النيابة: الجشع وحب المال جعل المتهمين يستخفون بأرواح المواطنين
"بسم الحق الذى يعيش فى ضمائرنا وترفعون شعاره فوق أكتافكم، بسم العدل الذى أقسمتم يمين الولاء له، بسم الأمانة الكبيرة والرسالة الرفيعة، التى تنوء بحملها الجبال فحملتموها أنتم بكل وفاء وإخلاص، بسم المجتمع الذى منحنا أمانة تمثيله، فحملنا تلك الأمانة بشرف واعتزاز، خلق الله الإنسان وفضله على سائر مخلوقاته، خلقه الله عز وجل فى أحسن صورة ونفخ فيه من روحه، وجعلها سرا لا يعلمه إلا هو مالك الملك، فإذا جاء أجل الإنسان أمر الله سبحانه وتعالى ملك الموت أن يقبض روحه، وأعادها إلى بارئها ليقضى فيها أمرا كان مفعولا، فهو وحده وتعالى من يملك ذلك، وإليه يرجعون".
واستكملت النيابة مرافعتها قائلة: "إن كل جريمة سواء كانت عمدية أو غير عمدية وراء ارتكابها "باعث"، وإذا ما حاولنا الإبحار بين ضفتى قضية اليوم، فسنجد أنه بالنسبة للمتهم الثالث الهارب فقد كان باعثه لارتكاب تلك الواقعة هو الطمع والجشع والرغبة فى جمع المال ولو بمخالفة القانون، وبالاستهانة بأرواح المجني عليهم، المتهم الثالث مالك المركب المنكوب، يبحث عن جمع المال بأى طريقة، فسير مركبا لا تصلح فنيا لذلك، وملأها بأكثر من ضعف العدد الذى تتحمله وهى صالحة، واستعان بالمتهم الثانى لقيادتها وهو غير مؤهل لذلك، ما الذى دعاه إلى ذلك، إنه الطمع سيدى الرئيس، لجمع أكبر قدر ممكن من المال غير عابئ بسلامة الأبرياء، وكذلك المتهم الثانى الذى قبل بقيادة تلك المركب وهو غير مؤهل لذلك من أجل بضعة جنيهات، والاستعانة بالأرواح البشرية وأبرياء وضعوا ثقتهم فيه، واستقلوا معه المركب، غير عالمين بأنها لا تتحمل عددهم".
أما عن المتهم الأول، فقد كان باعثه على ارتكاب الواقعة والسير ليلا بالوحدة النهرية، كما هو ثابت بالتحقيقات بالرغم من عدم تزويدها بوسائل الرؤية الليلية وعدم استيفاء الطاقم من العدد، حيث كان يرغب في إعادة الصندل لمرساه قبل التاسعة ليلا، ولم يتخذ أدنى درجات الحرص على سلامة الأرواح، فكانت النتيجة وفاة 36 ضحية، ملأت الدنيا حزنا وآسى.
النيابة:الضحايا رغبوا فى الترويح عن أنفسهم بأجر زهيد فرقصوا رقصة الموت الأخيرة
وأضاف ممثل النيابة: تمر أحداث القضية فى ليلة الثانى والعشرين من يوليو الماضى، ليلة كان الظلام فيها دامسا وغاب عنها القمر، وكأنه يأبى أن يشهد تلك المأساة المفجعة، أما عن المجنى عليهم فهم أسوأ بسيطة أغلبهم أطفال، اضطرهم ضيق الحال، ورغبة مشروعة فى الترويح عن أنفسهم، إلى استقلال تلك المركب بأجرة زهيدة، وهم لا يعلمون بأنهم يدفعون ثمن تذكرتهم إلى الموت والهلاك، وتواجد المتهم الثالث على مسرح الواقعة فى المرسى وملئ المركب بعشرات الركاب بمخالفة القانون لقدرتها الاستيعابية، وتولى المتهم الثانى قيادتها، وشرعت المركب فى رحلتها الأخيرة، وسط شعور بالبهجة والسعادة يتملك مستقليها، وسط موسيقى وأغانى وأطفال صغار يرقصون فرحا لا يعلمون ما ينتظرهم من مصير، لا يعلمون أنها رقصتهم الأخيرة، وعندما دقت الساعة الأخيرة وعند عودة المركب لمرساها، قادها المتهم الثانى فى عرض نهر النيل، وفوجئ بقدوم الصندل قيادة المتهم الأول، فاصطدم بها، مخيما عليه الظلام، لعدم تزويده بكافة الوسائل اللازمة الإضاءة، فتبدلت أصوات الفرح والسرور بالصراخ والفزع والعويل وانتقلوا إلى الجانب الأيسر من المركب ولم يصبح بوسع أحدهم شيئا سوى الصراخ والتدافع، غرق مستقليها فى المياه وفقد معظمهم أرواحهم، مشهد حزين يخيم عليه الظلام بجثة الموتى تبحث عن من يناسبها من فوق الماء، ويفر المتهمان من محل الواقعة، وحتى ضبط أحدهم، لذلك فالنيابة تطالب بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين لما اقترفته من إهمال وطمع واستهانة بالأرواح البريئة.
النيابة تستند الى شهادة الشهود والتقارير الفنية والتحريات لإدانة المتهمين
واستند ممثل النيابة العامة، فى مرافعته إلى أدلة إدانة المتهمين، والتى ثبتت من خلال شهادة الشهود سواء من المجنى عليهم المصابين أو الناجين من الحادث، إضافة إلى تحريات رجال مباحث الوراق وتحريات شرطة المسطحات المائية، فضلاً عن معاينة اللجنة الفنية المشكلة من الهيئة العامة للنقل النهرى، والتى أكدت أن الصندل غير مجهز بوسائل رؤية ليلية وغير صالح للملاحة فضلاً عن نقص الزيت به ما جعله غير قادر على المناورة لتفادى وقوع الحادث، إلى جانب أن نظام التوجيه غير صالح، وكان يتعين على قائده عدم الإبحار، وأشار التقرير إلى أن مركب النزهة لا يوجد بها أنوار ملاحية، وأنها مصنعة فى ورشة غير مختصة لم تراع أصول الصناعة، فضلاً عن أن مساحة المركب وأبعاده تجعله لا يستوعب أكثر من 21 راكبا، وعلى الرغم من ذلك فقد حمل بما يزيد عن 41 راكبا.
النيابة تطالب بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين لوضع حد للاستخفاف بأرواح المواطنين
واختتم ممثل النيابة مرافعته بما يلى: "إن مصابنا اليوم عظيم إنها مأساة أسر بأكملها رجال وأزواج فقدوا أبناءهم وبناتهم وزوجاتهم وأزواجهم، فقد اغتالتهم أيادى الفاسدين بكل غدر، فى تلك اللحظات التى كانوا فيها فرحين سعداء بقدوم العيد يلتمسون البهجة من بين صعاب الحياة، إنها فاجعة مجتمع قطع أوصاله المفسدون، وظنوا أن الاتجاه إلى الظلم والطغين يمر مرور الكرام، وأن النيابة العامة تناشد المشرع المصرى بإجراء تعديل تشريعى يقضى بملاحقة كل مسؤل أهمل أو قصر فى اتخاذ التدابير اللازمة لحماية أرواح المصريين وتغليظ العقوبة المقضى بها فى جرائم القتل والإصابة الخطأ، وأهيب بحضراتكم وأنتم على محراب العدالة ظل الله فى أرضه أن توقعوا أقصى عقوبة على المتهمين إنذارا لكل من تسول له نفسه الاستخفاف بأرواح المواطنين.
عدد الردود 0
بواسطة:
Ali
اووف