كيف يبنى العالم الافتراضى نجوما ويهدمهم؟
إذا كانت مواقع التواصل هى بطل ونجم العام والأعوام الأخيرة بامتياز، فى عصر كانت الصورة هى التى تصنع الأبطال، وتهدمهم، فى مواقع التواصل والفضائيات، وكانت هذه الأدوات محل إشادة كلما ناصرت قضية أو انتصرت فى موقعة، لكنها كانت أيضا محل اتهام وجدل لكونها تصنع أبطالا من وهم، وصورا من فراغ تبيعها لجمهور بعضه ينتظر الحقيقة، وأكثر متعطش للنميمة، فهذه الأدوات التى ساندت مظلومين ونظمت حملات تضامن، هى نفسها التى نهشت أبرياء، أو ساهمت فى صنع «بلالين» فى السياسة والإعلام، حيث الأبطال من الباحثين عن نجومية أو بطولة، وهى بطولات لا علاقة لها ببطولات سابقة. من سنوات كان خبراء وعلماء المستقبليات يتوقعون تحولات فى شكل وممارسة السلطة، لم يعد هناك البطل التقليدى الذى تقوم بطولته على حقائق وأساطير ومبالغات، لكنه أصبح صورة يتم تصنيعها بمشاركة فردية أو بمؤسسات تصنع أبطالا من «فوتوشوب» حقيقى أو افتراضى، ليهل عصر البطل المؤقت، أو ما يمكن تسميته «بطل اليوم الواحد»، يظهر ويختفى ويتم تصنيعه من صور وكاميرات ومتقتطفات وقصص يتم بناؤها بعناية وخيال لتصبح جزءا من نميمة اليوم والليلة، لا يختلف السياسى صانع الضجيج الذى يقوم بعملية غسيل لصورته الهزلية، عن السياسى الذى يصطنع حالة منع فى زمن يستحيل فيه منع أحد.
وهى ظاهرة مستمرة طوال سنوات على المستوى السياسى، وربما يركز البعض على حالة بائع الفريسكا، بينما يغضون الطرف عن أمثاله ممن راجوا ومازال بعضهم يروج فى الأجواء بضجة وتسريبات وأخبار وصور، فقد ظهر أبطال ليوم أو أيام، منهم عازفة الناى المغمورة، التى أشاعت أنها انتحرت على الفيس بوك وتويتر، وبعد أسبوع من البكاء الافتراضى عادت للحياة، مثل فنانة مجهولة كان أكبر إنجازاتها وأدوارها هو دور المرحومة، حيث أعلن خبر موتها، وعادت بعد مصمصات، وتختلف عن (رضوى) السيدة التى أعلنت مأساة رحيل زوجها صغيرا، ووظفت حالة التعاطف الافتراضية إلى ملايين جمعتها بزعم توظيفها وهربت بأموال المتعاطفين والطامحين، أو الطبيبة التى أشاعت مرضها بالسرطان وحصلت على تعاطف هائل ثم اتضح أنها شخصية وهمية. وغير هؤلاء تحولوا إلى أبطال لشهر أو أسبوع أو يوم واحد، سرعان ما اتضح أنهم مجرد شخصيات وهمية، ولا يختلفون كثيرا عن سياسيين ونواب وإعلاميين أصبح كل منهم يبحث عن بطولة افتراضية بالخداع والضجيج، انسحاب أو هروب أو شائعات ودعايات يصعب التفرقة بين الحقيقى والافتراضى الوهمى فى ماكينة تواصل الدوران، وتصنع أبطالا من وهم، ولا يتعلم سكان العالم الافتراضى من المشاركة فى بناء أبطال اليوم الواحد وهدمهم. ووسط كل هذا ينجو هؤلاء الذين يشغلون عقولهم، ويمتلكون قدرا من الشك، والمنطق، ينجيهم من صناعة أوهام أو نهش أشخاص وخصوصيات. فى عالم افتراضى يصنع النجوم والأبطال ويهدمهم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصدر مسؤول
معرفه الداء نصف الدواء - الهدف ليس التقليل من شأن مرضى الفيسبوك - احترام الذات يبدأ بالواقع