أسباب لجوء الحكومة لقرض البنك الدولى.. أزمة الدولار وعجز الموازنة وتوقف المنح الخليجية أبرز الدوافع..الفائدة أقل من السندات الدولية وغير مشروطة بإجراءات تقشفية..ومستوى الدين الخارجى فى حدود آمنة

الأربعاء، 02 ديسمبر 2015 08:52 م
أسباب لجوء الحكومة لقرض البنك الدولى.. أزمة الدولار وعجز الموازنة وتوقف المنح الخليجية أبرز الدوافع..الفائدة أقل من السندات الدولية وغير مشروطة بإجراءات تقشفية..ومستوى الدين الخارجى فى حدود آمنة البنك الدولى
تحليل تكتبه - ياسمين سمرة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على مر التاريخ أبدى المصريون تحفظاتهم على الاقتراض من الخارج، خشية أن ذلك قد يحمل فى طياته تدخلات سياسية فى الشأن الداخلى، أو يكون مرهونا بإصلاحات اقتصادية قد تشمل بعض الإجراءات التقشفية فى بعض الأحيان، والودائع القطرية التى تسلمتها مصر من الدوحة خلال عهد الرئيس المعزول محمد مرسى كانت خير دليل على ارتباط المساعدات المالية باستقرار النظام السياسى الذى تدعمه الدولة المانحة، كما كبدت فاتورة قرض صندوق النقد الذى حصلت عليه القاهرة فى التسعينات محدودى الدخل والفقراء أعباء إضافية.

وتعالت الأصوات مؤخرا منتقدة مضى الحكومة قدما فى ترتيب قرض بقيمة 3 مليارات دولار من البنك الدولى بواقع مليار دولار سنويا، بهدف دعم الموازنة وتوفير العملة الصعبة اللازمة لتوفير الاحتياجات الأساسية فى ظل تدنى احتيانات النقد الأجنبى إلى مستويات "خطيرة" كما وصفتها مؤسسة موديز للتصنيف الائتمانى.

دوافع الاقتراض من الخارج



أزمة الدولار وعجز الموازنة وتوقف المنح الخليجية بالتزامن مع تراجع الصادرات وإيرادات قناة السويس وحوالات المصريين بالخارج خاصة من دول الخليج بسبب هبوط أسعار النفط، وتضاؤل تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر والسياحة منذ 2011، هى أبرز الأسباب التى دفعت الحكومة للتفاوض مع البنك الدولى للحصول على قرض لدعم الموزانة.

وتؤكد "موديز" للتصنيف الائتمانى، أنه رغم ارتفاع ديون مصر الخارجية خلال 2015، إلا أن مستوى الديون الحكومية الخارجية أو المقومة بالعملة الأجنبية لا يزال منخفضا (15% فقط من إجمالى الناتج المحلى)، وهو عامل دعم مهم لتصنيف مصر الائتمانى.

الفجوة التمويلية والدين المحلى


وتوقع صندوق النقد الدولى فى تقرير "آفاق الاقتصاد العالم" أن تصل الفجوة التمويلية بين الإيرادات والمصروفات فى مصر خلال العام المالى الحالى وحتى نهاية 2017-2018 حوالى 36 مليار دولار.

تلك التحديات الجسيمة التى تواجه الحكومة فى ظروف استثنائية وأحداث متزامنة، فى وقت تجاوز فيه الدين المحلى 2.1 تريليون جنيه، دفعت الدولة لإعادة النظر فى طرق الأبواب للحصول على التمويل من الخارج سواء من بالاقتراض من المؤسسات الدولية أو بطرح السندات الدولية لتوفير التمويل المطلوب.

ما هى البدائل؟



درست الحكومة عدة بدائل لتوفير العملة الصعبة، من بينها السندات الدولية ووضعت برنامجا لإصدار سندات دولية بقيمة 10 مليارات دولار فى توقيتات مختلفة، وتم تغطية الطرح الأول بقيمة 1.5 مليارات دولار فى يونيو الماضى، أكثر من ثلاث مرات، ما يعكس شهية قوية من المستثمرين الأجانب، وفقا لتقارير مؤسسات التصنيف الائتمانى ومنها "موديز" و"ستاندرد آند بورز".

ونتيجة تذبذب الأسواق المالية مع إعلان الفيدرالى الأمريكى (البنك المركزى الأمريكى) عن اتجاهه لرفع الفائدة على الدولار فى اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل فى 16 ديسمبر، وخاصة الأسواق الناشئة، اضطرت الحكومة إلى إرجاء الطرح الثانى من السندات الدولارية والذى كان مقررا فى نوفمبر الجارى، الأمر الذى أرجعه بعض الخبراء إلى المخاوف من زيادة تكلفة الدين أو عدم إقبال المستثمرين حال رفع الفائدة على الدولار.

وتتميز السندات بأنها لا ترتبط بشروط محددة أو إجراءات تقشفية مقابل الحصول عليها، مقارنة بقروض "صندوق النقد الدولى" الذى يتفاوض مع الحكومات على تنفيذ برامج محددة ويتابع تنفيذها، ودائما ما تكون الإصلاحات المالية والهيكلية وتوسيع القاعدة الضريبية من أهم شروط الصندوق لإقراض الدول وضمان التزامها بالسداد، بالإضافة إلى إنشاء شبكات الضمان الاجتماعى لحماية الفقراء والطبقات المتضررة من برامج الإصلاح.

لكن تلك الميزة يواجهها فى المقابل سعر فائدة يصل إلى 6- 7 %، وهى تكلفة مرتفعة جدا مقارنة بنسبة الفائدة على قروض صندوق النقد والبنك الدوليين، والتى لا تتعدى 2%.

على الجانب الآخر، يرى الخبراء أن الاتفاق مع البنك الدولى يمثل شهادة ثقة دولية للبرنامج الاقتصادى والاجتماعى للحكومة المصرية، فضلا عن كونه ميسر لدرجة اعتباره منحة، فالفائدة أقل من 2% مع فترة سماح تمتد إلى 35 عاما.

مفاوضات مع الاتحاد الأوروبى


وكشفت وزيرة التعاون الدولى الدكتورة سحر نصر لـ"اليوم السابع" أنها تتفاوض مع جهات دولية أخرى بخلاف البنك الدولى وبنك التنمية الأفريقى، منها الاتحاد الأوروبى للحصول على قروض مسيرة بهدف دعم الموازنة قبل نهاية العام الجارى.

وأكدت نصر أنه من المتوقع الحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبى قبل نهاية العام الحالى، لكنها رفضت الإفصاح عن حجم التمويل الذى يتم التفاوض عليه فى الوقت الحالى.

مجلس النواب يحسم الجدل حول البدائل


وعلى الأرجح لن توفر التمويلات السابق ذكرها غطاء كافيا لحل أزمة العملة الصعبة، التى يتوقع أن تتفاقم إثر تداعيات حادث الطائرة الروسية على قطاع السياحة الذى يدر حوالى 15% من موارد العملة الصعبة سنويا، خاصة بعد إعلان جهاز الأمن الروسى أن انفجار الطائرة الروسية فى شرم الشيخ كان بسبب قنبلة زرعت فى الطائرة، ما يهدد بخسائر فادحة خلال موسم الشتاء الحالى.

ومع انتهاء آخر استحقاق من خارطة المستقبل، واقتراب موعد انعقاد مجلس النواب، نتوقع أن يلوح مقترح الاقتراض من صندوق النقد فى الأفق مجددا، إذ يفسر البعض إصرار الحكومة على إرجائه رغم الحاجة إليه فى المرحلة الحالية، إلى رغبة الدولة فى تفادى أى قرارات قد تثير غضب الشارع.

هنا يتعين على الحكومة مخاطبة الرأى العام وطمأنته حول هذه القروض وشروطها وطرح البدائل للنقاش المجتمعى، وهو ما نتوقع أن يتم قريبا بعد انعقاد البرلمان حتى يكون القرار من الشعب ونوابه المنتخبين.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة