فوضى تشريعية خلاقة تجتاح برلمانات الدول العربية.. مجلس النواب الللبنانى يفشل فى انتخاب رئيس منذ أكثر من عام ونصف.. وانقلاب حماس جمٌد عمل المجلس التشريعى.. ومجلس نواب ليبيا لم يقدم انجاز يذكر

تعانى العديد من الدول العربية فى السنوات الأخيرة من فراغ تشريعى متمثل فى عدم وجود مجلس نواب قادر على تشريع وسن القوانين فى بعض الدول لتفادى العديد من المشكلات والأزمات، وذلك نتيجة بسبب حالة الانقسام السياسى فى تلك الدول مما خلق جبهات معارضة ومنها مسلحة تحاول عرقلة أى جهود لممارسة تلك البرلمان لدورها الهام والحيوى فى استقرار البلاد.

مصر على أعتاب إنجاز الاستحقاق الأخير

وقد نجح عدد قليل من الدول العربية فى انتخاب مجلس نواب قادر على سن القوانين ووضع التشريعات المكملة لدستور البلاد، وتمكنت مصر عقب مرور عشر أعوام من انتخاب برلمان قوى قادر على سن القوانين ووضع التشريعات للمضى قدما فى انجاز الاستحقاق الأخير من خارطة المستقبل.

ويعول المصريون على مجلس النواب المنتخب فى التعاطى بجدية مع القضايا المفصلية التى تشغل بال المواطن البسيط على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتعد تشريعات القوانين المكملة للدستور الحالى أبزر الملفات المطروحة على طاولة المجلس الجديد.

برلمان ليبيا يرفع راية الاستسلام للقوى الدولية

أما فى ليبيا فيختلف الوضع بشكل كبير فالبلاد تعانى من حالة الانقسام السياسى والفوضى الامنية والحزبية التى تعيشها الدولة الجارة منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافى، وعدم قدرة الفرقاء فى ليبيا من اعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية وتسببت حالة الاستقطاب السياسى فى البلاد لانقسام سياسى ما بين المؤتمر الوطنى العام المنتهية ولايته ومجلس النواب الليبى المعترف به دوليا.

وبالرغم من اعتراف المجتمع الدولى بمجلس النواب فلم يتمكن المجلس من تحقيق انجاز حقيقى على المستوى الدولى أو على المستوى الداخلى، ولم يتخذ البرلمان الحالى أى قرارات أو انجازات يمكن ادراجها تحت مسمى الانجاز، ويسعى ممثلى مجلس النواب لحضور القمم والاجتماعات الاقليمية والدولية دون تنسيق المواقف مع الدول المؤثرة فى الملف وترك الأمر لقوى دولية ترغب فى رسم خارطة المستقبل السياسية للدولة الليبية.

مجلس النواب اللبنانى "بلى طعم ولا ريحة"

أما فيما يخص مجلس النواب اللبنانى فقد فشل فى انتخاب رئيس جديد للبلاد منذ أكثر من عام ونصف نتيجة حالة الانقسام السياسى وعدم اتفاق القوى الاقليمية والدولية حول شخصية توافقية يمكن أن تقود مركبة بيروت التى تعانى منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011.

ويشعر المواطن اللبنانى بالخطر المحدق ببلاده فى ظل التدخلات الاقليمية والدولية التى تتصارع لطرح اسم بعينه يكون رئيسا للجمهورية اللبنانية، وتعانى حكومة تمام سلام من مشكلات عدة وعلى رأسها أزمة النفايات التى خيمت رائحتها على عطر لبنان التى تلقب بـ"سويسرا الشرق"، إضافة لسوء الخدمات التى تقدمها الوزارات الخدمية فى البلاد.

المجلس التشريعى الفلسطينى: "والله زمان يا زلمة"

"والله زمان يا زلمة" كلمة يرددها الفلسطينيين تعبيرا عن سخريتهم من الواقع الأليمن الذى يعيشه منذ ظلم وفقر وسيطرة الفصيل الواحد وشق الصف الوطنى، فمنذ تسيطر حركة حماس على قطاع غزة منذ الانقلاب الذى قامت به الحركة على حركة فتح عام 2007 وقتلت الالاف من أبناء التنظيم، وبسطت حماس سيطرتها على غزة فى أكبر جريمة سطو على شعب بسيط يعانى من الاحتلال وويلات الحروب، إضافة لعرقلتها مسار العملية السياسية فى البلاد عقب الصراع المسلح الذى قاده التنظيم ضد أبناء الشعب الفلسطينى، وهو ما أدى لعدم انعقاد جلسات المجلس التشريعى منذ انقلاب حماس مما عرقل تشريع وسن العديد من القوانين.

ويعانى المجلس التشريعى الفلسطينى من الوهن والضعف عقب هيمنة حركة حماس على مفاصل قطاع غزة، وبدأت فى سن وتشريع القوانين التى تخدم سياستها فى القطاع واتخاذ قرارات بحق عناصرها فى تمميز واضح بين أبناء الشعب الفلسطينى وكان أخرها اقرارها توزيع جزء من اراضى غزة على موظفيها الذين انقطعت رواتبهم منذ عدة أشهر.

برلمانى سوريا واليمن "حدث ولا حرج"

ولا يختلف الأمر كثيرا فى سوريا واليمن فالمشقة السياسية فى البلدين حدث ولا حرج، فالمعاناة التشريعية حاضرة فى تلك الدول فى السنوات الاخيرة نتيجة الصراعات فى كلا البلدين، فاليمن لم تشهد انتخاب مجلس نواب حقيقى منذ ما يقرب من 13 عاما، فى مقابل مجلس النواب السورى الذى يعتبر غير مؤثر تماما فى الحياة السياسية فى البلاد نتيجة الصراع المسلح الذى اجتاح البلاد

ويأمل أبناء الدولتين فى انتخاب مجلس نواب قوى وفاعل يكون له دور مؤثر فى الحياة السياسية فى تلك الدول والتى عانت لسنوات طويلة من سيطرة الحزب الواحد على مقاعد البرلمان فى السنوات الاخيرة مما أدى لفساد سياسى وتفرد بالقرار داخل أروقة أحد أهم المؤسسات فى أى دولة هى المؤسسة التشريعية.

تونس" النموذج المشرف للبرلمانات العربية"

وتعتبر التجربة التونسية من أفضل التجارب التى حققها أبناء سوسة فى انتخاب مجلس نواب له دور بارز وواضح فى الحياة السياسية فى البلاد، وقدرته على فرض الرقابة المتواصلة على أداء الحكومة التى تقود البلاد فى تلك المرحلة الصعبة التى يعيشها أبناء ثورة الياسمين.

وينتظر أبناء الشعب التونسى من برلمان الشعب الذى عانى من حالة الانقسام النسبى من قبل أعضاء فى حزب نداء تونس، اعتراضا على سياسة حزب الرئيس الذى لم يعقد مؤتمره الأول، ويسير أبناء تونس بخطى ثابتة نحو إرساء مبادىء الديمقراطية والقانون عبر البرلمان المنتخب.