أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد الغيطى

منير.. مغنى العام وأيقونة كل الأجيال

الأربعاء، 30 ديسمبر 2015 10:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سألنى المذيع الكويتى المعروف محمد الملا: من هو مطرب العام من وجهة نظرك؟، قلت بلا تردد أو تفكير: «ودى عاوزة كلام الكينج محمد منير طبعا، ومش بس السنة دى، بل كل سنة»، سألنى عن السبب، فقلت: «الجواب يحتاج حلقات ومجلدات»، محمد منير قصة شعب، أو كما لخص نفسه فى أغنيته مشوار اسمه حياة، منير هو أيقونة جيلنا وكل الأجيال، منير عشقه جيلى، ومنحه صك التعبير عن تمرده وثورته وكلمته، ثم عشقه جيل ابنتى والأصغر منها، بل وجد النشء الصاعد فى موسيقاه وكلماته وطريقته فى الأداء وحركاته تعبيرا عنهم، وعن زمانهم وهذه عبقرية وتفرد وموهبة منير العابرة للأجيال والأزمان، والغريب أن كل جيل يراه ملكا له وكل فرد يراه معبرا عنه، وهذه منحة ربانية لا تتوفر إلا فى قلة من الموهوبين عبر التاريخ، ربما لا تتحرك إلا كل عدة عقود، ولأننى لا أقتنع بناقد لعلم الغناء إلا الراحل العظيم كمال النجمى، فقد سألته ذات يوم: «ما معايير المغنى المنفرد أو الفلته أو الذى لا يتكرر؟»، فقال: «المغنى صاحب المشروع الفكرى أو الفنى أو الوطنى»، وضرب مثلا بأم كلثوم، والعندليب، وفيروز، فقلت له: «أتصور محمد منير صاحب مشروع»، فقال: «سنرى». كان ذلك فى الثمانينيات، وكنت طالبا فى كلية الإعلام، وحاولت أن أدعو منير لحفل بالجامعة، وفشلت، اعتقد أن الحرس الجامعى رفض، وفوجئت أن منير سيغنى فى نادٍ على النيل بالمنيل، وزحفنا آلافا من جامعة القاهرة، وأقمنا قبل بداية الحفل بساعات، وفى اليوم التالى جمعتنا جلسة بالصحفى العظيم الراحل محمود عوض، وقال: «الحفلة دى بداية ظاهرة اسمها محمد منير»، وكانت أغنيات «الليلة يا سمرة، وشبابيك، ثورة شبابية»، وقتها وتتردد من حجرات الطلبة بصوت عال فى المدينة الجامعية المواجهة لجامعة القاهرة.

والحقيقة أن منير كان ولا يزال تعبيرا عن مشروع وطنى وفكرى متكامل يتمحور حول الحرية والعدل والإنسانية والتسامح والحب، حتى مفهومه عن الحب معناه يتسم بالنبل والكرامة والرقى والرومانسية الصوفية التى تسمو بالعاطفة لآفاق لا يدركها إلا العاشق الحقيقى الواصل لمدارك ومستويات فوق الخيال العادى أو المألوف، لذلك انظر للكلمة عند منير وهو يغنى مفردات لا يمكن أن يغنيها مطرب غيره، بل لا يجرؤ أصلا، و منير منذ وقت مبكّر صادق كبار المفكرين، وقرأ لهم، ويستطعم القصيدة، ويغنى الصورة الشعرية، فيزلزلك، فى آخر أغانيه يتجسد معنى يدور داخل كل مصرى الآن، ماذا قدم لنا الوطن خصوصا بعد ثورتين؟ يقول: «فكرت يوم اهرب بعيد وبعدت/لقيت نفسى بتوه فى وحدتى وهمى/ لفيت بلاد والهم زاد فرجعت/ وما نابنى غير إنى اتحرق دمى/ يا حبيبتى ما انتى السبب فى اللى وصلناله/ اللى يدوق الملل البعد يحلاله/ واللى عاوز يجرحك تلاقيكى رايحاله/ دانتى عليكى العجب وأنا منك اتعلمت/ أنا من زمان حبيت وقلبى اتشد/ كان نفسى مرة فى يوم تحسى وتحنى/ وفى بعدى عنك قلبى قال إجمد/ ملقيتش غير صورتك قدام عينى/ يا حبيبتى ما أنتى السبب فى اللى وصلناله/ اللى يدوق الملل البعد يحلاله/ واللى عاوز يجرحك تلاقيكى رايحاله.. دانتى عليكى العجب وأنا منك اتعلمت).

ثم هو قبل ذلك أول مغنٍ بعد سيد درويش يجمع رسالة الأديان فى أغنية، وهى «مدد يا رسول الله»، وهى رسالة للإنسانية يقول «أقسمت بالفرقان وبسورة الإنسان، العدل فى الميزان، لكل خلق الله/ أقسمت بالإسراء وبراءة العذراء الدم كله سواء حرام بإذن الله»، ولذلك عندما رأيته فى الأوبرا يجسد فكرة المولد والميلاد، ويوقع باسمه ويغنى الأغنيتين السالفتين، قلت لنفسى هذا هو منير القيمة والقامة، ولذلك استحق لقب الكينج، ومغنى الشعب هذا العام، وكل عام. منير أحد الأسباب القوية التى تجعلك تعشق مصر، لأن بها منير، كل سنة وصوتك لا يغيب.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة