أكرم القصاص - علا الشافعي

ايمن المحجوب

مجلس جديد وأعداء الحرية

الأحد، 27 ديسمبر 2015 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع استكمال انتخابات المرحلة الثانية والأخيرة لمجلس النواب استرجعت كل ما مضى من 25 يناير 2011 وحتى اليوم، وتذكرت لماذا قامت الثورة الأولى والثانية؟ وكم عانى الشعب المصرى خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخنا خاصة الفقراء؟ وتذكرت أيضا أننا قد قطعنا شوطًا كبيرًا فى طريق تحقيق أهدافنا وهى للتذكرة "عيش حرية كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية".

ومع اقتراب انعقاد الجلسة الأولى للمجلس المنتظر تذكرت قصة أرسطو عن الفليسوف اليونانى الذى وقع فى الرق، وقادوه إلى سوق النخاسة ليبيعوه فيها، فأخذ ينادى: "من يبتغى أن يشترى له سيدًا؟!"، فمن القدم أن المفكرين من بنى الإنسان يعتبرون الحرية الطبيعية، وأنها معنى من المعانى اللازمة للنفس لا تنفك عنها مطلقًا مهما طال الزمان أو تغيرت الظروف ونظم الحكم، إلى أن وصلنا إلى الدولة الحديثة بمؤسساتها ومجالسها الشعبية والتمثيلية وبمعناها الجديد. ومهما عطلت آثار الحرية فمنع الحر من العمل على ما يريده كأن كتم فوه فلا ينطق، وشدَّ وثاقه فلا يبطش، وقيدت رجلاه فلا يسعى، فإنه مع هذا كله لا يزال حرًا حائزًا جوهر حريته، ولو نقصه العرض الذى هو أثر الحرية الحقيقية خلقت نفوسنا حرة، طبعها الله عز وجل على الحرية، فحريتنا هى نحن.. هى ذاتنا ومقوم ذاتنا، هى معنى أن الإنسان إنسان، وما حريتنا إلا وجودنا، وما وجودنا إلا الحرية، وهذا موثق فى الدستور الجديد أيضا ولن ننساه أبدًا.

ويجب على السادة أعضاء مجلس النواب الجدد أن يدافعون للشعب على حقه فى الحرية ويفهمون أنه ليس فى استطاعة أحد مهما كان منصبه أو مقامه أن يسلب أحدًا حريته إلا بعد أن يسلبه روحه، وليس لامرئ أن ينزل عن حريته لغيره ما دام لا حق له أن ينزل عن حياته التى وهبها الله له، والتى لا يأخذها إلا هو المولى عز وجل .

غير أن آثار الحرية قد غلب عليها اسم الحرية، متعددًا بتعدد جهاتها.. فالقدرة الفعلية على العمل والترك هى الحرية الشخصية أو هى "الحرية المدنية" (بمعنى أدق)، وتعريفها أن تعمل ما تشاء بشروط ألا تضر بالغير، أى بما سمح به الدستور والقانون والشرائح السماوية.

أما الحرية السياسية فهى أن يشترك كل فرد فى حكومة بلاده اشتراكًا تامًا كاملاً، وهذا معنى ما نسميه بـ"سلطة الأمة". من خلال المجالس النيابية والمحلية.

وحريتنا السياسية هى كفيلة الحرية الشخصية، أى كفيلة لنا فى ظهور آثار حريتنا الطبيعية، فمن الحرص على تمتعنا بآثار الحرية حرية القول والعمل، إننا نتشبث بالسعى لنيل حريتنا السياسية كل يوم على مدار الزمان، والتى هى الكل فى الكل، ما دامت هى الكفالة الوحيدة التى لنا فى المجتمع بفضل الله علينا ونعمة وجودنا وأعز هبة على أنفسنا، وهى حريتنا.

ومن المقدمات الشعرية أن نتغنى بأن الحرية لأ تأخذ بأبصارنا ومعشوقة جميلة فى قيد قلوبنا، ومعنى عالٍ يسحر عقولنا، وسعادة إليها مسعانا.. لها محليًا وفيها سماتنا. نعم تلك مقدمات شعرية لأن حريتنا المنشودة أبسط من أن تكون ذلك كله، وليست محتاجة فى ظهورها إلى الشعر والتغنى، لأن حريتنا هى نحن الشعب الحر بعد ثورته يناير 2011.. يونيو 2013. . الأهم بعد ميلاد دولة المؤسسات وانتخاب مجلس يمثل حكم الشعب للشعب.

يخزى المرء منا أن يكون فاقد الحرية السياسية أو فاقد الحرية الشخصية، يخزى المرء منا أن يكون عبدًا لمخلوق أيًا كان، بل يخزى المرء منا أن يؤثر عنه لأنه عبد شهواته والناس فى ذلك كلهم سواء. أليس مصدر ذلك الشعور فى الإنسان أن كل نفس تعتقد بمجرد الفطرة أن حريتها ليست إلا ماهيتها وإن نقص الحرية - أى نقص آثار الحرية - نقص فى الذات وعجز فاضح يفر من نسبه الرفيع والوضيع على السواء. وهذا ما لا يجب أن يتصف به أعضاء مجلسنا الموقر الجدد حتى لا نكرر صورًا مماثلة من القهر والاستبداد والتى عايشناها قبل وبعد يناير 2011.

إذا كانت حريتنا هى وجودنا كما ذكرت، فلا معنى للوجود إلا بها، أليس من المفهوم بسهولة عنايتنا بكفيل هذه الحرية، أى بالحرية السياسية، أى اشتراك فى إدارة بلادنا من قبل كل الفصائل والأحزاب والحركات السياسية، حتى تتحقق "سلطة الأمة" إننا لو بذلنا كل جهدنا ووفقنا كل وقتنا على نيل هذا الكفيل، لكننا فى ذلك معذورون. وهذا دور أعضاء مجلس النواب الجدد مكانه تحت القبة وفى قاعات المجلس، لجان التوعية المتخصصة بشئون المواطنين والأمة جمعاء.

وأخيرًا فالخوف من الحرية جريمة ضد الحرية، وللأسف للحرية ثلاثة أعداء، حاكم ينكر على المحكومين الحرية، ومواطن يسىء استخدام الحرية، وآخر ممثلا للشعب يخاف من ممارسة الحرية، والخائفون من الحرية هم أشد أعداء الحرية. فيا أيها السادة أعضاء المجلس الموقر مارسوا الحرية المسئولة فى مجلس النواب فقد نصبناكم لتحقق أمل أمة. وتذكروا أن عظمة أى أمة تقاس بدرجة حرية المواطن... والله الموفق.
• أستاذ الاقتصاد السياسى والمالية العامة. جامعة القاهرة .








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة