإيداعات فى الأوعية الإدخارية بالعملات الأجنبية الرئيسية، بالإضافة إلى أرصدة البنوك الدولارية الناتجة عن العمليات المصرفية المختلفة، ثم تلجأ لعطاء البنك المركزى المصرى الذى يجرى 3 مرات أسبوعيًا لتدبير حصة محددة هامة لتقليل الفجوة بين الطلب على العملات وحجم المعروض الذى تعمل على تدبيره.
ويسعى البنك الأهلى المصرى أكبر البنوك المكونة لنسيج القطاع المصرفى المصرى، وبنك مصر ثانى أكبر البنوك العاملة فى السوق المحلية إلى تعزيز موارد العملة الصعبة عبر الاقتراض من الأسوق الدولية سواء بإصدار سندات أو القروض المقدمة من تحالفات مصرية، ودخل بنك مصر بالفعل فى مراحل نهائية من اقتراض 250 مليون دولار، يوقع عقدها خلال أيام، وأجل البنك الأهلى المصرى إصدار سندات دولارية دولية بقيمة تصل لنحو 600 مليون دولار، لحين استقرار الاقتصاد العالمى وأسواق المال الدولية، إلى جانب سعى بنك القاهرة أيضًا إلى اقتراض نحو 200 مليون دولار، ومازال فى مرحلة المفاوضات حتى الآن.
وآلية العرض والطلب فى سوق الصرف أساس عمل البنك المركزى المصرى فى السيطرة على سعر العملات المختلفة خاصة الرئيسية منها وهى الدولار الأمريكى واليورو والجنيه الإسترلينى والعملات التى تشهد طلبًا موسميًا هامًا مثل الريال السعودى فى موسمى الحج والعمرة.
والبنك المركزى المصرى يلتزم بتوفير الدولار لتلبية السلع الأساسية والاستراتيجية كالمواد الغذائية والأدوية والمواد الخام التى تدخل فى الصناعية وغيرها، واحتياجات هيئة السلع التموينية والبترول، وهو ما دفعه لتدشين آلية العطاءات الدولارية والتى تعمل على توفير الدولار للبنوك، وهى سياسة تستهدف ترشيد استخدمات العملة الصعبة مع تراجع مواردها الأساسية وهى قطاعات السياحة والاستثمارات والصادرات، وتتمثل فى طرح 3 عطاءات دولارية أسبوعيًا بنحو 120 مليون دولار وإجمالى نحو 480 مليون دولار شهريًا للبنوك العاملة فى السوق المحلية.
وحال القضاء تمامًا على تلك السوق الموازية عبر الإجراءات المرتقبة والتحركات الحالية لـ طارق عامر، فإن جزء كبير من الموارد الدولارية يعود إلى النظام المصرفى الرسمى ويعزز أرصدة البنوك من العملة الصعبة.
ويكمن جزء من الحل فى تدخل البنك المركزى بإجراءات خاصة بطرح عطاء استثنائى جديد يروى به عطش السوق، ويعمل على تلبية الطلبات المعلقة على العملة.
وتتمثل مصادر العملة الصعبة ذات الأهمية للبلاد، فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإيرادات قطاع السياحة ورسوم عبور قناة السويس، وتحويلات العاملين المصريين بالخارج، وإيرادات الصادرات، وبعض تلك القطاعات تأثرت بالفعل على مدار السنوات الـ5 الماضية نتيجة الاضطرابات، خاصة قطاعى الاستثمارات والسياحة.
واتخذ هشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى يوم 4 فبراير 2015، عدة إجراءات فنية لضبط سوق الصرف أهمها وضع حد أقصى للإيداع النقدى "كاش" بالدولار الأمريكى، بحد أقصى 10 آلاف دولار يوميًا من الأفراد والشركات، وإجمالى إيداعات شهرية بحد أقصى 50 ألف دولار "كاش" بالبنوك العاملة بالسوق المصرية، أتاحت القضاء نهائيًا على تعاملات السوق السوداء فى اليوم التالى لتنفيذ هذا القرار، وعاودت النشاط مرة أخرى بعدها بعدة شهور، وسط شكاوى من المستوردين نتيجة قلة المعروض من العملة الخضراء.
هل تنجح خطة البنك المركزى لإعادة تنظيم سوق الصرف فى توفير الدولار والقضاء على السوق السوداء؟.. عطاء استثنائى مرتقب يقضى على قوائم انتظار استيراد السلع.. ورفع سقف الإيداع الدولارى أبرز التحديات
الجمعة، 04 ديسمبر 2015 05:40 م
طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة