محمد صبرى درويش يكتب: كيف نصنع إعلاما حقيقيا؟

الإثنين، 02 نوفمبر 2015 06:05 م
محمد صبرى درويش يكتب: كيف نصنع إعلاما حقيقيا؟ ماسبيرو

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
السُلطة الرابعة التى ترتكز عليها الدولة فى التوعية وتُسهل اللقاء بين الإدارة السياسية والمواطن وهمزة الوصل الحقيقة التى تصل بين شاطئى قرارات الدولة وطلبات المواطنين، تلك السُلطة التى أن أُحسنَ استخدمها تكن هى المُحرك الأول فى بناء وإنعاش كل أعمدة ومفاصل الدولة، تلك السُلطة هى "الإعلام"، والتى تتحرك بعيدًا عن الهدف مُقلدةً هى الإعلام الغربى بكل التفاصيل دون النظر للفوارق الثقافية والاجتماعية والسيكولوجية بين الغرب وبيننا.

تجد مثلًا الإعلام يُوجه فى غير موضع، فتخرج علينا الفضائيات لتتنافس فى عرض البرامج التى تكتشف الأصوات الشابة ولا تخرج فضائية واحدة لتصنع برنامجا يكتشف "المخترعين الشباب"، وأنا لا أخفى أننى أستمتع بالأصوات العذبة وأُتابعها، لكن الإعلام هنا يُعدُ جيلًا من المُغنيين فقط وليس جيلًا يُقدمُ قياديًا تُقدمُ ابتكارات أو اختراعات تُفيد هذا الوطن، فلدينا مُطرب لكل مواطن والعلماءُ هم المعدودون على الأصابع، ليستيقظ القائمون على الإعلام لهذا، فالحديثُ عن الأشياءِ يُجلبها، وبث القدوة البارة فى زجاج الشاشات يُحققُها فى أزقة الحارات.

وتجد مثلًا كل برامج "التوك شو" تتحدث جميعها بصدفةٍ بحتة عن أخبارٍ واحدةٍ بعينها فى فترة المساء، وتلعب الصدفة دروًا آخر فى أن مقدمى هذه البرامج يُعلقون على هذه الأخبار تعليقاتٍ واحدةٍ، بل ويمتد أثر الصدفة إلى أن آراء ضيوف هذه البرامج حول هذه الأخبار هى آراء واحدة، فرفقًا بنا فهذا الشعب لا يتحمل هذا القدر من الصُدف.


وتجد مثلًا مشروعًا عظيمًا كبيرًا كمشروع قناة السويس الجديدة الذى نُفذت كل مراحله بأيدٍ مصرية إلا مرحلة الاحتفال بافتتاح هذا المشروع، فليس عندنا إعلامًا يمتلك التقنية التى تنقل روعة هذا الصرح العملاق للعالم ووقتها ذهبت مصر لشركة عالمية لتُنظمَ وتنقل هذا الاحتفال، والكثير من صانعى الإعلام كانوا يرون أن نقل الاحتفال من قِبل هذه الشركة كان أقل من العادى ويستطيع أى فريق عمل مصرى أن يصنعه، وانظروا لتصوير مباريات كرة القدم لدينا ولدى دول الخليج مثلًا والفارق الواضح فى التقنية و«مهارة استخدام التقنية» وهذا هو الأهم، فالكاميرات والأجهزة لدى الجميع لكن المهارة فى الاستخدام الأمثل والأعلى للتقنية غير موجود لدينا، فالمُطرب حينما يُريدُ أن يصنع "فيديو كليب" لأغنيةٍ له يذهب للُبنان لأنهم يمتلكون المهارة فى صنع الصورة فائقة الجودة.

والسؤال المهم الآن كيف نصنع إعلامًا حقيقيًا يبنى ولا يهدم ؟
والإجابة بمنتهى البساطة نُركز على ما ينقص دولتنا ونقوم بعرضه وعرض سُبل بنائه وتطويره داعمين هذا بالتقنية اللازمة والمهارة فى استخدام التقنية، بمعنى هل ينقص دولتنا "مُطربين"؟ وهل ينقص دولتنا "سياسيين"؟ وهل ينقص دولتنا "برامج مقالب"؟.. إن كانت الإجابة نعم فلنسرد لهم المساحات والساعات.

وأقول للإعلام استضف شابًا يُنظف شارعًا، خير للدولة من استضافة ألف سياسى يبحثون عن مصالحهم أو مصالح أحزابهم، ففى النهاية سيُحقق الألف سياسى مصالحهم وسيبقى الشارع غير نظيفٍ، فاسردوا المساحات للمُبتكرين وللعقول وقَلِلوا من الطبل والطبول.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة