ناجح إبراهيم

القتل بالوظيفة.. جريمة العصر

الخميس، 03 ديسمبر 2015 08:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
القتل بالوظيفة لم يعرفه الإسلام طوال عصوره فلا يمكن قتل إنسان «أى إنسان» لمجرد وظيفته، ولا يمكن إهدار روح إنسان لمجرد وظيفته ولا يمكن هدم الكيان البشرى الذى خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه واستخلفه على أرضه وحمله أعظم التكاليف هكذا بهذه البساطة، ولكن دواعش سيناء وكل الدواعش اخترعوا القتل بالوظيفة، فإذا رأوا ضابطاً فى الشرطة أو الجيش أو أمين شرطة يلبس الزى العسكرى أمطروه بوابل من الرصاص، دون أن يعرفوا عنه شيئاً، أو يعرفوا أى مبرر لقتله، ولا يعرفوا تدينه وصلاحه أو غير ذلك، ودون أى صلة سابقة تربطهم به، وهذا والله من أسوأ أنواع القتل وأحطه، ويلحق بهذا النوع قتل القضاة فهل يعقل أن يقوم قاتل بقتل قاض لا يعرف اسمه ولا رسمه ولا أى شىء عنه لمجرد الخصومة السياسية أو الفكرية مع آخرين، وهل قتل الناس أصبح سهلا ميسوراً هكذا.

قد يقول بعض هؤلاء ألم تسمع عن القاضى الذى حكم على خمسمائة بالإعدام مرة واحدة وفى الجلسات الافتتاحية للمحاكمة؟ فأقول له: القضاء يصحح نفسه بنفسه، ويصوب نفسه بنفسه، ولديه آليات محكمة للمراجعة والتصحيح للأحكام، فإن أخطأ قاض فخطؤه خطأ اجتهاد وليس خطأ هوى وعناد، وقابل للتصحيح عبر الآليات القانونية، فهناك الاستئناف والنقض، وهناك استطلاع رأى المفتى، وهناك العفو الرئاسى وكلها مراحل تتلو مراحل للتصحيح، وفيها مراحل ملزمة قانوناً للنقض. أما الذين يقتلون بالوظيفة فهم الخصم والحكم والجلاد والكلمة كلمتهم والرصاصة رصاصتهم والغباء والقسوة والاغتيال مهنتهم، فلا مكان لتصويب ولا موضع لتصحيح، ولا قبول لمراجعة ومن يعترض من الأتباع «ينطرد» أو يقتل أو يصبح عميلاً خائناً، ثم ما ذنب هؤلاء القضاة إن فرضنا جدلاً إن أخطأ أحدهم ولم يصوب أو يصحح خطؤه.

إن أزمة تعميم الأحكام وتعميم العقاب أصبحت مستشرية الآن فى معظم شرائح المجتمع المصرى. ثم ألم تتعلم هذه الجماعات المسلحة من مغبة استهداف القضاء والقضاة والخصومة معهم؟! ألم تتعلم من درس قتل الخازندار فى الأربعينات الذى كان سبباً رئيسياً فى انهيار جماعة الإخوان ومقتل الشيخ البنا فى الأربعينيات؟ بالإضافة إلى مقتل النقراشى باشا؟ ألم تتعلم من تحول سياسة الحكومة المصرية إلى منتهى الشدة والقسوة وتنفيذ أحكام الإعدام بعد مقتل المستشار/هشام بركات «النائب العام السابق»، إن سياسة الدولة المصرية مع تحالف دعم الشرعية قبل اغتيال هشام بركات تختلف عما بعده.

يا قوم.. التعامل مع القضاء أسهل وأيسر من غيره، فإن اعتقدت أن هذا القاضى قسا عليك أو جار فى حكمه أو أخطأ فيه فيمكنك اللجوء إلى الآليات القانونية التى تمكنك من تعديله وتصويبه وتخفيفه، أما قتل القضاة أو مواجهتهم أو حصارهم أو التعدى عليهم الذى بدأ بعد ثورة 25 يناير فلم تجن منه مصر كلها سوى الخراب وعلى وجه الخصوص الحركات الإسلامية بكل أطيافها، سواءً التى فعلت ذلك أو شجعته أو حتى سكت عنه. وقد كان القضاة يناصرون كل قضايا الحريات والحركات الإسلامية ضد انتهاكات نظام مبارك فى أواخر عهده، وكان ينبغى على الجميع أن يحمد للقضاة ذلك ويخرجهم من أن يكونوا طرفاً من أطراف الصراع السياسى، ولكن قتلهم سيجرهم جراً للعداوة والخصومة مع جميع الإسلاميين، سواءً الأبرياء منهم أو المذنبين.

إن القتل بالوظيفة لا يختلف جرما وإثما عن القتل بالاسم أو القتل بالمذهب أو القتل بالجنسية أو بالعرق، وكلها أنواع بشعة من القتل تعد أكثر بشاعة وجرماً من القتل العادى، إذ إنها تبرر القتل وتؤدلجه وتنظر له وتشرعنه شرعنة فاجرة كاذبة مجرمة.اللهم ارحم كل نفس معصومة قتلت بغير حق.. وعوضها عن ذلك خيراً.. وانصرها على من ظلمها فى الدنيا وفى الآخرة.. اللهم احقن دماء الناس أجمعين.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة