نقلا عن اليومى..
علاقة رائد الواقعية صلاح أبو سيف بالسينما، كعلاقة الرجل بزوجته، فالمخرج المعجزة عاش عاشقا للفن السابع، لدرجة الجنون، وكان دائما يقول السينما هى زوجتى الثانية ولدى منها 50 ابنا، أخلص لها لدرجة التقديس وعبر من خلالها عن واقعه وآلامه ووثق فيها تجاربه الشخصية وأحلامه.
"اليوم السابع" تكشف الجوانب الخفية فى شخصية "مجنون السينما" فى حوار مع ابنه المخرج محمد أبو سيف..
.jpg)
كيف أثرت معاناة صلاح أبو سيف الشخصية وتربيته الشديدة من قبل والدته فى تشكيله فنيا؟
كان يعشق والدته وكانت سيدة قصيرة القامة ورفيعة جدا، وكانت تقسو عليه لتعويض غياب الأب ولذلك تكون صورة الأم فى أفلام صلاح ابو سيف صورة مقدسة، أما شخصية العمدة فى كل الأفلام فكانت تمثل والده منها في فيلم "الزوجة الثانية" وفى فيلم "الوحش"، لأنه رأى والده الذى كان عمدة بلده، مرة واحدة فى حياته، فى المحكمة وقت نظر قضية النفقة التى رفعتها جدتى عليه.
.jpg)
شكل أبو سيف مع الكاتب الكبير نجيب محفوظ "ثنائى ناجح".. فكيف ترى علاقته بالأدب؟
صلاح أبو سيف كان يحب القراءة جدا لدرجة أنه كان يملك 10 آلاف كتاب فى مكتبته الخاصة ولم تكن غرفة مكتبه مهيأة للعمل بسبب كثرة الكتب التى تحويها، وقمت بأخذ شقة مخصوص للاحتفاظ بكل هذه الكتب، وبدأت صداقته بنجيب محفوظ فى الأربعينات من خلال مقاهى المثقفين، واهتم بقراءة معظم أعمال نجيب محفوظ وأعجب بها بشدة، ولفت نظره أنه يكتب بأسلوب السيناريو، وعندما قال له ذلك رد عليه نجيب محفوظ قائلا :"بس أنا عمرى ما كتبت سيناريو" فرد عليه "خلاص هعلمك" وبالفعل قام بتعليمه أصول كتابة السيناريو، ومن هنا بدأت رحلتهما الفنية معا، وكانت أفكارهما متقاربة جدا بحكم أنهما من أبناء أحياء فقيرة وكانا مهمومين بمشاكل البسطاء والفقراء ولذلك قدما الكثير من الأعمال المميزة مع بعضهما.
.jpg)
هل كان يشعر بالإحراج من معاناته وهو صغير ونشأته فى حى بولاق الفقير؟
مشاعر صلاح أبو سيف لم تكن تظهر على وجهه بل فى أفلامه، ولم يكن يخجل من نشأته فى حى بولاق بل قدم معاناته فى فيلم "الأسطى حسن" الذى كان يحلم أن يعبر الكوبرى الذى يفصل بين حى بولاق والزمالك، وكان هذا بالفعل حلم صلاح أبو سيف واستطاع تحقيقه وأخذ شقة فى حى الزمالك على النيل تطل نافذتها على منزله القديم فى حى بولاق، وكان دائما ما يزور جيرانه وأصحابه فى بولاق كل أسبوع وحتى أنه كان يقص شعره عند نفس الـ"حلاق" لفترة طويلة، وكان بمجرد دخوله الحى يلتف حوله كثير من الناس.
.jpg)
كيف كانت طبيعة صلاح أبو سيف فى المنزل؟
كان شخصا هادئا، ونادرا ما يفقد أعصابه أو يرفع صوته، كان حازما، ولكنه لم يضربنى ولا مرة فى حياته رغم أنه كان يتم ضربه كثيرا بسبب هروبه المتكرر من المدرسة وذهابه إلى السينما، وكان ملتزما دينيا وبيصلى ويصوم، كما كان حريصا على الذهاب للمصيف فى سيدى بشر بالإسكندرية كل عام.
.jpg)
رأينا ثورة صلاح أبو سيف على الواقع فى أعماله فهل كانت الثورة أسلوب حياة بالنسبة له؟
لم يكن محبا للنمطية أبدا وكان يعشق مفاجأة الناس بإظهار أبطالهم المحبوبين لهم فى أدوار غريبة عليهم ولذلك كان دائما ما يجدد فى "الكاستينج" وقدم فاتن حمامة فى دور الفتاة الشريرة فى فيلم "لا أنام" وقدم عمر الشريف فى صورة الوصولى والانتهازى فى فيلم "بداية ونهاية"، وفريد شوقى فى فيلم "السقا مات"، وكذلك كان الحال فى حياته الشخصية حتى أنه لم يكن يحب أن يرتدى الـ"طربوش" وفى مرة قابله طلعت حرب وقال له :"أنت يا فندى مش لابس الطربوش ليه" فرد عليه "ما بحبوش" ثم قال له "أنت اسمك إيه؟" فرد عليه "صلاح أبو سيف" فقال له "أنت اللى مصطفى نيازى بيقولى عليك مجنون سيما أنت بتعمل إيه هنا؟ " وقام على الفور بنقله إلى أستديو مصر وكانت هذه هى بدايته مع السينما وهناك قابل والدتى لأنها كانت رئيسته فى العمل وأحبها وتزوجا.
.jpg)
هل كانت المرأة فى سينما أبو سيف انعكاسا لشخصيات من الواقع؟
المرأة لعبت دورا كبيرا فى حياة صلاح أبو سيف وكان هو بطبيعة الحال ينقل تجاربه الذاتية إلى شاشة السينما، فمثلا فى فيلم "شباب امرأة" كانت تجربة حقيقية حدثت له فى باريس وقابل سيدة فرنسية أكبر منه بعشرين عاما وعاملته مثلما رأينا تحية كاريوكا وشكرى سرحان فى الفيلم، ولكن عندما قامت الحرب العالمية الثانية فى عام 1940 هناك هرب منها وعاد لمصر ثم بدأ فى كتابة الفيلم.
كذلك الدور الذى جسدته نعيمة وصفى فى فيلم "بين السما والأرض" كانت والدتى حامل وكانا فى الأسانسير فى طريقهما للطبيب المشرف على حالتها وتعطل بهم الأسانسير لمدة نصف ساعة وخرج من هذه التجربة ونفذها فى الفيلم، أما أقرب صورة لجدتى فهى التى جسدتها أمينة رزق فى فيلم "بداية ونهاية" حيث كانت حنونة وتحب أبناءها بشدة وسط قسوة الظروف.
.jpg)
أفلام صلاح أبو سيف كانت تشارك فى العديد من المهرجانات العالمية فهل كان يتعمد ذلك؟
بالعكس، صلاح أبو سيف كان صادقا ومخلصا فى عمله إلى أبعد مدى، وكان يقدم الأعمال التى يرضى عنها فقط ولا يضع فى اعتباره إذا كانت ستشارك فى مهرجانات دولية أم لا.
.jpg)
ما سر تحمسه لشكرى سرحان وهل كان يراه أكثر موهبة من أبناء جيله؟
لا، شكرى سرحان كان فى هذه الفترة مطلوبا تجاريا كما أنهما كانا أصدقاء ولذلك قدما الكثير من الأعمال سويا.
.jpg)
ما هو أهم درس تعلمته فى مدرسة صلاح أبو سيف؟
صلاح أبو سيف لم يكن والدى فقط، بل كان معلمى أيضا، لأنه كان يدرس لى فى قسم الإخراج بالمعهد العالى للسينما وأذكر أننى طلبت من عميد المعهد آنذاك أن يقم بنقلى من شعبته إلى الشعبة الأخرى التى يدّرس فيها محمود مرسى وبالفعل تم نقلى، والدرس الذى تعلمته عن ظهر قلب وأذكره جيدا إلى الآن هو أنه قال لى لا تقم بعمل فيلم لأنك مفلس أو لأنك عايز تشتغل.
.jpg)
متى بكى صلاح أبو سيف؟
رأيته يبكى مرتين فى حياته الأولى يوم وفاة جمال عبد الناصر حيث دخلت عليه غرفته ووجدته يبكى، والمرة الثانية يوم وفاة والدته لأنه كان مرتبطا بها إلى درجة كبيرة وبعد وفاتها مباشرة قدم "بداية ونهاية" وخرج الفيلم كئيبا للغاية.
.jpg)
صلاح أبو سيف قيمة وقامة كبيرة ورغم ذلك كانت له مشاكله مع الرقابة التى عطلت أعماله سنوات كثيرة، فكيف تفسر ذلك؟
الرقابة لا تتغير فهى بـ "نفس الغباوة" منذ نشأته، اعترضت على فيلم "القاهرة 30" وظل السيناريو لمدة 12 سنة حبيس أدراج الرقابة إلى أن تدخل عبد القادر حاتم وحل الأزمة، وكذلك كان الحال مع فيلم "النعامة والطاووس" الذى قدمه للرقابة تحت اسم "مدرسة الجنس" وظل هذا العمل مسجونا لديهم لمدة 30 عاما حتى قمت بتغيير اسمه إلى النعامة والطاووس وقدمته عام 2001 .
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)
.jpg)