نقلا عن العدد اليومى...
تفتح «اليوم السابع» مشكلة متأصلة فى جسد التعليم الجامعى المصرى، وهى السرقات العلمية للأبحاث المنشورة دوليا وإعادة نشرها مرة أخرى، حيث إنه ثبت من البحث والتقصى أن أغلب الحالات التى تم كشفها بالجامعات المصرية انتهى التحقيق فيها لحفظ التحقيقات، وذلك لقصور قانون تنظيم الجامعات فيما يخص هذا الأمر.
«اليوم السابع»، أجرت حوارا عبر البريد الإلكترونى مع الدكتور إيفان أورانسكى، الصحفى العلمى وأستاذ طب المناظير وأكبر المتخصصين فى كشف السرقات العلمية من خلال موقعه الإلكترونى «مراقب الشطب - ريتراكشن وواتش»، حيث أكد «أورانسكى» أن التقديرات والإحصاءات حول عدد البحوث التى يتم شطبها «سحبها» سنويا فى جميع أنحاء العالم حوالى 500-600 حالة شطب لبحوث سنوياً، من أصل حوالى 2 مليون بحث منشور.
وأشار «أورانسكى»، إلى أن عدد البحوث التى تشطب الآن أكثر بعشرة أضعاف مما كان عليه الوضع فى عام 2001، لكن يظل الشطب حدثا نادرا.
وجاء بالحوار الذى أجرته «اليوم السابع» مع أورانسكى من خلال البريد الإلكترونى:
ماذا يتم بعد الشطب؟
- يعتمد هذا إلى حد كبير عما إذا كانت الحالة فبركة متعمدة أو أخطاء حميدة «غير متعمدة»، فى حالات كبار وقدامى الباحثين والذين تثبت عليهم عمليات الفبركة المتعمدة تكون العواقب المهنية أكثر خطورة بكثير فقد يفقد وظيفته أو تمويله أو السجن كما فى حالة هوانج وو-سوك الكورى الجنوبى، وكان رائداً فى مجال الخلايا الجذعية، وقد يؤدى كشف تزوير البحوث إلى انتحار من تثبت عليهم عمليات التزييف مثل اليابانى يوشيكى ساساى. وفى حالات صغار الباحثين والمبتدئين «وخاصة طلاب الدراسات العليا وحملة الدكتوراه» تكون العقوبات كثيرة والتحقيقات مطولة، لدرجة ترك البحث العلمى تماماً، أما فى حالات الأخطاء غير المتعمدة فغالباً ما تمر الأمور بسلام، وفى الغالب ليس كل من يثبت عليه الغش يترك البحث العلمى.
ما الفارق بين التراجع والشطب بالبحوث العلمية؟
- بعض الناشرين يقومون باستخدام «السحب» لوصف ما يحدث لورقة بحثية منشورة إلكترونياً «على النت» وليس لها نسخ مطبوعة، ولكن لم يعد هذا التمييز مستخدما فى الوقت الحالى، ويعتقد بعض الناشرين أنه ليس عليهم إعطاء أسباب، بمعنى التعقيب ما دام البحث ليس له نسخ ورقية، ونحن نختلف معهم ونعامل السحب نفس معاملة الشطب من حيث طلب التعقيب ووضع العلامات المائية التى تفيد الشطب وغيرها.
ما هو موقع «مراقب الشطب» وكيف يعمل؟
- أطلقت أنا ود. آدم ماركوس وهو أستاذ جامعى أيضاً هذا الموقع فى أغسطس 2010 لأننا كثيرا ما وجدنا من الحالات التى تسترعى الانتباه وتتطلب التعقيب حول أسباب الشطب ما دامت إشعارات الشطب التى يقدمها بعض الناشرين والمحررين مبهمة، ولأننا نشعر بالقلق إزاء الافتقار إلى الشفافية فى التعامل مع تلك الأمور والتى تعد من صميم نزاهة وشرف الباحث. بدأنا المشروع كفكرة، لكنها نمت بسرعة والآن يزور الموقع أكثر من 150.000 زائر شهريا، وتبلغ نسبة المشاهدات 600000 تصفح شهريا.
ونحن الآن بصدد بناء قاعدة بيانات شاملة للبحوث المشطوبة، وذلك بفضل الدعم السخى من مؤسسات علمية ضخمة مثل «ماك آرثر وأرنولد».
كم عدد الحالات المصرية التى شطبت والباحثين المشاركين؟
- لدينا أرشيف لحالات قمنا بعرضها لباحثين من مصر، وهناك العديد من الحالات غير الموثقة والمبهمة فى إشعارات الشطب التى نقوم ببحثها ومراجعتها ونشرها تباعاً بعد الحصول على تعقيبات الباحثين والمحررين والناشرين.
أول الحالات التى تنشرها «اليوم السابع»، شطب بحث عن ذباب الفاكهة لباحثين من جامعة القاهرة تترأسهم الدكتورة امتثال عبدالسميع بقسم الحشرات بكلية العلوم بالجامعة؛ وذلك لثبوت عدم تشفير الجين محل الدراسة لبروتين، كما ادعى المؤلفون، حيث شطبت دورية علم الحشرات الأمريكية J. Insect Science والتى تقوم بنشرها مؤسسة أكسفورد للنشر العلمى كمطبوعة لجمعية علم الحشرات الأمريكية ورقة بحثية لباحثين من كلية العلوم جامعة القاهرة وكلية الزراعة جامعة الفيوم فى مجال جينات ذبابة الخوخ بعد اكتشاف أن أحد الجينات التى تقوم عليها الدراسات لا ينتج بروتيناً كما ادعى مؤلفو البحث.
وفى جامعة القاهرة ردت الدكتورة امتثال عبدالسميع، على اتهامات زملائها بسرقتها لبحث علمى، حيث يلقب الكثير من أعضاء التدريس بالكلية المؤلفة المذكورة بأنها «سارقة ذباب الفاكهة»، مؤكدين أن الواقعة تعد بمثابة الفضيحة العلمية بين الأوساط العلمية العالمية.
وفى جامعة الإسكندرية، ترددت الشكاوى من عدد من أعضاء هيئة تدريس حول مشكلة علمية تتمثل فى سرقة أدبية للباحثة وفاء محمود، مدرس بقسم اللغات الشرقية، عن بحثها «الرموز التراثية فى شعر اليهود الأندلس»، موجهين أصابع الاتهام بالأدلة من داخل النص لسرقة بحث آخر منسوب للباحث الأردنى الدكتور إبراهيم منصور رئيس قسم اللغة العربية فى جامعة أردنية، الذى نشر بحثه فى عام 2010.
لم تقتصر المشكلة على السرقة الأدبية بالنص ولكن التلاعب بالحقائق بإزالة اسم الشخص الحقيقى الذى تم عليه البحث ووضع اسم آخر، ثم نشر البحث فى مجلة كلية الآداب بجامعة الإسكندرية الذى ترقت به الباحثة مع ثلاثة بحوث أخرى، رغم أن السرقة واضحة وبالحرف وعلامات الترقيم والعناوين الفرعية والنتائج والمراجع، بحسب ما تشير إليه المستندات التى حصلت عليها «اليوم السابع».
يعد النص الأصلى هو بحث الدكتور إبراهيم منصور الياسين، الأستاذ المشارك بجامعة الطفيلة المنشور بمجلة جامعة دمشق فى المجلد 26 العدد الثالث + الرابع 2010، علمًا بأن تاريخ ورود البحث إلى مجلة جامعة دمشق هو 2008/6/26، أما ما تم نشره فى مجلة كلية الآداب بجامعة الإسكندرية بالعدد 71 لعام 2013 بعد ذلك فهو ما تم نقله. أما عن الأسلوب الذى اتبعته الباحثة بشكل عام فى بحثها فهو نقل المحتوى بالكامل مع حذف اسم الباحث الأصلى وعدم الإشارة إليه ولو لمرة واحدة، وحذف الشخصية التى أجرى عليها بحثه الشاعر الدكتور عز الدين المناصرة، وحذف اسم أمرئ القيس ووضع اسم شاعر يهودى بدلًا منه هو «دوناش» أو «ابن جبيرول» أو وضع اسم شعراء يهود محله بداية من العنوان، والمقدمة، مرورًا بالتقسيم الداخلى للبحث، والصياغة، والمراجع وصولًا إلى الخاتمة والنتائج.
وقال صاحب النص الأصلى الدكتور إبراهيم منصور الياسين، إنه أرسل رسالة لعميد كلية الآداب جامعة إسكندرية للتحقق من ملابسات الموقف مؤكدا أنه يحترم رد فعل الكلية وينتظره منذ أكثر من أسبوع لأنه لا يملك أدلة على سرقة البحث، ولكن من أبلغوه بذلك لديهم أدلة، لذلك سيستمر فى الإجراءات الصحيحة مع إدارة الكلية.
وفى الحالة الثالثة، شطبت المجلة بحثا عن «علم السموم» للدكتور هانى الشيمى، عميد كلية الزراعة بجامعة القاهرة، قدمه مجموعة من الباحثين فى عام 2010 فى دورية «علم السموم المختبرى» وذلك لإعادتهم استخدام جزء خاص بأحد أبحاثهم السابقة.
وقال الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، إن الذى تثبت عليه السرقة العلمية بالأبحاث التى يتم نشرها دوليا أو داخليا يعاقب بالفصل نهائيا من الجامعة حسب نص قانون تنظيم الجامعات بهذه المسألة، مضيفا: «لن نسكت على الفاسد وسنحقق فى كل وقائع السرقات العلمية التى تظهر أمامنا».
ومن جانبه، أوضح الدكتور أشرف حاتم، أمين المجلس الأعلى للجامعات، أن القانون به بعض القصور فى هذه النقطة، مؤكدا أن أغلب وقائع السرقات العلمية بالجامعات يتم حفظ التحقيق فيها، وذلك لعدم كفاية الأدلة فى كثير من الأحيان.
عدد الردود 0
بواسطة:
سماح عبد اللطيف
هل نضطهد الفلسطيني ... حيا وشهيدا
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد العليم فرج الله
الضحية دائما فلسطيني
عدد الردود 0
بواسطة:
سامح عبد الغني.. جامعة القاهرة
علم التناص والتلاص