سعيد الشحات

«المخزنجى» قامة وقيمة

الأربعاء، 02 ديسمبر 2015 08:42 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يُخفِ موقفه الرافض لـ«النووى»
لا يحتاج الكاتب المبدع الدكتور محمد المخزنجى إلى ذكر من هو، لكن حين يصادفك قائل يتساءل عنه، ولا يكون تساؤله رغبة فى المعرفة، وإنما محل تهكم وسخرية، فهذا يعنى أن شيئا خطيرا يحدث.

وقبل أيام وتحديدا بعد توقيع الاتفاق مع روسيا على بناء محطة الضبعة النووية، فوجئت بسيل من الاتهامات له يكتبها بعض النشطاء على الـ«فيس بوك» لموقفه الرافض لـ«مفاعلات الطاقة النووية والانشطارية، السلمية والحربية على حد سواء»، وفى سيل هذه الاتهامات الرخيصة وجدت كلاما من قبيل: «العواجيز الذين فاتهم القطار» و«محاولة لفت الأنظار»، ولم يخل الأمر من حديث عن انتماءات فكرية سابقة له وأن الخروج منها بدا وكأنه خروج عن «الوطنية».

هى حالة تدخل فى نطاق «هستيريا التخوين»، حسب تعبير الدكتور وحيد عبدالمجيد، فى كتابه «أزمة العقل العربى -التخوين والتكفير» والتى زادت حدتها فى مصر منذ فترة، وجلبت معها التفسيرات التآمرية كلما احتدمت الأزمات، مما يغيب العقل تماما ويصرفه عن المعرفة الحقيقية والجادة لأسباب تلك الأزمات، وتكمن المصيبة فى أن بعض الصناع المهرة لهذه الحالة هم من نخبنا، وبدلا من أن ينحتوا فى الصخر لتوليد الجديد الذى يحملنا إلى مستقبل مشرق، تفرغوا لتوجيه الاتهامات بمبدأ «من ليس منا فهو علينا»، وينطبق هذا الأمر على ما ذكره «المخزنجى» فى مقاله «إلا انحطاط الافتئات» المنشور فى «المصرى اليوم» عدد الخميس الماضى، بأن «صحفيا ناصريا مخضرما تجاوز الثمانين كتب مرتين فى مجلة تصدر فى لندن، معتبرا أن دخولى فى الموضوع كان مفاجأة حقيقية متهكما من أننى بدوت كما لو صرت عالم فيزياء، متهكما من أننى بدوت كما لو صرت «عالم فيزياء وهندسة نووية فجأة»، وزاد هذا المخضرم الذى حسبت أن تراكم السنين يضيف إليه حكمة التوقف والتبين، فأفتى بأن «المصرى اليوم» قد استخدمتنى فى حملتها على المفاعلات النووية».

ولأنى «ناصرى» فمن المهم التأكيد على أنه ليس معنى أن «ناصريا» يبلغ من العمر ثمانين عاما يقول ما نقوله نحن أبناء «الفكر الواحد»، أو أن «تقدم العمر» لـ«ناصرى» يفرض نوعا من «الأبوية الفكرية»، وإذا كان ذلك من قبيل البديهيات، فإنه من الضرورى التذكير به خاصة حين يتعلق بتوجيه اتهامات تتعلق بالنزاهة الوطنية لقامة بقدر «المخزنجى».

لم يخف «المخزنجى» يومًا موقفه الرافض لاستخدام الطاقة النووية، وأى متابع له سيعرف ذلك، كما سيعرف أنه ليس موقفا مستجدا، وبالتالى فإن ربطه بشبهات مجاملة لفلان أو علان هو اتهام فارغ، وسطحية فى التناول، وأنا واحد ممن يقرأون له إبداعه المتنوع فى الأدب والفكر والمقال الصحفى الاستقصائى الغزير بالمعلومات المتعلقة بالفكرة التى يكتب عنها، وطريقته فى هذا النوع من المقالات يذكرنى بنظرية «حتمية اللفظ» للقامة والقيمة المبدع يحيى حقى والتى تعنى ببساطة أن النص الجيد هو الذى تكون لكل كلمة فيه وظيفة لا يمكن الاستغناء عنها، وعبر مجلة العربى الكويتية كنت وغيرى ممن تزودوا بالمعرفة من مقالاته ورحلاته إلى مناطق فى العالم ثم يكتبها بأسلوبه الساحر على صفحات المجلة.

ومن خلال رحلتى فى القراءة له عرفت موقفه فى قضية الطاقة النووية، والذى بدأ بعد كارثة الانفجار النووى فى تشيرنوبل النووية فى ثمانينيات القرن الماضى، والذى سجل شهادته عنها حيث كان فى الاتحاد السوفيتى وقتها فى كتابه «فصول تشيرنوبل الأربعة-لحظات كاتب مصرى عايش الكارثة»، ويقود ذلك كله إلى أننا لسنا أمام موقف مستجد يتبناه الكاتب، وإنما هو موقف أكبر فى العمر بكثير من عمر الصحف المستقلة فى مصر والتى بدأت بجريدة «الدستور» فى إصدارها الأول، ثم «المصرى اليوم»، وهكذا يسقط وبجدارة اتهام المخزنجى بمجاملة صلاح دياب.

وأخيرا، ما وجه الخطأ فى أن يتبنى أى مصرى رأيا رافضا لاستخدام الطاقة النووية؟.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة