فى ذكرى ميلاده.. صلاح جاهين أحب الوطن ومات مكتئبا.. "الرباعيات" خلدت اسمه فى تاريخ الشعر.. وتنوع إبداعه جعل تكراره صعبا.. وتحول لـ"أيقونة العهد الناصرى" بأحلامه وانكساراته

الجمعة، 25 ديسمبر 2015 05:55 م
فى ذكرى ميلاده.. صلاح جاهين أحب الوطن ومات مكتئبا.. "الرباعيات" خلدت اسمه فى تاريخ الشعر.. وتنوع إبداعه جعل تكراره صعبا.. وتحول لـ"أيقونة العهد الناصرى" بأحلامه وانكساراته صلاح جاهين
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صلاح جاهين "حالة" فى تاريخ الإبداع المصرى، قدم نموذجا للمثقف المتنوع الموهوب وتحول لأيقونة للعهد الناصرى الذى بدأ فاتحا ذراعيه للحلم لكن النكسة الحزينة نالت منه.

نؤكد أن صلاح جاهين لم يكن "بدعا" بين شعراء العرب ولا العالم بحكمته وانتشاره وتأثيره، فهو كالمتنبى ملأ الدنيا وشغل الناس، كما أنه امتداد لظاهرة الشعراء الفلاسفة أو الفلاسفة الشعراء، فصلاح جاهين ينتمى إلى سلسلة فى الأدب العربى أشهرها أبو العلاء المعرى، واليوم تمر ذكرى ميلاده فقد ولد فى 25ديسمبر 1930.

فى السادسة عشرة من عمره، كتب "صلاح" يرثى الشهداء الذين سقطوا فى مظاهرات الطلبة بالمنصورة عام 1946 قائلا:

كفكفت دمعى ولم يبق سوى الجَلَد
ليت المـراثى تعيد المجـد للبلد


إنه صلاح جاهين الفنان التشكيلى والشاعر والممثل الذى كتب ورسم وغنى وفرح وحزن واكتئب، بل هو أكثر من ذلك إنه الشاهد على عصر كامل على بدايته ومجده وانكساره، هو ابن المرحلة الناصرية بامتياز، وأكثر المعبرين عن حبها، هو الحزين الذى قتله الاكتئاب فى المرحلة السادتية.

حاسب من الأحزان وحاسب لها
حاسب على رقابيك من حبلها
راح تنتهى ولابد راح تنتهى
مش انتهت أحزان من قبلها



لكن "عجبى" هذه المرة لم تأت من صلاح جاهين الذى قال هذه الرباعية ولم يلق لها بالا، لكنها جاءت من حاله، فلم يكن يعرف أنه أول الذين لم يطبقوا هذه الكلمات وهذه "الحكمة"، قالها وعبر، ولم ينتبه للأحزان التى سيطرت على روحه الشفيفة، لأن المعروف فى "سيرة الحياة" أن يكون عمر الإنسان أقل من "تجربة الوطن" لكن الذى حدث هو العكس فى حياة صلاح جاهين، عاش هو ورأى التجربة الناصرية تتوارى وتضيع.

كلماته أصبحت "حكما" يقولها الناس فى الشوارع، ممتلئة بالفلسفة الوجودية، لكنه فلسفته تهم الفقير والهامشى والضائع لم يبحث عن علة خلق الأرض والسماء، فقط بحث عن علة الإنسان وألمه وحزنه.

إيش تطلبى يا نفسى فوق كل ده؟
حظك بيضحك وأنتى متنكدة ..
ردت قالتلى النفس قول للبشر ..
مايبصوليش بعيون حزينة كده



بدأ "جاهين" حياته العملية فى جريدة "بنت النيل"، ثم جريدة "التحرير"، وفى منتصف الخمسينيات بدأت شهرته كرسام للكاريكاتير فى مجلة "روز اليوسف"، ثم فى مجلة "صباح الخير" التى شارك فى تأسيسها عام 1957، واشتهرت شخصياته الكاريكاتيرية مثل "قيس وليلى"، "قهوة النشاط"، "الفهامة"، وغيرها من الشخصيات.

وصدر ديوانه الأول "كلمة سلام" عام 1955، والثانى "موال عشان القنال" عام 1957، وفى نفس العام كتب أوبريت "الليلة الكبيرة" أحد أروع إبداعاته، وصدر ديوانه "الرباعيات" عام 1963، ثم "قصاقيص ورق" عام 1965. ثم جاءت الطامة الكبرى، وحدثت نكسة 1967، وحدث الشرخ الأكبر فى حياة الشاعر واستسلم للحزن الذى تحول لاكتئاب مقيم لم يفارقه حتى 21أبريل 1986.

أما عن آخر الكتب التى تناولت حياة وإبداع صلاح جاهين فهو ما قام به الدكتور حسن يوسف طه، أستاذ علم الجمال، بأكاديمية الفنون فى القاهرة من خلال كتابه الصادر فى ذكرى رحيل جاهين تنشر سلسلة "كتاب الهلال" (أبريل 2015) بعنوان "جماليات الإبداع عند صلاح جاهين " ويقدم مؤلفه الدكتور حسن يوسف طه بانوراما لثراء الإنجاز الأدبى لدى جاهين، فى الشعر، قصائد وأغان، والرباعيات و"الليلة الكبيرة"، وغيرها من الأعمال التى تضفى على حياتنا دهشة الاكتشاف الموصولة بالبهجة والمتعة.

ومن رباعيات جاهين
خرج ابن آدم من العدم قلت : ياه
رجع ابن آدم للعدم قلت : ياه
تراب بيحيا ... وحى بيصير تراب
الأصل هو الموت و الا الحياه ؟
عجبى !!!



ضريح رخام فيه السعيد اندفن
وحفره فيها الشريد من غير كفن
مريت عليهم .. قلت يا للعجب
لاتنين ريحتهم لها نفس العفن
عجبى !!!



ياما صادفت صحاب و ما صاحبتهمش
و كاسات خمور و شراب و ما شربتهمش
أندم على الفرص اللى انا سبتهم
و الا على الفرص اللى ما سبتهمش
عجبى !!



و الكون ده كيف موجود من غير حدود
و فيه عقارب ليه و تعابين ودود
عالم مجرب فات و قال سلامات
ده ياما فيه سؤالات من غير ردود
عجبى !!!



أنا شاب لكن عمرى ألف عام
وحيد لكن بين ضلوعى زحام
خايف و لكن خوفى منى أنا
أخرس و لكن قلبى مليان كلام
عجبى !!!!



يا باب يا مقفول ... إمتى الدخول
صبرت ياما و اللى يصبر ينول
دقيت سنين ... و الرد يرجع لى : مين ؟
لو كنت عارف مين أنا كنت أقول
عجبى !!!



أحب أعيش ولو فى الغابات
أصحى كما ولدتنى أمى و ابات
طائر .. حوان.. حشرة .. بشر ..بس أعيش
محلا الحياة.. حتى فى هيئة نبات
عجبى !!







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة