صر اع الأب والأم ودور الأسرة يشكل الحالة النفسية للإنسان منذ أن كان جنينا وعلى مدار مراحله العمرية
مدير المستشفى: الخضوع لشروط الدخول الإلزامى يكشف محاولات معدومى الضمير فى الزج بأشخاص للمستشفى بدون سبب مرضى لأغراض خاصة وخلافات أسرية وأطماع الميراث
قال الدكتور وائل مقبل مدير مستشفى الصحة النفسية بأسيوط، إن هناك زيادة فى عدد المترددين على مستشفى الصحة النفسية خلال العامين الماضيين، مشيرًا إلى أن نسبة الزيادة فى عام 2015 مقارنة بـ2014 تتعدى الـ10? وتدل هذه النسبة على أن عدد المترددين على مستشفى الصحة النفسية فى تزايد مستمر.
وأضاف "مقبل" فى تصريحات لـ"اليوم السابع" أن العيادات الخارجية بمستشفى الصحة النفسية بأسيوط تستقبل يوميًا من120 لـ150 حالة مرضية متنوعة فى الأيام العادية، فيما تستقبل العيادات من 180 إلى 200 حالة فى أيام عيادات طب نفسى الأطفال والمراهقين، ويستقبل المستشفى يوميًا متوسط من 5 إلى 6 حالات مرضية لتلقى العلاج بأقسام المستشفى المختلفة، وهى "قسم التأمين الصحى، وقسم الحريم ويضم 12 سريرا، وقسم المجانين ويضم 52 سريرا وتكون جميعها مكتملة العدد بشكل يومى، بالإضافة إلى الطوارئ، ويضم 5 آسرة، ويكون متوسط حجز الحالة بالمستشفى لتلقى العلاج من 3 أسابيع إلى 6 أسابيع حتى يتم تأهيل المريض اجتماعيا ونفسيا للتعامل مع المجتمع كشخصية سوية.
وأشار مدير مستشفى الصحة النفسية بأسيوط إلى أن العيادة الخارجية للطب النفسى والأطفال والمراهقين تعد الوحيدة بالصعيد، والتى يقوم بها عدد من الأخصائيين بعلاج الحالات المرضية المختلفة للأطفال والمراهقين، بدءًا من كيفية اكتشاف المرض ثم التقييم والعلاج، وتأتى عيادة الإدمان والخط الساخن لعلاج الإدمان ضمن أهم العيادات الخارجية والأقسام الموجودة بالمستشفى، حيث يوجد بالمستشفى قسم علاج الإدمان وبه 12سريرا، إلا أنه أكثر الأقسام المتردد عليه المرضى لتلقى العلاج، وهو أيضًا أكثر الأقسام الذى به قائمة انتظار طويلة، كما أن علاج مرضى الإدمان هو الأكثر مدة، حيث تمتد فترة شفاء مريض الإدمان لأكثر من 5 شهور، وتأتى علي عدة مراحل، المرحلة الأولى التخلص من السموم، ويحتاج المريض أثناء تلك المرحلة إلى رعاية كاملة وباهتمام مضاعف، وفى خلال تلك الفترة تظهر عليه أعراض جسمانية كثيرة حتى وصوله للمرحلة الثانية، وتكون فترة العلاج خلالها من شهرين لـ3 أشهر، وهو ما يسمى بالبرنامج التأهيلى، ثم تأتى بعد ذلك عيادة طب نفسى الكبار، وتشمل "الصرع، المسنين".
وأوضح مدير مستشفى الصحة النفسية بأسيوط، أنه على الرغم من تزايد نسبة المرضى النفسيين ومرضى الاضطرابات النفسية، والمترددين على المستشفى بشكل يومى، فإنه يمكن القول "إن الاضطرابات النفسية ليست لها سبب معين، فهناك أسباب تهيئ الإنسان لحدوث اضطراب نفسى، مثل الاستعداد الوراثى، وهناك أيضًا العوامل المترسبة مثل حدوث صدمة أو صدمات متتالية أو عدم مقدرة الشخص على التكيف مع البيئة التى يعيش فيها"، موضحا أن تعريف الصحة النفسية "هو كيفية أن يعيش الإنسان سعيدا وسط جميع التغيرات الداخلية".
وأضاف "مقبل" يختلط الأمر أحيانًا بين الاضطرابات النفسية والأمراض العضوية، والتى تؤدى إلى ظهور اضطرابات نفسية، ومن هنا يمكن القول "إن العلاقة وطيدة بين جسم الإنسان وحالته النفسية"، لافتا إلى أن مستشفى الصحة النفسية بأسيوط الوحيد الذى يخدم أهالى محافظة أسيوط ومحافظة قنا ومحافظة سوهاج، إلى جانب مستشفى المنيا وأسوان للصحة النفسية على مستوى الصعيد.
التقنيات الحديثة فى العلاج النفسى والاضطرابات
وعن العلاج الحديث للاضطرابات النفسية والعقلية، أشار الدكتور مقبل إلى أن هناك مستحدثات بشكل دائم فى مجال علاج الاضطرابات النفسية، وفقًا لما تقره منظمة الصحة العالمية، فعلى سبيل المثال أصبح العلاج بالصدمات الكهربائية مختلفًا تمامًا عما كان بالماضى، فأصبحت تجرم الجلسات الكهربائية فى الوقت الحالى بدون تخدير، وأصبح أيضًا الجهاز المستخدم فى العلاج بجلسات الكهرباء يخضع لمعايير أقرتها منظمة الصحة العالمية فى العلاج النفسى.
كما أوضح أن المستشفى يستخدم العلاج التأهيلى للمرضى، فينظم حفلة سمر للمرضى كل أسبوع، وتنظم العديد من المسابقات لتحفيز وتشجيع المرضى، وينظم أيضًا ماراثون ومسابقات بين مستشفى الطب النفسى بأسيوط والمستشفيات الأخرى، ويعد أيضًا تحفيز المريض على التعامل مع المجتمع من أهم المحفزات.
الأطفال والطب النفسى
وأشار "مقبل" إلى أن قسم طب نفسى الأطفال يعتبر من الأقسام الهامة بالمستشفى نظرا لتردد مئات من الأطفال المرضى أسبوعيا على العيادات الخارجية، إلا أن المستشفى يعانى من عدم وجود قسم داخلى للأطفال والمراهقين، مثل مرضى التوحد والتخاطب وغيرها من الأمراض النفسية للأطفال، ومن أهم الأسباب التى تؤدى إلى مشكلات نفسية لدى الأطفال وإصابتهم باضطرابات نفسية مختلفة صراعات الأب والأم، والتى تؤثر فى البداية على تكوين الجنين والحالة النفسية له، وكذلك الاستعداد الوراثى لحدوث اضطراب نفسى والتربية والتنشئة الاجتماعية فى إهمال الطفل من عمر ما بين يوم و3 سنوات يشكل نفسية الطفل، موضحا أ، العامان الأولان من حياة الطفل يعتبران هما الأكثر أهمية فالمعاملة السيئة والجهل وعدم احتواء الطفل يؤثر بالسلب على نفسيته ليصبح بعد فترة طفل غير سوى وبالتالى نشء غير سليم نفسيا وأيضا هناك مشكلة كبيرة لدى الطفل الذى تقوم أسرته بعزلته وتمنع خروجه من المنزل واحتكاكه بأقرانه يصنع منه ذلك طفلا غير سليم نفسيا بالمرة، والأفضل للطفل فى هذه الأعوام أن نقوم بإخراجه من المنزل ليزيد من احتكاكه بأقرانه وممارسته الأنشطة المختلفة واحتكاكه بشخصيات خارج المنزل، مثل الحضانة والنوادى ومراكز الأنشطة المختلفة، ويساعد ذلك فى تشكيل شخصية الطفل بشكل سليم وتنمية مهاراته وذكائه وشخصيته.
ملف المريض النفسى بالمصحة النفسية
وعن كيفية احتجاز مريض داخل مستشفى الصحة النفسية، ووجود ملف له يحمل مسمى "مريض نفسى" أوضح مدير مستشفى الصحة النفسية بأسيوط أنه ليس بالأمر السهل فالدخول لدينا واحتجاز مريض حسب قانون الصحة النفسية المندرج تحت قانون الصحة رقم 71 لسنة 2009 ما يسمى ( قانون رعاية مصالح المريض النفسى ) الذى ينظم العلاقة ما بين المنشآت النفسية والمريض ولدينا نوعان من الدخول، أولهما دخول إرادى، وثانيهما دخول إلزامى، والدخول الإرادى هو أن يحضر إلينا المريض بنفسه ويعبر عن مشكلته النفسية، والتى تشمل على سبيل المثال علامات اكتئاب، حزن، محاولة انتحار ويكتب فى هذه الحالة داخل الملف الخاص به "دخول إرادى" ويحق لمريض الدخول الإرادى أن يخرج فى أى وقت حسبما يشاء، ولكن أيضًا للمستشفى الحق فى إبداء الرأى حول خروجه إذا ما استدعى ذلك الأمر من حيث خطورة المريض على نفسه كتكرار محاولة الانتحار رغم خضوعه للعلاج مثلا.
أما الدخول الإلزامى يكون فى هذه الحالة المريض جاء إلينا عن طريق الأهل، أو الشرطة أو النيابة ويكون المريض فى هذه الحالة لا يتمتع بالقدرة العقلية القادرة على الحكم على الأمور بصورة واضحة
ولكن أيضًا فى حالة الدخول الإلزامى يخضع الأمر إلى العديد من الشروط.
استغلال الأهل والأزواج للمرض النفسى
واستكمالا لكيفية احتجاز مريض نفسى بشكل إلزامى، قال "مقبل" إن هناك العديد من الحالات التى تأتى إلينا لم تكن تعانى من مرض نفسى بالفعل، ولكن يحاول بعض الأهل معدومى الضمير مثل الأشقاء والعمومة والأزواج استغلال الأمر بوضع شخص بعينه بالمستشفى للتلاعب فى أوراق الإرث أو تزوير أوراق، أو محاولة الزوج إثبات مرض زوجته والتجنى عليها لغرض ما، أو وجود خلافات أسرية، أو أطماع فى الميراث، ولتلك الظروف يخضع مريض الدخول الإلزامى لعدة شروط، أهمها وجوده تحت الملاحظة لمدة 48 ساعة ، ثم يأتى أخصائى من خارج المنشأة ويقوم بتوقيع الكشف على المريض وفى حال عدم ثبوت وجود خلل فى قواه العقلية تخطر على الفور هيئة الرقابة المشرفة بشكل مباشر على المستشفى لدراسة الأمر والوقوف على حقيقته.
اعتراف المجتمع والأسرة بشفاء المريض النفسى وتأثيره
وعن شفاء المريض النفسى واعتراف المجتمع وأسرته بشفائه، قال "مقبل" إن هناك متوسطا من 13 إلى 15 حالة سنويا يرفض الأهل استلام المرضى النفسيين بعد شفائهم ، فالمستشفى تتبع سياسة الباب الدوار وهى ما تعنى خروج المريض بعد قضاء فترة العلاج والتى تكون بحد أقصى 3 شهور وبعد أن يتم تأهيله للتعامل مع المجتمع ومن ثم يكتب له خروج وفى هذه الحالة يقوم المستشفى بمخاطبة الأهل لاستلامه وفى حالة رفض الأهل للاستلام يقوم الأخصائيون بالمستشفى بالتواصل معهم بطرق مختلفة أكثر من مرة ، وإن باءت كل تلك المحاولات بالفشل يقوم أخصائى اجتماعى ومشرف بتوصيل المريض لأهله، وفى حالة رفض الأهل استلام الشخص المعافى من المرض بشكل نهائى تقوم المستشفى بتحويل المريض إلى دار رعاية الرجال، وهى عبارة عن دار مجهزة بها 120 سريرا تخدم جميع الأشخاص المتعافين من المرض النفسى والذين رفض الأهل استلامهم، أو الأشخاص فاقدى الهوية، والرجال فاقدى الأسرة والأهل، ويخضع الدار للتضامن الاجتماعى، ويشرف أطباء من مستشفى الصحة النفسية على المرضى الموجودين به، بدءًا من المتابعة الدورية لهم والكشف عليهم وإعطائهم الأدوية والعقاقير.
الجريمة والطب النفسى الشرعى
قال الدكتور وائل مقبل إن الطب النفسى الشرعى، مثله مثل مصلحة الطب الشرعى مختص بالحالات المرضية للأشخاص المتهمين فى قضايا جنائية، والقسم يوجد فى مكانين فقط بالجمهورية هما العباسية، ومستشفى المعمورة وهما المكانين الوحيدين المنوطين بكتابة تقارير متخصصة يؤخذ بها فى المحكمة وفى حال ثبوت المرض على المريض بعد خضوعه للعديد من الفحوص والاختبارات النفسية التى تثبت مرضه يتم إيداعه فى مستشفى الخانكة تحت مسمى إيداع بعدد السنوات التى تقرها المحكمة طبقا لرؤيتها القضائية حتى تقوم لجنة بعد انقضاء مدة الإيداع بالكشف عليه وتقرر الإفراج عنه من عدمه ثم يخضع بعد ذلك للمتابعة فى المحافظة التابع لها .
عجز الموارد والإمكانيات بالمستشفى
وأشار "مقبل" إلى أنه على الرغم من أن المستشفى يخدم 6 محافظات هى أسيوط ، سوهاج ، الأقصر ، الوادى الجديد، البحر الاحمر ، قنا، بالإضافة إلى المحافظات المجاورة التى لايوجد بها أماكن مثل المنيا وأسوان، إلا أن المستشفى يعانى من عجز صارخ فى معظم الأقسام، مثل عدم وجود أسرة كافية للمرضى المترددين بشكل يومى على المستشفى، أيضًا يعانى المستشفى من عدم وجود قسم داخلى للأطفال والمراهقين، ويعانى المستشفى من عدم وجود علاج تأهيلى للمريض فيمكن إفادة المرضى تأهيليًا عن طريق توفير مهن بسيطة تساعدهم فى الابتكار وتساعدهم أيضًا على العلاج، مثل توفير ماكينات تريكو ومحاولة تأهيل السيدات للعمل عليها، أيضا محاولة عمل مصنع صغير للأحذية يساعد بعض الرجال على إشغال وقت فراغهم فى عمل مفيد أو توفير ورشة نجارة، ومواد للدهانات.
وأضاف "مقبل" أن أغلب الحالات المرضية التى تعانى من أمراض نفسية مختلفة، سببها البطالة وعدم القدرة على إشغال وقت الفراغ ويمكن أن يتم عمل تلك الأقسام عن طريق وزارة الصحة أو التبرعات.
خطط علاج الإدمان الفترة القادمة
وأوضح مدير مستشفى الصحة النفسية بأسيوط، أن الأمانة العامة للصحة النفسية برئاسة الأستاذ الدكتور هشام محمد، وبالتنسيق مع وزارة الصحة ومحافظة أسيوط، تمكنت من تحديد المستشفى التكاملى بعلوان ليكون أول مركز لعلاج الإدمان يخدم الصعيد، وجار استكماله والانتهاء من تجهيزه لافتتاحه فى أقرب فرصة فتعتبر مشكلة الإدمان من أكثر المشكلات التى تسيطر على المجتمع، والتى يجب وضع جميع التحديات لعلاجها .