المواجهة المقبلة بين الرئيس ورجال الأعمال.. السيسى يسعى لسياسة جديدة تختلف عن "تأميمات" عبد الناصر و"انفتاح" السادات و"تحالف" مبارك.. ويسأل المستثمرين: "المليارات التى تحتاجها الدولة هاتيجى منين؟"

الثلاثاء، 03 نوفمبر 2015 12:29 م
المواجهة المقبلة بين الرئيس ورجال الأعمال.. السيسى يسعى لسياسة جديدة تختلف عن "تأميمات" عبد الناصر و"انفتاح" السادات و"تحالف" مبارك.. ويسأل المستثمرين: "المليارات التى تحتاجها الدولة هاتيجى منين؟" عبد الناصر و السادات ومبارك والسيسى
كتبت : سهام الباشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلا عن العدد اليومى...


«الشد والجذب» هو التوصيف الأمثل للعلاقة بين الرؤساء السابقين ورجال الأعمال، ففى الوقت الذى واجهت فيه ثورة يوليو الإقطاع فى العهد الملكى، بإجراءات الإصلاح الزراعى وتوزيع الملكيات الزراعية بعد شهور من الثورة، وانتهت إلى قوانين يوليو الاشتراكية والتأميم للشركات الخاصة مع ظهور القطاع العام فى الصناعة والتجارة، والصحافة والأنشطة المختلفة.

فيما انقلب الرئيس الراحل محمد أنور السادات على هذه السياسات فور توليه الحكم، فغير النظام الاقتصادى وقانون الاستثمار والمناطق الحرة ليبدأ فيه التواصل بين القطاع العام مع القطاع الخاص مع توسع الاستثمارات الخاصة والانفتاح الاقتصادى الذى لم يصل إلى انفتاح إنتاجى وتعرض لانتقادات لكونه لم يؤد إلى إصلاح اقتصادى حقيقى وهو ما بدأ مع حسنى مبارك الذى بدأ فيه المجتمع يذوق من ويلات الخصخصة مع بداية التسعينيات وهى عملية شابتها عمليات فساد وتلاعب وعمولات وظهرت قضايا فساد أخطرها كان عبد الوهاب الحباك فى الصناعات المعدنية وعلى عبد الغنى فى الأسمنت.

وكانت أهم الأخطاء الاقتصادية التى وقع فيها مبارك ونظامه هو سيطرة عدد قليل من رجال الأعمال على مقاليد الأمور وعلى رأسهم أحمد عز الذى يعتبر مثالا سيئا لخلط السياسة بالمال بعد وصوله إلى موقع أمين تنظيم الحزب الوطنى، كما انتقد خبراء الاقتصاد حصول عز على حديد الدخيلة من الدولة، هذا بالتزامن مع صعود فكرة التوريث وجمال مبارك، فضلا عما سمى بحكومات رجال الأعمال التى كانت تتبنى سياسات اقتصادية تقوم على اقتصاد السوق بينما ظلت أغلبية الشعب تواجه مشكلات اجتماعية وفقر وانتشرت العشوائيات، وهو ما أدى فى النهاية إلى غضب شعبى أطاح بمبارك.

أما العلاقة بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ورجال الأعمال فقد تراوحت بين مطالب من الرئيس بأن يساهم رجال الأعمال فى التنمية، ودعوته لهم ليتراجعوا عن الاحتكار ورفع الأسعار، خاصة أن مصر فيها 20 ألف و200 مليونير وفقا لتقرير مؤسسة «نيو وارلد ويلث» والذى حمل عنوان «الثروة الأفريقى لعام 2015»، وعلى الرغم من ضخامة هذا العدد إلا أننا لا نسمع سوى عن عدد قليل فقط هم من يظهرون ويتبرعون ويبادرون بالمشروعات، فلماذا لا يتكاتف جميعهم لمواجهة التحديات الاقتصادية التى تواجه المجتمع وتواجههم هم أيضا.

فنظرة عامة على الساحة الاقتصادية، تكشف أن أسماء محدودة من رجال الأعمال هم من يؤمنون بأهمية دورهم فى التنمية وهو ما ظهر جليا فى تبرع البعض منهم فى صندوق «تحيا مصر» وهى الاستجابة التى نتج عنها دعم الاقتصاد بـ6.75 مليار جنيه بحسب الأرقام المعلنة عن الصندوق وقتها، فما بالنا إذا انضم إليهم باقى رجال الأعمال والذين لم يتخذوا حتى الآن أى مواقف داعمة لمواجهة هذه التحديات.

ولعل كلمات الرئيس خلال ندوة القوات المسلحة التى عقدها أمس الأول عندما كان يتحدث عن هذه التحديات التى قال فيها «المليارات التى تحتاجها مصر هتيجى منين أوعوا تدونى ظهركم وتمشوا»، هى إشارة منه إلى أهمية دور رجال الأعمال فى دعم التنمية والاستثمار الإيجابى الذى يسهم فى حل الكثير من المشكلات التى يعانى منها المواطن والتى تتمثل أهمها فى ارتفاع الأسعار خاصة بعد انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار.

محاولات السيسى فى دمج رجال الأعمال داخل المجتمع تدفعنا إلى النظر إلى التجارب السابقة فى علاقة الرؤساء بهم التى اختلفت حسب كل نظام ونظرته لدور المستثمرين فى دعم الاقتصاد.

كل هذه التجارب تشكل خلطة اقتصادية يجب أن يستفيد منها النظام الحالى فى كيفية دمجه لرجال الأعمال والمستثمرين فى المشروعات المجتمعية التى تعود عليهم وعلى المجتمع بالنفع دون سيطرة إو احتكار.والرئيس يتحدث عن إجراءات تتخذها الدولة، وهناك مطالب من خبراء بإعادة التعاونيات أو التعامل بخليط من الإجراءات الاجتماعية التى تتبعها الدول الأوروبية من نظام ضرائب متصاعدة أو مواجهة تعاونية للاحتكار.

اليوم السابع -11 -2015

هدى زكريا - أحمد جمال الدين


عبد الناصر.. الحرب ضد الإقطاعيين والرأسماليينبناء 1200 مصنع وزيادة الرقعة الزراعية بفضل سيطرة الدولة على الاقتصاد



اليوم السابع -11 -2015

على مدار ستة عقود مرت علاقة رجال الأعمال بالأنظمة الحاكمة المختلفة بأطوار عدة، بدأت بالعداء فى عهد جمال عبدالناصر إلى أن قام أنور السادات بإعادة المياه لمجاريها مرة أخرى فى فترة حكمه، لكن رجال الأعمال تمكنوا من تثبيت أقدامهم خلال ثلاثين عاما، حكم حسنى مبارك فيها البلاد، لدرجة دفعت «لوبى رجال الأعمال» لتشكيل حكومة أغلبها من المستثمرين فى المجالات المختلفة، ما اعتبره البعض أحد أهم أسباب قيام ثورة 25 يناير.

بعدها جاءت فترة الرئيس عبدالفتاح السيسى التى اتسمت بعدم الشفافية والوضوح فى العلاقة بين الطرفين، خاصة أن عددا من رجال أعمال نظام مبارك عادوا إلى الحياة السياسية من جديد ما يطرح تساؤلا حول كيفية تعامل النظام الحالى معهم بشكل خاص وعلاقته بطبقة رجال الأعمال بشكل عام؟.

اصطدم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بالإقطاعيين والرأسماليين، بقرارات الإصلاح الزراعى التى أخذت أراضى من الإقطاعيين ومنحتها للمزارعين الفقراء، أما قرارات التأميم فكانت ضد الرأسماليين، وأدت هذه السياسة إلى تشييد 1200 مصنع تابع للقطاع العام، وبلغت نسبة النمو الاقتصادى 8% سنويا عامى 1969 و1970، وازدادت نسبة الرقعة الزراعية من 2.1 مليون فدان إلى 4 ملايين فدان، وبلغت ديون مصر فى تلك الحقبة مليار دولار فقط ثمن أسلحة من الاتحاد السوفيتى، لذا كان طبيعيا أن يعود نجله عبدالحكيم بمطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخرا بتأميم ممتلكات رجال الأعمال غير الفاعلين والمتقاعسين عن دعم الاقتصاد المصرى على أمل نجاح التجربة الآن مثلما كانت نظيرتها فى فترة الرئيس جمال عبدالناصر.

