الحب والجنس أكثر المشاعر الإنسانية إمتاعا وقدرة على منح السعادة والاستقرار النفسى للإنسان، لكن الجميع اختاروا الاحتفال بعيد الحب فيما لا يجد الجنس من يوليه أهمية فى العلن، على الرغم من ارتباطه الوثيق بالحب، وعلى الرغم من شغله حيزا كبيرا من اهتمام البشر. فى عيد الحب يجب ألا نغفل أكثر المشاعر الإنسانية ارتباطا بمشاعر الحب وهى الرغبة الجنسية دون فصل، ففى النهاية هما «فولة واتقسمت نصين»، فى السطور التالية يساعدنا استشارى الأمراض النفسية الدكتور جمال فرويز فى توضيح الفارق بين شقى السعادة الإنسانية الجنس والحب.
*إيه اللى بيحصل لما بنحب؟
«بيحبنى.. ما بيحبنيش» وبعد كل كلمة تلقى ورقة الورد أسفل مقعدك فى محاولة للإجابة عن السؤال الغامض بشأن مشاعر أحدهم تجاهك، الأمر لا ينحصر فقط فى مشاعر الطرف الآخر، ففى كثير من الأحيان قد نواجه صعوبة فى تحديد مشاعرنا نحن تجاه الآخرين، وهل ما نملكه تجاههم مشاعر حب صادقة أم احتياج لملء الفراغ؟
علم النفس حسم حيرتك، فعند الشعور بالحب فهناك تفاعلات عديدة يتعرض لها جسدك، وفى السطور التالية يؤكد استشارى الأمراض النفسية الدكتور جمال فرويز، أن هناك العديد من الأعراض الظاهرة التى تنتاب الإنسان عند تعامله مع شخص يكن له مشاعر العشق والحب.
يبدأ «فرويز» حديثه شارحا أن مشاعر الحب يصاحبها إفراز لهرمون «النورإدرنالين»، والذى يفرز من الغدة الفوق كلوية فى الجسم، ويؤثر هرمون «النورأدرينالين» على الأوعية الدموية بالجسم ويؤدى إلى انقباضها، وهو ما ينتج عنه العديد من الأعراض الظاهرة وغير الظاهرة على الأعضاء المختلفة. بجسم الإنسان وأهمها:
«جفاف الحلق- اختناق بسيط بالرقبة- انقباض فى عضلات الصدر- اضطراب بالمعدة والقولون- زيادة التعرق- رعشة والاضطراب اليد - شد بعضلات الرقبة والظهر فهرمون «النورأدرينالين» يؤثر على عضلات الجسم - صداع بسيط فى مقدمة الرأس وما بين العينين - زيادة ضربات القلب وهو العضو الأكثر تأثرا بإفراز هذا الهرمون، فإفراز النورأدرينالين يؤدى إلى السبب فى نقص كمية الدم المتدفقة بالجسم، مما يدفع عضلة القلب لبذل مجهود كبير فى تعويض هذا النقص، وهو المجهود الذى يتمثل فى زيادة معدل نبضاته، وربما لذلك السبب دائما ما يتم الربط بين الحب والقلب».
من هنا عليك التوقف عن نزع ورق الوردة التى لا ذنب لها فى حيرتك وترددك، والاعتماد على ما تراه عينيك أو ما تشعر به عندما تواجه من يحبك أو من تحبه.
*جسمك بيفرز هرمون الثقة فى الحب
النورأدرينالين ليس الهرمون الوحيد المفرز أثناء هجوم مشاعر الحب عليك، فهناك هرمون آخر وهو «الأوكسيتوسون» والذى يعرف بهرمون الحب والثقة ويصاحبه أيضا شعور قوى بالسعادة..
يفرز هذا الهرمون عندما يبدأ إعجابك بشخص ما، وهو الهرمون المرتبط أيضا بمشاعر الثقة بين البشر، لذا فدائما ما يصاحب مشاعر الحب الحقيقى شعور قوى بالثقة المطلقة بين الطرفين.
لا يتوقف عمل هرمون «الأوكسيتوسون» على منحك مشاعر الحب والثقة فقط، بل هو أكثر الهرمونات قدرة على تغير سلوكيات الإنسان ليصبح أكثر تعاطفاً وأكثر كرماً، ويحفز جميع الخصائص الإيجابية المتعلقة بالترابط العاطفى، لذا فهذا الهرمون يفرز أيضا بصورة مرتفعة جدا بين الأم وأطفالها وبين أفراد الأسرة الواحدة.
وينتج «الأوكسيتوسون» من خلال الأفعال الاجتماعية الإيجابية مثل العناق أو المصافحة أو التقبيل، كما ينتج أيضا بكميات كبيرة أثناء الممارسة الجنسية.
*إيه اللى بيحصل فى هرموناتك مع الجنس؟
الجنس إدمان كما سبق وذكرنا، فمع الوصول للنشوة الجنسية يفرز هرمون الدوبامين، وهو ما يعطى إشارة للمخ أن ما يحدث هو فعلا سعيد ومبهج، لذا يبرمج المخ هذا الفعل ويربط بينه وبين هرمون السعادة ويبدأ بصورة ملحة فى طلب المزيد من السعادة، فى الأيام والسنوات التالية لعمر الإنسان.
لذا فالرغبة الجنسية تظل تتحرك بفعل إلحاح المخ للحصول على الدوبامين، ليتحول الجنس لنوع من الإدمان، وكما يأتى المدمن بسلوكيات متطرفة وغير طبيعية فى سبيل الحصول على جرعته من المادة التى يدمنها، فإن الجنس هو الآخر يدفع الإنسان للإتيان بالعديد من التصرفات الساذجة وغير المنطقية فى سبيل الحصول على جرعته من الجنس، وبالطبع فالسبب الأساسى هو استمرار البشر فى التناسل والمحافظة على النوع.
مين يكسب السعادة والثقة المطلقة فى مشاعر الحب.. ولا الإدمان والنشوة اللحظية المرتبطة بهرمونات الجنس؟ سؤال يبدو معقدا ولكن الإجابة واضحة وصريحة، وعليك أن تختار وتوازن وتحقق المعادلة الصعبة والممتعة؟
وعلى الرغم من قوة تأثير هرمونات الجنس على جسم الإنسان وقدرتها على دفعك للإدمان، فإن علم النفس يؤكد أن مشاعر الجنس المجردة تجاه شخص معين، رغم عنفها لا يمكن أن تستمر لفترة طويلة دون أن تدعم بمشاعر وهرمونات الحب والثقة والترابط.
فالممارسة الجنسية للمرة الأولى غير كافية لدعم روابط الثقة والتعود بين الرجل والمرأة، وغالبا ما تنتهى بمجرد إنهاء العلاقة الجنسية وحصول العقل على جرعته من الدوبامين.
وعلى الجانب الآخر فإفراز هرمونات الحب فقط، ودون أن يكون هناك أى نوع من الالتقاء الجسدى بين الطرفين، هو أمر يجعل من مشاعر الحب بين الرجل والمرأة أقرب للعديد من العلاقات الإنسانية الأخرى، فهرمونات الحب يمكن أن تفرز بين الأم وطفلها، وبين الأصدقاء بعضهم البعض، ولكن ما يفرقها ويميزها فى علاقة الحب بين الرجل والمرأة هو أن تكون مصاحبة بعلاقة حسية تدعمها بهرمونات الجنس والإدمان والسعادة والنشوة.
وإذا استمر الحب دون جنس تحول مع الوقت لعادة ومشاعر ارتباط وتعلق بالطرف الآخر كأى مشاعر أخرى، وربما يعد ذلك هو أهم أسباب الخيانة بين الأزواج، فعلى الرغم من ارتباطهما على الجانب العاطفى، فإن الفراغ الجنسى يدفع بعضهم لتلبية حاجتهم الملحة فى هرمون الجنس من أطراف أخرى، حتى ولو بصورة مؤقتة ووقتية، فالدافع هنا هو إدمان هرمون الجنس فقط.
* الجنس يعنى «الدوبامين» المتعة والتعود
لماذا نمارس الجنس؟ الغرض العلمى والطبيعى لممارسة فعل الجنس هو الإنجاب.
إذا لماذا يصاحب الجنس شعور بالمتعة؟ لأنه لو انحصر الدافع وراء ممارسة الجنس فى الإنجاب فقط، لانقرضت البشرية لذا ارتبطت مشاعر النشوة والسعادة بالجنس والمكافأة هنا هى هرمون الدوبامين.
يتم إفراز الدوبامين فى المخ حين يحصل الإنسان على الأشياء الممتعة، فالشعور بالسعادة دائما مرتبط بهذا الهرمون، حين نأكل وجبتنا المفضلة يفرز «الدوبامين»، حين نضحك يفرز «الدوبامين»، وحين نمارس الجنس أيضا تفرز كميات كبيرة جدا من هرمون «الدوبامين»، فالجنس أكثر الأفعال والعادات الإنسانية قدرة على إفراز هذا الهرمون، وبشكل أقرب كثيرا للنسبة التى تفرز منه عند إدمان المخدرات والكحوليات، وهو ما يعد أهم الدوافع لتكرار فعل الجنس لدى الإنسان منذ مرحلة البلوغ وطوال سنوات حياته اللاحقة.
*الخلطة السرية.. «اتجوز اللى تحبه»
نبدأ من البداية، فعلميا يحدد المخ ما إذا كان أحدهم قد حاز إعجابه من عدمه، وهو ما يحدث فى الأربع دقائق الأولى من اللقاء، «يعنى الحب من أول نظرة» وهنا يبدأ هرمون الحب الأوكسيتوسون لعبته والتى يشارك فيها هرمون الأستروجين لدى الأنثى والتستوستيرون لدى الرجل.
تبدأ عمليات أخرى فى التداخل بينهما وهى الانجذاب الجنسى وإفراز هرمون السعادة الدوبامين والنورأدرينالين، مع مرور الوقت واستقرار الهرمونات نسبيا يظهر تأثير هرمون الحب والثقة والرغبة المتكررة فى اللقاء ورؤية المحبوب، لكن هرمون الحب دائما يحتاج شريكا وهو هرمون الجنس، فمع كل لمسة وحضن وقبلة يفرز الجسم هرمونات الجنس والتى تزيد بدورها من إفراز هرمون الحب.
المعادلة الصعبة تتحقق هنا عندما تنشأ العلاقة الجنسية بين شخصين تم بالفعل إفراز هرمون الحب لديهما لفترة سابقة قبل العلاقة الجنسية، ومن هنا يصاحب إفراز هرمون الجنس والإدمان الدوبامين عددا آخر من الهرمونات وهى هرمون الحب والسعادة النورأدرينالين وهرمون الثقة والتعود الأوكسيتوسون.
فى النهاية فالحب والجنس هما عمليتان تعتمدان على الإدمان الهرمونى الذى يتعلق بأشخاص معينين لا نستطيع الحصول الجرعات الهرمونية إلا من خلالهما، ولذلك كل شخص محب هو شخص مدمن على محبوبه، لذا فالعلاقات الزوجية التى تعتمد بشكل مباشر على العلاقة الجسدية والعاطفية معا هى الأقدر على الاستمرار والبقاء، فإفراز هرمون الجنس «الدوبامين» والحب «الأوكسيتوسون» معا هما الخلطة السرية لاستمرار وقوة أى علاقة بين رجل وامرأة.
عدد الردود 0
بواسطة:
جانجام
كل مشاعر الحب تترجم الى فلوس عند الارتباط وبعد الارتباط الى وظائف