أهمية العلاقة الإستراتيجية لواشنطن مع مصر
وتحدث التقرير الذى أعده عضو الكونجرس الجمهورى السابق فين ويبر وجريجورى كريج، المستشار السابق بالبيت الأبيض فى إدارة أوباما، عن أهمية العلاقة الإستراتيجية لواشنطن مع مصر على البناء الأمنى فى الشرق الأوسط، وهى العلاقة التى بدأت منذ توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية، وقال مؤلفا التقرير إنه بعيدا عن الشراكة الأمنية بين البلدين ومعاهدة السلام، فإن مصر هى أكبر دول العالم العربى من حيث السكان ولديها أقوى جيوش العالم العربى وقوة مهمة فى السياسات الإقليمية.
وقال التقرير إنه رغم أن حالة عدم اليقين السياسى التى تلت ثورات الربيع العربى قد قللت من نفوذ مصر إقليميا إلى حد ما، إلا أن الدول العربية السنية الأخرى لا تزال ترى استقرار مصر وقوتها ضرورية حيوية لعمقها الإستراتيجى، فضلا عن ذلك، فإن مصر تظل طرفا دبلوماسيا مهما، حيث تستضيف الجامعة العربية وتقود مفاوضات وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفازت بعضوية غير دائمة فى مجلس الأمن الدولى للمرة الخامسة فى تاريخ المجلس، ومن شأن العلاقات الجيدة بين واشنطن والقاهرة تعزيز النفوذ الأمريكى فى العالم العربى، كما أن مصر مهمة للإستراتيجية الأمريكية بسبب موقعها الجغرافى.
مصر هادئة نسبيا
وأضاف التقرير "على الرغم من أن مصر هادئة نسبيا مقارنة بدول المنطقة الأخرى مثل اليمن وسوريا والعراق، إلا أن هذا الهدوء لا ينبغى أن يعامل على أنه مضمون، وكما قال أحد المسئولين الأمريكيين "إن مصر دولة يسودها الفوضى، وعلينا أن نساعدها لتبقى هادئة لمصالحنا، وهو ما يعنى مساعدة مصر على أن تلبى احتياجاتها الأمنية من خلال استمرار المساعدات العسكرية ومعالجة تحدياتها الاقتصادية بتشجيع الاستثمارات وتقديم الدعم الاقتصادى".
وفى نفس الوقت، فإن واشنطن تستطيع بل ينبغى عليها أن تواصل التشجيع على الإصلاح السياسى وحث القاهرة على مزيد من الانفتاح الذى يعزز الاستقرار على المدى الطويل، وبمعنى آخر ينبغى على واشنطن أن تواصل الجوانب الإستراتيجية والسياسية لعلاقتها مع مصر بالتوازى، فينبغى أن تتعاون مع حليفتها القديمة فى المصالح الإقليمية المشتركة ومساعدتها على مواجهة كثير من التحديات، وأن تفعل ذلك بدون التغاضى عما وصفته القمع السياسى الداخلى. وبدلا من ذلك، لو دمجت واشنطن هذين الجانبين للعلاقة الثنائية مثلا عن طريق ربط العلاقة الإستراتيجية بالإصلاح السياسى، فلن تحقق نجاحا فى أى منهما، ونظرا لحالة الانهيار التى يعانى منها العالم العربى فى الوقت الراهن، فإن واشنطن يمكن أن تضحى بعلاقتها مع مصر لو اتبعت هذا الأسلوب.
تقييم حكم السيسى
وقدم معهد واشنطن تقييما لأداء حكم السيسى، وتحدث عن إنجازاته فى حل مشكلة انقطاع الكهرباء، كما أشار إلى أن الوقت لا يزال مبكرا للحكم على أكبر مشاريع البنى التحتية للسيسى، وهو مشروع قناة السويس الجديدة التى تم افتتاحها فى أغسطس الماضى.. وأشاد التقرير بتمويل المشروع بأموال المصريين.
واعتبر التقرير أن أكبر مشكلة تواجه الاقتصاد المصرى هى الديموجرافيا، حيث من المتوقع أن يصل عدد السكان إلى ما بين 150-180 مليون نسمة بحلول عام 2050.
ونظرا لأن مصر هى أكبر مستورد للقمح فى العالم، فإن النمو السكانى السريع ربما يمثل تحديا لقدرة القاهرة على إطعام شعبها حتى برغم الإصلاحات التى يقوم بها السياسة. كما أن مصر تحتاج لمعدل نمو حوالى 7% لتوفير نحو 700 ألف وظيفة سنوية للحفاظ على معدل البطالة الحالى 12% دون زيادة.
التحديات الأمنية أكبر تهديد للاقتصاد
واعتبر التقرير أن التحديات الأمنية هى أكبر تهديد للاقتصاد على الإطلاق، وأشار التقرير إلى أن الوضع الأمنى أدى إلى تفاقم التوترات بين القاهرة وواشنطن، فقد رفضت مصر مرارا عروض أمريكية للتدريب على مكافحة التمرد ورفضت بشدة إعادة برمجة المساعدة الأمريكية بعيدا عن البنود الكبرى ونحو أدوات لمكافحة الإرهاب. وقال مسئول عسكرى لمؤلفى التقرير إنه على الولايات المتحدة أن تفهم أن مصر فى حالة حرب مع جماعة الإخوان ولا يوجد ما يسمى بالإخوان المعتدلين ومن الصادم أن يلتقى أعضاء من الإخوان بأعضاء بالكونجرس ويزوروا مقر الخارجية الأمريكية.
الخلاف حول ليبيا
وفى ليبيا، يوضح المعهد اختلاف وجهات النظر بين القاهرة وواشنطن حول كيفية التعامل مع الموقف، فلأكثر من عام واجهت مصر أزمة أمنية متفاقمة على حدودها الغربية مع شن مسلحين بعضهم تابعين لداعش هجمات قاتلة ضد أفاد الأمن فى الصحراء الغربية، وتعرض مواطنون مصريون للقتل على يد داعش فى ليبيا، وردت مصر بضرب مواقع للمتطرفين.
توصيات بشأن العلاقة الثنائية
وخلص التقرير فى النهاية إلى تقديم توصيات للمسئولين الأمريكيين فيما يتعلق بإدارة العلاقات بين البلدين، فدعا إلى تحسين مشاركة المعلومات الاستخباراتية لتعزيز التعاون بينهما إقليميا وفى مجال مكافحة الإرهاب، وتشجيع مصر على إعادة برمجة جزء من المساعدات العسكرية بعيدا عن أنظمة الإرث التى تلائم أكثر الحرب التقليدية ونحو معدات تلائم أفضل جهود مكافحة الإرهاب مثل مروحيات بلاك هوك وأيضا أدوات تعزيز الأمن على الحدود الليبية.
وفى المجال الاقتصادى، دعا التقرير الولايات المتحدة إلى الاستمرار فى دعم الجهود المصرية لجذب الاستثمارات الأجنبية وإرسال وفود اقتصادية لتقدين المشورة للحكومة المصرية فى السياسات المالية، ومساعدة مصر على تحسين نظامها التعليمى وتقديم مزيد من الزمالات للدارسين المصريين للدراسة فى الولايات المتحدة.
موضوعات متعلقة..
مجلة أمريكية تدعو واشنطن لإعادة النظر فى علاقتها بمصر.. فورين أفيرز: حالة العداء لأمريكا فى الإعلام والسياسة المصرية تجاوزت حدودها التقليدية.. والمساعدات الأمريكية يجب أن تقتصر على تحديث الجيش فقط