ولكن لم تمر تجربة «القطاع العام» والقضاء على الإقطاع والرأسمالية الممثلة فى الفئة الحاكمة وعدد من العائلات اليهودية من بينها عائلة «بيجو» و«سموحة»، دون تقييم ونقد من قبل رجال الاقتصاد، فى البداية تقول الدكتور بسنت فهمى، أستاذ الاستثمار بجامعة النيل، إن حقبة ما قبل الخمسينيات هى أفضل الفترات الاقتصادية لمصر، مشددة على أن رجال الأعمال تنوعت مساهماتهم فى الاقتصاد المصرى باختلاف حقبه، ففى فترة الخمسينيات والستينيات كانت الدولة هى المهيمنة على النشاط الاقتصادى وبدأ دورها يتراجع تدريجيا خلال السبعينيات والثمانينيات أما فى فترة الرئيس الأسبق حسنى مبارك فبرز دور رجال الأعمال وسيطرتهم الكاملة على النشاط الاقتصادى للدولة.

وأضافت فهمى: «فترة ما قبل الخمسينيات هى أزهى العصور الاقتصادية للدولة المصرية، فقد شهدت رواجا اقتصاديا لم يأخذ شكل الطابع المحلى فقط وإنما امتد للمظهر العالمى، حيث كانت توجد العديد من البورصات العالمية داخل مصر ومنها بورصة القطن وبورصة السكر، وهو ما جعل لمصر قوة اقتصادية فى وقت من الأوقات، وذلك بفضل عدد من رجال الأعمال الشرفاء الذين تبنوا الرأسمالية الاجتماعية بمفهومها الواسع، الذى لا يقتصر دور المستثمر فيه على المكسب المادى فقط، وإنما يجب أن يكون هناك دور اجتماعى ووطنى، وهو ما أدى إلى تراجع نسبة البطالة إلى 2%، وهو ما استمر العمل عليه حتى فترة الخمسينيات والستينيات التى شهدت انسحابا كبيرا لدور رجال الأعمال لحساب الدولة التى تدخلت فى إدارة الملف الاقتصادى بشكل مباشر.

وتابعت: «وعلى عكس الفترة السابقة التى برزت فيها إسهامات دور رجال الأعمال، شهدت فترة الخمسينيات اختفاءً كاملا لهم بعد تدخل الدولة لإدارة ملف الاقتصاد وإنشاء ما يسمى القطاع العام فى محاكاة لدول أوروبا الشرقية، وهو السبب الحقيقى لخراب الاقتصاد المصرى، خاصة فى ظل كم الفساد الذى استشرى فى ذلك القطاع، مشددة على أن الدولة يجب أن يقتصر تدخلها الاقتصادى على تملك بعض الهيئات والخدمات السيادية فقط ومنها «الكهرباء، المياه، السكك الحديدية» وغيرها دون أن تمسك بزمام الملف الاقتصادى وتهيمن عليه بشكل كامل، مثلما كان الحال فى فترة الخمسينيات».

وقالت: «ظهور شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة فى فترة الستينيات أدى إلى صرف النظر عن خلق استثمارات جديدة، وبالتالى كان هناك إهدار كامل الناتج القومى وقتها إلى شؤون التسليح، إلى جانب الاستيلاء على أموال وممتلكات المستثمرين خلال تلك الفترة تحت دعاوى وشعارات التأميم، وهو ما أدى إلى هروب استثمارات أجنبية كثيرة خارج البلاد، وهو الأمر الذى ظل متوارثا بين رجال الأعمال حتى هذه اللحظة، إضافة إلى أن عددا كبيرا من المستثمرين ورجال الأعمال رهن أصوله فى مصر مقابل الحصول على قروض وأموال سائلة يتم تحويلها إلى الخارج خوفا من عودة النهج السابق وهو التأميم».

السادات.. بداية سيطرة رجال الأعمال.. بدء سياسة الإقلال من تدخل الدولة ومنح الفرص للمستثمرين



اليوم السابع -11 -2015

جاءت فترة الرئيس الراحل أنور السادات لتعيد قطاع رجال الأعمال للحياة من جديد، بعدما قرر أن يغرد خارج السرب ويبتعد عن سياسة سلفه عبدالناصر، حيث غير توجه الدولة المالى من الاشتراكية للرأسمالية والاقتصاد الحر، ومن وقتها بدأت سيطرة رجال الأعمال على الاقتصاد المصرى تنمو تدريجيا، وازدادت رؤوس الأموال الصغيرة التى كانت موجودة فى عهد عبدالناصر، وتضخمت وعادت فكرة احتكار النشاط الاقتصادى فى يد فئة بعينها مثل سيد مرعى وعثمان أحمد عثمان ورشاد عثمان، وزاد الأمر سوءا حيث الحرب التى خاضتها مصر فى 1973.

وفى منتصف السبعينيات وبالتحديد ما بعد حرب أكتوبر انتهج السادات سياسة جديدة متبنيا سياسة اقتصادية تقلل من تدخلات الدولة، وتمنح الفرصة إلى الاقتصاد الحر، من خلال المستثمرين، وهى السياسات التى نتج عنها إنشاء المدن الجديدة وإقامة العديد من المصانع بها، وصدور قانون الاستثمار الذى يعد من أفضل القوانين التى ظهرت وفقا لرؤية المؤيدين لتلك التجربة، التى تختلف بالنسبة للمعارضين الذين يرون أن تلك الفترة كانت سببا فى حالة التراجع والضعف الاقتصادى، على الرغم من زيادة معدلات الناتج القومى التى كان وراءها إعادة فتح قناة السويس وازدهار السياحة، وهى أشياء لا تمثل نشاطاً إنتاجيا بمعنى الكلمة، ومعرضة للتدهور فى أى لحظة، وهذا ما حدث بعد وفاة السادات، حيث وصلت ديون مصر إلى 30 مليار دولار.

الدكتور شريف دولار، الخبير الاقتصادى، رأى أن دور رجال الأعمال تضاءل بشكل كبير خلال حقبة الستينيات، حيث كان القطاع العام هو محرك التنمية الاقتصادية، وكانت الدولة هى المحرك الأساسى للنشاط الاقتصادى، بما فيها نشاط الاستيراد والتصدير الذى كان يتم من خلال شركة النصر التى كانت تقوم بدور عظيم فى ذلك الشأن وقتها مع تأميم لعدد من الشركات ومنها المقالون العرب وغيرها، وتم تعويض أصحابها عنها إلى جانب فرض قيود على الأنشطة التجارية، حيث سمح للشركات الصغرى خاصة فى مجال الإنشاءات بتنفيذ أعمال ومبانٍ بحد أقصى 50 ألف جنيه، وذلك تنفيذاً لمبادئ الميثاق الوطنى فى مايو 1962، وهو ما استمر العمل به حتى جاء السادات بسياسات مغايرة رغبة منه فى إسناد دور حقيقى لرجال الأعمال والمستثمرين، وهو ما تم من خلال سن أول قانون للاستثمار وقوانين المناطق الحرة عقب توقيع اتفاقية السلام، مشددا على أن السادات كانت لديه رغبة حقيقية فى تحرير الاقتصاد المصرى بالكامل.

وأوضح دولار أن تلك السياسات ساهمت فى ظهور جيل من رجال الأعمال المميزين الذين ساهموا فى دفع الاقتصاد المصرى، وكان لهم العديد من الآثار الإيجابية من خلال الصناعات التى قاموا بتدشينها ومنهم رجل الأعمال الأشهر عثمان أحمد عثمان، وسيد مرعى الذين تعدى دورهم الاقتصادى إلى وجود دور سياسى قوى، ومصاهرة أولاد مرعى وعثمان لرأس الدولة مباشرة الرئيس الأسبق أنور السادات، وكان ذلك أول ظهور حقيقى لمصطلح «تزاوج رأس المال بالسلطة».

وأضاف: «وعلى الرغم من نجاح تجربة رجال الأعمال فإن الرئيس الأسبق حسنى مبارك فضل العودة مجدداً إلى سياسة القطاع العام، وذلك فى بداية حكمه وبالتحديد فى بداية عام 1989، إلا أن ذلك لم يستمر طويلاً واضطر فى النهاية إلى العدول عن ذلك والاتجاه لإطلاق يد المستثمرين ورجال الأعمال فى الاقتصاد، من خلال تخفيف القيود عليهم، وهو ما أدى إلى ظهور جيل مميز من رجال الأعمال ومنهم «محمد فريد خميس صاحب مصانع النساجون الشرقيون، وكان من أول المستثمرين الذين اتجهوا باستثماراتهم نحو مدينة العاشر من رمضان، إلى جانب د. لويس بشارة، فى أكتوبر. وأرجع دولار بداية ظهور مصطلح رجال الأعمال مجددا إلى انتهاء حرب الخليج وإسقاط نصف الديون المصرية التى كانت ستتسبب فى انهيار الاقتصاد المصرى».

وأكد دولار أن الرأسمالية الاقتصادية التى يحققها تواجد رجال الأعمال يتنوع دورها الإيجابى والسلبى، وهو ما ظهر خلال فترة مبارك، حيث كانت فى البداية لها العديد من المزايا التى سرعان ما تحولت إلى سلبيات كبيرة، خاصة خلال ولايته الأخيرة التى شهدت توحشا حقيقيا لهم، من خلال البحث عن مصالحهم الخاصة، والرغبة فى تكوين ثروات طائلة دون تقديم خدمات حقيقية تساهم فى حل أزمة البلاد الاقتصادية، أو خفض لمعدل البطالة، وهو ما أدى فى النهاية إلى اندلاع الثورة نتيجة اتساع الفجوة بين الطبقات.

ومن جانبه قال الدكتور صلاح الدين فهمى، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن فترة الرئيس الأسبق أنور السادات شهدت انفتاحا اقتصاديا بعد سنوات من الانغلاق والاقتصاد الموجه الذى كانت تتولاه الدولة، فهو أول من أقدم على خلق علاقات اقتصادية مع الدول الخارجية، وذلك من خلال إقرار سياسة الانفتاح الاقتصادى التى كان تؤسس إلى الاقتصاد الحر بالاعتماد على رجال الأعمال والمستثمرين.

وتابع «ولكن للأسف الشديد كان هناك من هؤلاء المستثمرين فى تلك الفترة من لم يدرك المعنى الحقيقى المقصود من تحرير الاقتصاد، وسعى إلى تعظيم الاستفادة الشخصية، والسعى إلى تكوين ثروات دون أن يقابلها عمل على أرض الواقع، ودون أن يسعى لرفع مستوى الاقتصاد المصرى، مما يعد تطبيقا للانتهازية المالية، وهو ما أدى إلى ظهور ممارسات غير رشيدة لعدد من رجال الأعمال فى مجال توظيف الأموال.

مبارك.. وهيمنة القطاع الخاص.. دخل الحياة السياسية فتزاوجت الثروة مع السلطة



اليوم السابع -11 -2015

يرى البعض أن مرحلة الرئيس الأسبق حسنى مبارك تعد النموذج الأمثل لهيمنة القطاع الخاص وتصدر رجال الأعمال للمشهد بعد سيطرتهم على الحياة الاقتصادية، لذا كان طبيعيا أن يلقب عهد مبارك بعصر رجال الأعمال، خاصة بعدما دخل رجال الأعمال الحياة السياسية وشكلوا الحكومة أيضا، تحديدا فى عهد رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، والدليل على ذلك تولى زهير جرانة، وهو رئيس إحدى الشركات السياحية حقيبة وزارة السياحة، وكذلك رجل الأعمال أمين أباظة حقيبة وزارة الزراعة، فضلا عن تولى حاتم الجبلى وهو مدير مستشفى استثمارى حقيبة وزارة الصحة، وكذلك قيادة رجل الأعمال أحمد عز للبرلمان وهو إمبراطور الحديد فى مصر، وكذلك رجل الأعمال رشيد محمد رشيد الذى تولى وزارة التجارة والصناعة، ورجل الأعمال أحمد مغربى الذى أدار ملف الإسكان، مما يعد تجسيدا واضحا لمقولة تزاوج المال بالسلطة.

والمعروف عن هذا النظام أنه استمال رجال الأعمال بأشكال متنوعة وأغراهم بالمشاركة فى الحياة السياسية، وساعد فى ذلك تبعيتهم الدائمة له، لدرجة أنه أسند إليهم دورا فى قيادة بعض الأعمال وتوفير الخدمات الاجتماعية وليست السياسية فحسب، مما شكل خطورة على استمرار النظام نفسه، بعدما سيطرت عليه فئة بعينها حتى جاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير وأطاحت بهم جميعا، وكانت سببا فى مثولهم أمام الجهات المختصة للتحقيق معهم فى قضايا فساد وكسب غير مشروع.

«ظهور جمال مبارك ومشروع التوريث الذى سانده ودعمه عدد من رجال الأعمال أساء إلى ذلك المصطلح وعكس مفهوما غير حقيقى عن أغلب المستثمرين المصريين الذين ساندوا الاقتصاد المصرى فى أسوأ ظروفه خلال الفترة ما بين ثورة 25 يناير و30 يونيو»، هذا ما أكد عليه الدكتور فخرى الفقى، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة والمستشار الأسبق لصندوق النقد الدولى.

وأضاف: «فى السنوات العشر الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق مبارك بدأ التمهيد لمشروع التوريث من خلال الظهور المكثف لجمال مبارك، الذى كان من الطبيعى أن يستعين بمجموعة القوة المحركة للسوق، وهم بعض رجال الأعمال، الذين اختلف دورهم من السعى إلى خدمة الاقتصاد المصرى إلى الرغبة فى نيل رضا جمال والتقرب منه، أملاً فى حجز دور له مع الرئيس المستقبلى للبلاد بعد انتهاء فترة حكم مبارك».

وأوضح أن ذلك بدأ من خلال الانضمام إلى لجنة السياسات التى كان يترأسها وتدعيم الحزب مالياً، مع السعى إلى الحصول على دور أكبر من خلال إقناع الوريث المنتظر بضرورة التمثيل برجاله فى الحكومة والاستعانة بهم فى المراكز القيادية من أجل تدعيمه، وهو ما حدث بعدما أختير عدد منهم بالفعل كوزراء ورؤساء للعديد من الهيئات التنفيذية، حيث كانت عضوية لجنة السياسات هى الباب الأوسع أو الممر الكبير لشغل المنصب الوزارى، وهو ما أدى إلى ظهور أسوأ الفترات الاقتصادية التى مرت على البلاد، من خلال بحث الوزراء الجدد عن مصالحهم الخاصة، وتوسيع دوائر أعمالهم ومكاسبهم الاقتصادية، من خلال عضويتهم بالحكومة، وهو ما أطلق عليه زواج السلطة والمال.

وأشار الفقى، إلى أن السياسات التى انتهجها عدد من رجال الأعمال زادت من فرصهم فى تحقيق مكاسب سريعة وتكوين الملايين والمليارات من خلال المتاجرة فى أراضى الدولة التى حصلوا عليها بأسعار زهيدة، مؤكدا أنه على الرغم من ارتفاع معدلات النمو الاقتصادى التى كان يتشدق بها نظام مبارك، إلا أن الحقيقة هى أن تلك المعدلات المرتفعة لم يستفد بها غالبية المواطنين الذين ازدادوا فقراً، مما أدى لحدوث انفجار شعبى تمثل فى ثورة يناير لإسقاط ذلك النظام الذى استعان ببعض من رجال الأعمال الذين سعوا إلى الاستفادة من ذلك النظام، من خلال ممارسات أساءت لغالبية رجال الأعمال «الشرفاء» بحسب وصفه، وهم الذين يعملون فى صمت ودون ضجيج، رغبة منهم فى خدمة الاقتصاد، حاملين على عاتقهم مهمة مساندة الاقتصاد المصرى فى أحلك ظروفه، وخاصة فيما بعد 25 يناير، ووصولا إلى 30 يونيو، وهى النواة الصلبة التى يجب حمايتها والحفاظ عليها.

وأكد الفقى على أن النواة الصلبة لرجال الأعمال الشرفاء مازالت موجودة وباقية إلى الآن، ولكنها تعانى من ظروف اقتصادية صعبة .

السيسى.. يؤسس لعلاقة جديدة مع رجال الأعمال.. إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال لإحداث التوازن



اليوم السابع -11 -2015

تشهد الفترة الحالية حالة من التوتر والضبابية بشأن علاقة النظام الحاكم بقطاع رجال الأعمال، ففى الوقت الذى وجه فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى دعوة لرجال الأعمال للتبرع لصندوق تحيا مصر، إلا أن الاستجابة لم تأت إلا من قلة قليلة، إضافة إلى أن رجال أعمال مبارك عادوا للظهور مجددا ويرغبون فى اقتحام الحياة السياسية، مما يضع السيسى أمام تحدٍ كبير يجعله يسعى لإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام، من أجل تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلية، وزيادة معدلات النمو، مما ينعكس على الإنتاج المحلى، ويزيد من احتمالية الاعتماد عليه، وبالتالى يقل معدل الاستيراد من الخارج، وتزداد القدرة التنافسية لدى المنتج المصرى.

الدكتور مختار الشريف، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، يقول: «رجال الأعمال خلال هذه المرحلة وبالتحديد بعد ثورة 30 يونيو يعانون من واقع سىء وضغوط كبرى سواء من جانب الروتين الحكومى الذى يقتل الاستثمار فى مصر، أو من حيث نقص المواد التشريعية المحفزة للاستثمار، إلى جانب الهجوم الشرس والانتقادات التى توجه لهم باستمرار، وتتهمهم بالتخاذل عن مساعدة الدولة، أو تكوين ثرواتهم بطرق غير مشروعة، وهو اتهام يتم توجيهه إلى أغلب رجال الأعمال، فى الوقت الذى نحثهم فيه على مد يد العون للاقتصاد.

وأكد الشريف أنه يجب على الدولة العمل بسرعة لإنهاء الأزمات التى يعانى منها المستثمرون، وذلك من خلال التحرك الجاد والفعلى لإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار الذى لم يدخل دائرة التنفيذ حتى هذه اللحظه وهو ما يعكس حالة التخبط الكبير وعدم وضوح الرؤية فى مناخ الاستثمار، إلى جانب الروتين الخانق الذى يمثل معاناة كبرى ممثلا فى الإدارات التى يتعامل المستثمرون فيما يخص شراء الأراضى فى المناطق الصناعية.

وأضاف الشريف أن أزمة العملة وعدم استقرار سعر العملة سواء الجنيه أو الدولار تمثل معاناة أخرى تضاف إلى الأزمات السابقة، وهو ما يعنى أن رجال الأعمال بحاجة إلى مد يد العون إليهم ومساعدتهم للنهوض من عثرتهم، وهو ما سوف ينعكس بالإيجاب على الأداء الاقتصادى للدولة.

«نظام السوق يعنى الاعتماد على رجال الأعمال والمستثمرين فى تنفيذ خطة التنمية التى سيتولون تنفيذها بنسبة 80%، فيجب تهيئة الأجواء لهم للقيام بهذه المهمة، بس ما ندعلهمش مثلما كان يحدث أيام مبارك»، هذا ما أكده د. رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية.

وأوضح أن الحديث عن مساعدة الدولة للمستثمرين ليس بدعة مصرية وإنما هو الأمر المتبع فى كل دول العالم، نظرا للدور المهم الذى يقومون به، من خلال ضخ استثمارات فى اقتصاد الدولة تعمل على زيادة الإنتاج وخلق فرص عمل، والقضاء على البطالة، وهو الأمر الذى يتطابق على غالبية رجال الأعمال فى مصر الذين يحرصون على الدور الاجتماعى نحو بلادهم، ومن أمثلة ذلك ما يقوم محمد فريد خميس الذى يقوم بجهود كبرى فى مجال المنح الدراسية التى يقدمها إلى أوائل الخريجين إلى التبرع لعدد كبير لتطوير المدارس فى الأرياف والصعيد.

وهو نفس الأمر الذى يشاركه فيه رجل الأعمال محمد أبوالعينين من خلال جمعيته التى تحمل اسمه وتقدم مساعدات دائمة للأهالى فى مختلف المجالات، وعلى الرغم من ابتعاده عن السياسة من خلال عدم الترشح فى البرلمان إلا أن نشاط الجمعية مازال مستمرا إلى الآن.

وأشار «عبده» إلى أنه لا يمكن إنكار الدور المهم للمستثمرين، وخاصة فى بلد نامٍ مثل مصر، وبعد إظهار الدور المهم الذى يقدمونه سواء اقتصاديا أو اجتماعيا، ولكن يجب الإشارة إلى أن الصورة ليست بهذه المثالية فى عمومها، فهناك عدد منهم من ينصب اهتمامه على تحقيق أكبر استفادة ممكنة من الدولة دون أن يمد يده إلى مساعدتها فى أوقات شدتها، وهو ما تمثل فى عدم الاستجابة الكاملة من قبل عدد ليس بالقليل من رجال الأعمال لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى التبرع لصندوق تحيا مصر لبناء الاقتصاد والتغلب على عجز الموازنة البالغ 251 مليار جنيه، إلى جانب العجز فى الاحتياطى الأجنبى، وهو ما يساهم فى ترسيخ الصورة السلبية لرجال الأعمال، ورغم ذلك فإن من مصلحة الطرفين أن يكون هناك علاقة متوازنة بينهما.

سارع عدد من رجال الأعمال للتبرع إلى صندوق «تحيا مصر»، استجابة لدعوى الرئيس عبد الفتاح السيسى لتدعيم الاقتصاد المصرى بـ6.75 مليار جنيه، بحسب الأرقام المعلنة عن الصندوق وقتها، حيث ضمت قائمة المتبرعين كلاً من المهندس محمد الأمين ومجموعة «عامر جروب» ، ومحمد فريد خميس بـ200 مليون جنيه، وأحمد أبو هشيمة، ورجل الأعمال أحمد بهجت، ورجل الأعمال أيمن الجميل، ورجل الأعمال محمد أبو العينين، ورجل الأعمال حسن راتب.

اليوم السابع -11 -2015


موضوعات متعلقة:


- بالصور.. محافظون ومدراء أمن يراقبون الأسواق لضبط الأسعار بعد تصريحات الرئيس.. اتفاق بين أمن القليوبية و8 مراكز تجارية لبيع سلع مخفضة.. وأمن كفر الشيخ يقود حملة ويُعنف باعة جائلين يبيعون أزيد من السعر

- خطة الأجهزة الرقابية لضبط الأسعار.. مباحث التموين تنسق مع مديريات الأمن بالمحافظات لمداهمة مخازن الشركات المخالفة وضبط محتكرى السلع.. ولقاءات مع موردى المنتجات الغذائية واللحوم لطرح مبادرات خفض السعر







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة