الجالية العربية بأمريكا "عالقة" بين الإرث العربى والحلم الأمريكى.. الانقسامات الدينية تمنعها من تشكيل "لوبى" موحد.. صحفى مقيم بأمريكا: المرشحون للانتخابات الرئاسية يهاجمون العرب والمسلمين لجذب الأصوات

الإثنين، 23 نوفمبر 2015 10:48 ص
الجالية العربية بأمريكا "عالقة" بين الإرث العربى والحلم الأمريكى.. الانقسامات الدينية تمنعها من تشكيل "لوبى" موحد.. صحفى مقيم بأمريكا: المرشحون للانتخابات الرئاسية يهاجمون العرب والمسلمين لجذب الأصوات طارق عبد الواحد صحفى سورى مقيم بأمريكا
رسالة ديترويت – رباب فتحى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

طارق عبد الواحد: اللبنانيون الأمريكيون منقسمون منذ 2005 بعد اغتيال الحريرى.. اليمنيون بين صالح والثورة بـ"ديترويت".. وتوحيد صفوفهم الحل الوحيد للتأثير على السياسة الأمريكية


كان شعور غريب أن تكون وسط أشخاص يشبهونك من حيث اللون والشكل واللغة، ولا تزال تشعر بعزلة وعدم تواصل وربما قليل من الوحشة، فعلى عكس ولايات واشنطن وكاليفورنيا وحتى نيويورك، اتسمت مدينة ديربورن فى ولاية ميشجين والتى يطلق عليها "العاصمة العربية"، بالبرود والغربة والتشوه، فتشعر أنها ومن عليها عالقون بين عالمين لم يستطع إحداهما أن يطغى على الآخر، فلا هو عربى ولا هو أمريكى.

حتى عندما ذهبت إلى أحد المقاهى العربية فى المدينة لاكتشافها كجزء من برنامج الزائر الدولى الذى ترعاه الخارجية الأمريكية، والذى ضم 15 شخصا من 9 دول عربية، وشمل زيارة لأربع ولايات، لم أستطع إيجاد روح العرب المألوفة؛ تلك التى غالبًا ما يتخللها أصوات الضحك والسمر خاصة أنهم كان يجلسون معًا على طاولات يحتسون القهوة والشاى العربى ويدخنون الأرجيلة. يمكنك القياس على ذلك الحياة بشكل عام فى أرجاء المدينة، فالجالية العربية فى ديربورن، وهى أكبر جالية فى الولايات المتحدة الأمريكية ما هى إلا انعكاس للانقسام والاختلاف الذى ينخر فى عظام أوطان الشرق الأوسط.

انقسامات حادة


ويقول طارق عبد الواحد، كاتب صحفى وعربى مقيم فى الولايات المتحدة الأمريكية، إنه مجتمع الجالية العربية يعانى من انقسامات حادة تعكس صورة الانقسام الحاصل فى البلدان العربية، فالجالية اللبنانية تعانى من انقسام منذ العام 2005 فى أعقاب اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريرى، واستمر هذا الانقسام عميقًا فى حرب تموز، ثم تجدد بشكل كبير مع الربيع العربى وتحديدًا فى المسألة السورية، وهذا الانقسام واضح من خلال الخطابات السياسية والإعلامية لكلا الفريقين الذى ينتمى أحدهما لفريق الثامن من آذار والآخر لـ14 آذار.

ويضيف عبد الواحد، الصحفى بجريدة "صدى الوطن" التى تصدر فى ديترويت وتغطى شئون الجالية العربية، أن الأمر نفسه بالنسبة للجالية اليمنية، فقبل الثورة اليمنية كان الانقسام إقليميًا بمعنى انقسام (غير) بين يمنيى الجنوب ويمنيى الشمال. وبعد الثورة تشظى مجتمع الجالية اليمنية بين عدة أفرقاء، بعضها داعم للثورة وبعضها داعم للرئيس عبد الله صالح، وقد شهدت ديترويت نشاطات ومظاهرات من كلا الجانبين.

الانقسامات الدينية عائق


ولا تتوقف حالة الاستقطاب فقط بين أبناء دولة وأخرى، وإنما تظهر الانقسامات الدينية كذلك بين أبناء الجالية العربية، فمن ينتمى إلى ديانة أو طائفة معينة يميل إلى العيش فى نفس المنطقة، الأمر الذى يشكل عائقًا أمامهم للتواصل مع أبناء الطوائف الأخرى، بل ومع المجتمع الأمريكى ككل، لأنهم يستسهلون على سبيل المثال التحدث معًا بنفس اللغة بدلًا من تعلم الإنجليزية، أو العمل معًا فى مشاريع مشتركة، مما يخلق نوعًا من عدم التناغم على خطى ما يحدث فى أوطانهم الأصلية.

ورغم أننا التقينا العديد من الشخصيات البارزة فى ديترويت والتى تعمل من أجل الجالية العربية، وتحاول التقريب بين أبنائها تحت مظلة واحدة، إلا أن الوضع القائم يحتاج إلى أكثر من محاولات تقريب، فهو يحتاج إلى شعور أكبر بالوحدة والانتماء، ومحاولات لحل الخلافات، فرغم تعدد الجنسيات والديانات والطوائف فى الولايات المتحدة، إلا أن جميعها تعيش معًا فى تناغم لأن هناك قانونًا يحكم الجميع، وأيضًا لأن هناك شعورًا بالانتماء.

أصل الخلاف لا يزال قائمًا فى الوطن العربى


وبالمثل يقول طارق، إنه رغم محاولات بين بعض رجال الدين لبث رسائل التسامح والمحبة، ولكن من المستبعد أن يؤدى عمل تلك المؤسسات إلى إحداث تغيير حقيقى بين الجماعات والأطراف المنقسمة، والسبب أنه أصل الحساسيات والخلاف، مايزال قائما فى البلدان العربية، مثلا التوتر الشيعى السنى الذى وصل إلى مجتعمات العرب فى أمريكا لا يمكن حله هنا، مع العلم أن البعض يعمل على تخفيف آثاره بقدر الإمكان.

جماعات ضغط


ربما تكون أحد أسباب عدم قدرة توحيد صف الجالية العربية فى الولايات المتحدة، هو أن الكثير منهم جاء إليها هربًا من ظروف غاية فى الصعوبة وآخر ما يريدونه هو التواصل مع أقرانهم من العرب، ولكن هناك مصلحة واحدة تجمع الجالية العربية، وهى أنهم يمكنهم أن يكونوا قوة ذات تأثير داخل المجتمع، بل وباستطاعتهم تشكيل جماعة ضغط يكون لها نفوذ على الإدارة الأمريكية بصورة مماثلة لتلك الخاصة باللوبى اليهودى واللاتينى وإن كان أصغر نظرًا لقلة عددهم بالمقارنة بهم.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يمكن لهم أن يوحدوا صفوفهم لتشكيل كتلة تصويتية يمكن أن يكون لها تأثير كبير بمرور الأعوام.

الجالية العربية ليس لها تأثير على انتخابات الرئاسة الأمريكية


ويرى عبد الواحد أن الجالية العربية ليست لها تأثير حقيقى على انتخابات الرئاسة الأمريكية وذلك لأسباب موضوعية حيث إن أعداد العرب فى الولايات المتحدة تقدر بمليونين ونصف نسمة، أو ثلاثة ملايين نسمة فى أحسن الأحوال. وفى جميع الحملات الانتخابية للمرشحين الديمقراطيين والجمهوريين لم يحدث- تاريخيًا- أن حاول أحد المرشحين استقطاب الأصوات العربية، بل يمكن القول إنه حدث تمامًا العكس، حيث يعمد المرشحون إلى اعتماد خطاب تمييزى ضد العرب والمسلمين بصورة خاصة لاستقطاب أصوات الأمريكيين، وكمثال على ذلك، ما فعله المرشح الجمهورى الأسود بين كارسون عندما صرح أنه لا يمكن لرئيس مسلم أن يتولى قيادة البلاد بسبب ولائه للشريعة الإسلامية. واستطاع كارسون بهذا التصريح أن يحقق تقدمًا حاسمًا فى استطلاعات الرأى، كما استطاع جمع مليون دولار لدعم حملته خلال 24 ساعة من إطلاق تصريحه، بحسب سى إن إن.

فى الوقت الذى شن فيه دونالد ترامب، المرشح الجمهورى الآخر، حملة ضد المسلمين بعد هجمات باريس، وطالب بوضعهم على قاعدة بيانات منفصلة وإغلاق المساجد.

العرب قوة تصويتية فى المدن التى يشكلون فيها كثافة


أما على مستوى الانتخابات المحلية مثل المجالس البلدية، يضيف طارق، فالعرب لهم قوة تصويتية فى المدن التى يشكلون فيها كثافة، مثل مدينة ديربورن فى ولاية ميشيجن.

لهذا من مصلحة الجالية العربية أن تضع نصب أعينها هذا الهدف لتحقيق ما فشل فيه أقرانهم فى الشرق الأوسط، المنشغلون بالتركيز على الاختلافات بدلا من تبنيها وجعلها سببًا لتماسك النسيج الوطنى للبلد الواحد، فدولة مثل الهند، بطوائفها المتعددة ولغاتها المتنوعة وثقافاتها المختلفة الغنية عانت الأمرين من انقسامات طائفية ودينية ولكنها نجحت فى التغلب على ذلك ولا تزال تسعى لترسيخ قيم الوحدة والتناغم واحترام الاختلاف.

حملة تمييز ضد العرب


ووجه طارق رسالة للجالية العربية مفادها ضرورة العمل من خلال المؤسسات وبناء استراتيجية واضحة تقوم على تدعيم شبكة تواصل بين مجتعمات الجالية العربية التى تتوزع فى مناطق وولايات جغرافية متباعدة مثل نيويورك وكاليفورنيا وميشيجن وفلوريدا وشيكاجو وغيرها (وهى من أكثر الولايات من حيث التواجد العربي)، إضافة إلى التركيز على التعامل مع مشكلات أبناء تلك الجاليات بالدرجة الأولى، وخاصة وهى تتعرض لحملة تمييز حادة لا تزال مستمرة منذ هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001، ثم توظيف طاقات العرب الأمريكيين فى الخطوة الثانية فى إفادة المجتمعات العربية فى الوطن العربى.


موضوعات متعلقة..



- مرشح جمهورى بانتخابات أمريكا: المسلم لا يصلح لرئاسة الولايات المتحدة











مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة