ملف "وهم" استرداد الأموال المهربة مر بالعديد من المراحل المتعاقبة باعت فيها كل لجنة يتم تشكيلها لاسترداد الأموال الوهم للمصريين على أن تلك الأموال أصبحت على بعد خطوات لإعادتها إلى جيوب المواطنين الغلابة، ومع مرور 4 سنوات كاملة على تشكيل أول لجنة اكتشف المصريون أن الدولة فشلت فى استرداد ولو جزء من هذه الأموال، حتى إنها عجزت عن إثبات حجم هذه الأموال التى تم تهريبها، رغم أنها أنفقت ما يقرب من 64 مليون دولار من أموال الشعب لاسترداد تلك الأموال.
وفى تطور غريب لأزمة استرداد الأموال المنهوبة أصدر المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، قرارًا بتشكيل اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودة فى الخارج برئاسة النائب العام وعضوية كل من رئيس جهاز الكسب غير المشروع ويكون نائبًا لرئيس اللجنة ومساعد وزير العدل لقطاع التعاون الدولى والثقافى رغم أن هذا التشكيل أصدره المهندس إبراهيم محلب وقت أن كان رئيسًا للوزراء.
وشهد ملف استرداد الأموال المصرية المهربة للخارج تشكيل 8 لجان خلال الفترة ما بين قيام ثورة 25 يناير وحكم المجلس العسكرى للبلاد وحتى الآن، تعددت صفتها ما بين رسمية وشعبية، وكانت البداية فى شهر أبريل 2011، عندما أصدر المجلس العسكرى مرسومًا بتشكيل لجنة قضائية برئاسة المستشار عاصم الجوهرى، مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع، آنذاك والتى بذلت اللجنة مجهودًا كبيرًا للكشف عن حجم الأموال التى جمدها الاتحاد الأوروبى لرموز مبارك والتى بلغت حوالى مليار و100 مليون دولار، بينها مبلغ 750 مليون فرنك سويسرى، ومع صدور القانون الفيدرالى لرد الأموال غير الشرعية فى سبتمبر 2011 فى سويسرا، وقع عبء كبير على السلطة المصرية، حيث ألزم القانون السلطات المصرية بضرورة إثبات عدم شرعية هذه الأموال المهربة.
وبعد 15 شهرًا من قرار المجلس العسكرى بتشكيل اللجنة القضائية لاسترداد الأموال المهربة، ونظرًا للعقبات التى واجهتها فى البحث والتحرى عن حجم الأموال المهربة، قرر الدكتور كمال الجنزورى، رئيس مجلس الوزراء، فى يناير 2012 تشكيل لجنة قومية للتنسيق بين الأجهزة المعنية باسترداد الأموال والأصول المصرية المهرّبة، وتذليل العقبات التى تواجه عمل اللجنة القضائية، ومساعدتها فى التحرّى والبحث، وجمع الأدلة والمستندات الخاصة بتهريب الأموال المصرية.
كما شكلت لجنة شعبية لاسترداد الأموال والتى بدأت فى تنظيم عدد من المظاهرات فى بعض الدول الأجنبية، للضغط عليها فى الكشف عن الأموال المصرية المهربة إلى أراضيها، وكان لها دور غير رسمى فى كشف عدد من الحكومات عن تجميدها لبعض الأموال المملوكة لمبارك ورموز نظامه، إلا أنها أيضا فشلت فى تحقيق أى دور فى استعادة تلك الأموال المجمدة.
وفى فبراير 2012 تقدم حزب الوسط من خلال مجلس الشعب بمشروع قانون لاسترداد الأموال المنهوبة داخليًا وخارجيًا، عبر تشكيل لجنة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية تسمى "لجنة استرداد أموال مصر"، كما قدمت الحكومة نفسها مشروع قانون نص على إنشاء لجنة لاسترداد الأصول تختص بالقيام بكل الإجراءات اللازمة للبحث والتحرى والرصد والملاحقة والتتبع والكشف عن جميع الأصول التى يشتبه فى حصول أى شخص عليها دون وجه حق، بسبب ارتكابه لأى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى القوانين، ورغم ذلك لم تجن تلك المحاولات سوى ثمار الخيبة.
وما إن وصل مرسى للحكم توقف العمل باللجنة القضائية لمدة 6 أشهر كاملة بسبب الاستغناء عن المستشار عاصم الجوهرى وأقر مجلس الوزراء برئاسة الدكتور هشام قنديل فى أغسطس 2012 تشكيلا جديدا للجنة الوطنية لاسترداد الأموال المنهوبة، بعيدًا عن وصاية جهاز الكسب غير المشروع.
وترأس اللجنة وقتها المستشار محمد أمين المهدى، وضمت ممثلين عن المجتمع المدنى، وبعض الجهات الحكومية والشخصيات العامة، واتضح بعد ذلك أن القرار ما هو إلا محاولة لإضفاء الصفة الرسمية على اللجنة الشعبية السابقة.
وقد أدى عدم استقرار الأوضاع فى مصر، وتأثر القضاء بالأحداث السياسية، إلى تعليق قرارات تجميد أموال رموز النظام الأسبق، كما تسببت المحاصرات التى قام بها أنصار جماعة الإخوان للمحكمة الدستورية العليا، فى إصدار القضاء الإسبانى قرارًا برفض تسليم رجل الأعمال حسين سالم وأبنائه إلى مصر بعدما أصدرت المحكمة الوطنية الإسبانية قرارًا بتسليمه فى وقت سابق.
واعتبر محللون أن فترة الإخوان هى أكثر فترة أدت إلى ضياع أموال المصريين فى الخارج بعد محاولات الإخوان التصالح مع رموز نظام مبارك مقابل استرداد جزء من هذه الاموال وإيقاف عمل اللجنة القضائية إلا أن المحللين يرون أيضًا أن التصالح مع رموز مبارك فى الوقت الحالى هو مفتاح الحل لاسترداد هذه الأموال بدلا من ضياعها بالكامل خاصة أن الدول الأجنبية هى أكثر المستفيدين بعدم قدرة الدولة المصرية على إثبات شرعية هذه الأموال.
وبعد تولى إبراهيم محلب رئاسة الوزراء، أصدر قرارًا بتشكيل اللجنة الوطنية التنسيقية لاسترداد الأموال والأصول المصرية المهربة للخارج، وذلك برئاسة المستشار محفوظ صابر، وزير العدل الأسبق، وضمت فى عضويتها 9 من ممثلى الوزارات المختلفة، والهيئات الحكومية، منهم النائب العام، المستشار هشام بركات، ورئيس جهاز الكسب غير المشروع المستشار يوسف عثمان والتى أكدت فيما بعد أن حجم الأموال المُهرَّبة بلغ نحو 1.8 مليار دولار ورغم ذلك لم تفلح فى رد مليم واحد.
ومع استمرار مسلسل فشل لجان استرداد الأموال المهربة، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى، قرارًا جمهوريًا، بتشكيل لجنة قومية لاسترداد الأموال من الخارج فى محاولة منه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال تنظيم اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات فى الخارج والتى كانت برئاسة النائب العام، وعضوية رئيس جهاز الكسب غير المشروع، وبسبب وفاة النائب العام المستشار هشام بركات وتغير رئيس جهاز الكسب تعطل العمل بهذه اللجنة ولم تجتمع سوى مرة واحدة.
وها نحن الآن وبعد كل هذه اللجان هل تعود أموال الشعب المنهوبة فى الخارج؟ أم التصالح مع رموز نظام مبارك هو الحل الوحيد لعودتها؟!!
موضوعات متعلقة..
- وصول فريد الديب لمحكمة النقض لحضور طعن النيابة فى براءة مبارك
- بدء نظر طعن النيابة على براءة مبارك فى قضية قتل المتظاهرين
- "الداخلية" تقدم طلبًا لمحكمة النقض لنقل محاكمة مبارك إلى أكاديمية الشرطة
- رفع جلسة طعن النيابة على براءة مبارك فى قتل المتظاهرين لإصدار القرار
- أبناء مبارك يتظاهرون داخل محكمة النقض مرددين "بالروح والدم نفديك يامبارك"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة