امبراطورة أوربا
وبفضل تفوق المانيا الاقتصادى مقابل الضعف النسبى لشركائها الأوروبيين، بات ينظر الى ميركل بوصفها "امبراطورة أوروبا" حتى وإن أحرق متظاهرون دمية تمثلها فى اليونان واعتبرتها دول شرق أوروبا مسئولة عن تدفق المهاجرين.
وبسبب أزمة الهجرة، ترنحت شعبيتها فى ألمانيا فى وقت الاتحاد الأوروبى هو أحوج لقيادة قوية، وبما أن الاتحاد الأوروبى كان عاجزا عن استباق الأزمات أصبح من واجب ميركل أن "تتجنب انهيار الاتحاد"، وفق جودى دمبسى، عضو مؤسسة "كارنيجى أوروبا" ومؤلفة أطروحة عن المستشارة الألماية التى تضيف "أنها مهمة لا تحسد عليها، محفوفة بالمخاطر".
قوة نفوذها
ودلالة على قوة نفوذها، حلت ميركل ثانية فى ترتيب مجلة "فوربس" للشخصيات الاكثر تاثيرا فى العالم بعد فلاديمير بوتين منتزعة الموقع من باراك أوباما، كما وصفتها مجلة "ذى ايكونوميست" الاقتصادية حديثا على صفحتها الأولى بأنها "الأوروبية التى لا غنى عنها".
ويقول يانيس إيمانوليدس من مركز السياسة الاوروبية انها "اضطلعت خلال السنوات الماضية بدور حاسم فى حل الأزمات والحالات الصعبة".
تسلمت ألمانيا عام 2005
لكن هذه المرأة التى تمتد جذورها الى المانيا الشرقية السابقة تسلمت قيادة ألمانيا فى 2005 حيث حرصت على العمل بتكتم وتدريجيا لإعادة العلاقات مع واشنطن بعد معارضة برلين وباريس للغزو الأمريكى للعراق فى 2003.
وتحمل ميركل دكتوراه فى الفيزياء وتميل الى اتباع نهج علمى فى حل المشكلات لذلك اظهرت فى البدء ترددا حول ازمة الديون السيادية فى منطقة اليورو.
وساهمت السياسة المتشددة التى تمثلها المانيا الداعية الى التقشف فى البلدان التى تجتاحها الأزمات فى جعلها شخصا غير محبوب خصوصا فى اليونان حيث لا تزال ذكرى الاحتلال النازى حية.
ولكنها هى التى تدخلت وحسمت أمر بقاء اليونان فى منطقة اليورو الصيف الماضى.
اخلاقيات امبريالية
وفى ما يتعلق بأوكرانيا وفى حين نأت سائر دول اوروبا بنفسها، تدخلت ميركل وتوجهت مع الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند إلى مينسك للتفاوض حول وقف لإطلاق النار فى شباط/ فبراير الماضى.
ويعتقد أن ميركل هى المسؤول الأوروبى الوحيد الذى يحظى باحترام الرئيس بوتين.
وكانت أزمة الهجرة مناسبة جديدة لها لتأكيد زعامتها الأوروبية عندما فاجأت العالم بإعلان فتح أبواب ألمانيا أمام اللاجئين السوريين فى حين كان عدد كبير من القادة الأوربيين يبدون قلقا من تصاعد قوة الأحزاب الشعبوية المعارضة للهجرة.
لكن هذا الموقف اربك قليلا مكانتها فى أوروبا واتهمتها دول أوروبا الوسطى والشرقية بتشجيع المهاجرين على التدفق إليها للتوجه إلى ألمانيا. وذهب رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الى حد رفض "الاخلاقيات الإمبريالية" التى قال أن ميركل تمثلها.
تراجع شعبيتها
وبصورة مفاجئة تراجعت شعبية ميركل التى كانت تحلق فى استطلاعات الرأى مع شعور مواطنيها بالقلق من وصول مليون لاجئ إلى بلادهم هذه السنة.
وهى تعانى من ضغوط لم تشهدها من قبل فى المانيا. ويقول إيمانوليدس "إذا برزت مشكلات أخرى ستتسبب بحالة كبيرة من الارباك ستكون لها تداعيات سلبية فى أوروبا".
ويذكر قرارها المفاجئ باستقبال مليون لاجئ بتغير كبير فى موقفها فى 2011 بعد كارثة فوكوشيما النووية فى اليابان التى دفعتها إلى الإعلان عن التخلى التدريجى عن الطاقة النووية فى ألمانيا. وهو تحول كان له تأثير كبير على قطاع الطاقة والصناعات.
وتقول دمبسى أن إعلانها حول المهاجرين كان "خطأ كبيرا فى الحكم. القلب والمشاعر والإنسانية والقيم الأخلاقية مهمة إلى حد كبير ولكنها لم تضع خطة استراتيجية للفترة اللاحقة ويجرى الآن العمل على لململة الوضع".
انتقادات ضدها
لكن يجمع المحللون على القول انه حتى وإن كانت تتعرض لمزيد من الانتقادات، لا تزال ميركل "ملكة أوروبا" كما يطلق عليها فى ظل تراجع التأثير الثنائى الفرنسى-الالمانى بسبب ضعف شعبية فرنسوا هولاند.
ويقول إيمانوليدس انها على رأس اكبر اقتصاد اوروبى لذلك "لا يمكن أن يحدث أى شىء مهم فى أوروبا من دون موافقة المانيا وبغض النظر عمن يقود برلين فإنه سيضطلع بدور قيادى فى اوروبا".