مرارًا قد حاولتُ أراكَ
كما لم يَرَكَ صديقٌ لى من قبلُ
وأتركُ للقلبِ على المقهى
أن يتفرَّسَ وقتًا ما
فى بصماتِ يديكَ
على أسطح أكواب الماء
زجاجاتِ "الكولا"
وشقوقِ شفاهِ الشحَّاذينَ المُنْحَنِيَةِ
رجفةِ مسَّاح الأحذيةِ الكهلِ
نقاطِ النردِ
وصورةِ بنتٍ فى "الجرنال"
تراقبُ ما أفعلُ وتُسَائلُني: مَهْلَكَ
...
والقلبُ بكى
وبكى خوفًا
و ارتجَّ لما فى بصماتِ يديكَ. . من السطوةِ. ..
أَوْغَلتَ هنالك فيه برفقٍ
وبرفقٍ تفترشُ العالمَ يا اللهُ
صبيحةَ كلِّ الأيام :
شفاءً
عفوًا
و نساءً بِيضًا
وترابًا و أغانى
ودمًا و صلاةً
وسوادًا يشهقُ
وبنفسج
تخطو فيهِ ولا يحوى خطوَكَ
لا يقدر أن يفتح شباكًا لهواءٍ ما
إلا أن يدنوَ خطوُكَ منه
يؤانسُه
ويبوحُ لديهِ رضًا
بوحُك دَنْدَنَةُ القلبِ
ومُتَكَأُ رضاهُ
إشارة رُوحِكَ فى العتمةِ
ناصيةُ الريحِ وهَدْأَتُها. .
حين تربِّتُ أجراحَ السُّفُنِ المذعورةِ
وتعدُّ لها الحلوى
وتهنِّئُها بدنوِّ موانئِها،
وغناءِ العودةِ
كم يا ربُّ اشتقتُ العودةَ !
قل يا ربُّ متى العودةُ ؟!
كم بقى من الوقتِ هنا
لتدربَ فيه الأشجارَ على صوتى
وأصيرَ نشيدًا لا يُخْطِئُهُ النملُ
إذا العسكر مروُّا
.....
هل يا رب سيكفى ما بقى من الوقتِ هنا
لأقبّل فيه – ولم أفعلْ هذا من قبلُ - امرأةً ما، لا تعرفنى
هل. .
ياااا الله !!
و أحضنُ كفَّيْها
فى الشارعِ !!
و أرافقُها للسينما
وأضفِّرُ بيدى مُلْكَ ضفائرِها البُنِّى المُنْهَكِ
هل يكفى ما بقى
ليستوقفنى رجلٌ فى الشارع
يسألنى عن شطرةِ شعرٍ لى
أينَ نهايتُها ؟!
هل. .
يكفى لأموتَ على رأس مظاهرة
ويُزَجُّ بروحى فى السجنِ
وأكتب فى السّتِّينَ :
لقد كنتُ سجين نبوءاتى
وغنائى فى وجه الجلادِين
لئلا يترجّلَ عطرٌ عن كتْفِ مظاهرةٍ
ويسيرَ إلى الليلِ
طريدًا لا آلاءَ لهُ...
هل. .
يكفى العمرُ لكى تمحوَ فيه وتثبتَ يا اللهُ :
جديرٌ جدًّا هذا الولدُ
بأن يصبحَ فى الخمسينَ نبيًّا. .
هل سأكونُ نبيًّا ؟!
أم سأجنُّ
و ألهثُ عريانًا خلفَ قطاراتِ الرُّكَّابِ
أسبُّ امرأةً خانتني
وأعيدُ على مسمعِ عارٍ - مثلى
يلهثُ فى الشارعِ خلفَ قطاراتِ الركَّابِ -
أعيدُ أنينَ العلمانيةِ، ومبادئَ رأسِ المالِ
وأشعارَ ابن العبدْ
...
ربِّي
كم أضنانى البعدْ
القرب
الحب
وكم أضنانى ذعرى
مما بقى من الوقت
وما بقى من الأحزانِ
ونَهْشِ الروحِ
.........
و مما لا أعرفُ
مما لا أعرفُ حتى الآنَ : الآنَ و أنتَ. . وأنى سأجنُّ. .
وأنَّ العالمَ يغفو حين يضلُّ على أطرافِ يديكْ
فآلِفْ روحى إذ تأتيَكَ
ولا تتركها تبكى فى الملكوتِ لديكْ
"قُل لِأَصحابٍ رأَونى مَيِّتًا. ..فَبَكونى إِذ رأونى حَزَنَا
. .. لَيسَ ذا المَيت وَاللَهِ أَنا
أَنا عصفورٌ وَهَذا قَفَصى. ..طِرتُ مِنهُ فَتَخلّى رَهَنَا"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة