يعد المخرج المبدع صلاح أبو سيف واحداً من أهم مخرجى السينما المصرية.. أبو سيف الذى يحتفى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى بمئويته فى دورته الـ37 والتى تعقد فى الفترة من 11 نوفمبر وحتى 20 من الشهر نفسه، يملك تراثاً سينمائياً شديد التنوع.. تحمل سينماه ملامح خاص جداً كما أن للمرأة دور كبير فى أفلامه.
قدم أبو سيف العديد من النماذج النسائية التى تحول بعضها إلى أيقونات فى تاريخ السينما المصرية، لا يمكن أن ننسى ملامحها أو بعض من جملها الحوارية المشهورة.. "نفيسة" فى "بداية ونهاية" تلك الشخصية بديعة التركيب والتكوين والتى رسمها نجيب محفوظ بعبقرية وحولها أبو سيف ومعه النجمه التى قلما تتكرر سناء جميل، إلى لحم ودم ونموذج نجد ظلاله فى شخصيات تعيش وتتحرك بيننا، فطالما نصادف نفيسة الفتاة القبيحة والتى تعانى من الفقر ولديها إحساس ليس فقط بعدم الثقة بالنفس ولكن بأنها "قلة" لا تساوى شيئا ولا تستحق لذلك يكون من السهل أن يقهرها شقيقها الأصغر الأنانى وأن يستغلها ابن البقال _ جسده صلاح منصور _ نفيسة التى لم تشعر يوما أنها انثى لها الحق فى أن تحب وتحب لذلك عندما يشعرها شقيقها أنها عار عليه بعد غلطتها مع النذل ابن البقال أن تضحى بحياتها وتلقى بنفسها فى النيل فلا يوجد شىء على هذه الأرض يستحق الحياة طبقاً لنفيسة قبيحة الشكل والتى قهر من حولها روحها الإنسانية ورغباتها البسيطة، وأبسطها أن تحب.
بنفس عبقرية الأداء قدم أبو سيف ومعه سناء جميل أيضا شخصية «حفيظة»، زوجة العمدة الأولى التى حرمتها الطبيعة من نعمة الإنجاب، لتجسد قهراً من نوع آخر وهو القهر الذى يتولد داخلها من إحساسها بالعجز عن أن تحقق أنوثتها بشكل كامل حيث لم يستطع حسبها ونسبها وزواجها من أكبر رجل فى البلد أن يعوضها عن عدم الإنجاب، وتحولت لشخصية قاسية حاقدة وناقمة على كل امرأة أخرى تجر ابناً لها فى يدها ولذلك عندما يقرر العمدة "الطفس والشهوانى" أن يأخذ فاطمة _ جسدتها ببراعة سعاد حسنى _ من زوجها الفلاح البسيط "أبو العلا" لنفسه والتى يراها منجبة ويأمر زوجها بتطليقها مطلقا جملته الشهيرة "رقبتها زى كوز الجمار".
وبالفعل يأتى لها بزوجة ثانية «ضرة»، بنت غلبانة جميلة، بحجة أن تجئ له بالولد.. وتقف حفيظة لفاطمة بالمرصاد منذ اليوم الأول التى تدخل فيه المنزل أو ليلة الدخلة لتصبح الجملة الشهيرة "الليلة ياعمدة" إفيه توارثناه على مدار الأجيال.. عندما تصر حفيظة أن يبات العمدة فى ليلة دخلته على العروسة الجديدة فاطمة إلى جوارها هى.. نموذجين رسمهما أبو سيف بعناية للمرأة القاسية جامدة القلب فى مقابل المرأة البريئة والتى يجعلها الظلم توظف ذكائها لصالحها، ولصالح كل المقهورين فى البلدة.
"شفاعات" _جسدتها تحية كاريوكا _ صاحبة السرجة فى الحارة الشعبية، فى فيلم "شباب امرأة" رمز الأنوثة المتفجرة، ورغبتها المشتعلة فى الجنس، تجد فى «إمام» .ـ شكرى سرحان الفلاح الساذج القادم من قريته إلى القاهرة ليستمل دراسته الجامعية هدفا لها فهو شاب ممتلئ بالشباب والفحولة الجنسية ولا يملك أى خبرة تذكر وفقير ووحيد فتستغله جنسيا مقابل السكن والأكل وإشباع نهمه لأول أنثى يراها فى حياته ترقص أمامه شفاعات التى أبعدته عن «الصلاة» وغاب عن الجامعة.
واذا كان الجنس والرغبة هما المحركان الرئيسيان لشخصية شفاعات، فإن «الحرية» هى ما كانت تبحث عنها «لبنى عبد العزيز» فى «أنا حرة»، أمينة التى تعيش فى كنف عمتها منذ صغرها بعد انفصال والديها، وكانت متمردة على وضع عمتها القنوعه ، المستسلمة، لزوج شديد القسوة ، تمرد أمينة جعلها تتسلح بالعلم، فمن خلاله سوف تحصل على حريتها وتدخل فى تجارب مختلفة بعضها يحمل سشبهة ومحاولة استغلال من قبل البعض والذين لا يرون المرأة سوى سلعة تباع وتشترى وأن المرأة التى تقرر أن تمارس حياتها كإنسان لها حقوق الرجال ينظر لها البعض على أنها فتاة سهلة الحب وحده هو ما يجعل أمينة تتوازن فى حياتها.
علا الشافعى تكتب: قرن على ميلاد الأب الروحى للواقعية المصرية.. «نفيسة» و«حفيظة» و«فاطمة» و«شفاعات» و«أمينة».. نساء لا تنسى فى سينما صلاح أبو سيف
الإثنين، 02 نوفمبر 2015 09:01 ص
علا الشافعى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة