غير أن الصحيفة رأت أنه قد فات الأوان كثيرًا لحل سريع وسهل للفوضى المتشابكة فى الشرق الأوسط خلال الأربع سنوات الماضية منذ بداية الربيع العربى الذى دفع بالمنطقة إلى حالة من الاضطراب.
انهيار أربع دول عربية
وأضافت أن ما أشار إليه العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى بأنه حرب عالمية ثالثة ضد البشرية، قد أصبح، بتعبير أكثر دقة، خليطًا من الحروب المتداخلة تسببت فيها الأجندات المتصارعة التى تعد هزيمة داعش واحدة فقط من عدد من الأهداف السياسية المتنافسة والمتناقضة غالبًا فيها. ففى تلك السنوات الأربع، انهارت أربع دول عربية وهى العراق وسوريا وليبيا واليمن، واندلعت الحروب الأهلية فيها جميعا، واصطفت القوى العالمية لدعم الأطراف المختلفة فى تلك الحروب، ومنحت الفوضى هدية لإرث أسامة بن لادن، وهى الوقت والمساحة.
وتابعت الصحيفة قائلة، إن عدم اهتمام العالم المنهك والحذر بعد إخفاقات الحرب على العراق ساعد مجموعة متنوعة من قدامى المقاتلين فى تنظيم القاعدة، والمنظرين العرب التكفيريين ومتطوعين غربيين على استغلال الفراغ الناجم عن انهيار حكومتى سوريا والعراق، وبنوا لأنفسهم ما تسميه الصحيفة بـ"دولة بروتو"، والمقصود بها أنه لا يمكن اعتبارها دولة حقيقية، إلا أنها تسيطر على أراضٍ وتجمع الضرائب ولها جيش.
العالم يجنى ثمار عدم تحركه
ويقول شادى حميد، الخبير فى الحركات الإسلامية بمعهد بروكنيجر إت أى رد، الآن سيكون متاخرًا للغاية، وتلك ثمار عدم التحرك التى يتم حصادها، ولا نستطيع أن نتراجع عن الضرر الذى حدث خلال السنوات الأربع الماضية.
والآن يجد تنظيم داعش موطئ قدم له فى ليبيا وأفغانستان، مع تراجع سيطرة الدولة ومواجهتها العالم بتحدى أكبر بكثير مما واجهته أمريكا عقب أحداث سبتمبر، حسبما يقول بروس ريدل الخبير ببروكينجز أيضا. ويشير ريدل، وهو محلل سابق بالمخابرات الأمريكية، إلى أن واشنطن تحارب القاعدة وفروعها، التى انبثق منها داعش، منذ عام 1998، ولأن تواجه عدوا لديه حيز وملاذات أكثر من أى وقت سابق، وأصبح أرض المعركة الآن أكبر بكثير من ذى قبل.
العالم لم يجعل هزيمة داعش أولوية له
من جانبه، يقول بيتر هارلنج من مجموعة الأزمات الدولية، إن الأمر أيضا أكثر تعقيدا، فلم يجعل العالم، بما فى ذلك الولايات المتحدة، هزيمة داعش أولوية قصوى له فى أى مرحلة من قبل. والجميع يستغلون داعش..
وتمضى الصحيفة قائلة، إنه بالنسبة لإدارة أوباما، فإن تجنب التورط فى حرب أخرى بالشرق الأوسط كان أولوية سياسية يليه التوصل إلى الاتفاق النووى مع إيران. ولا يوجد شك فى أن الولايات المتحدة قد بدت لينة فى سياسة سوريا التى تهدف ظاهريا إلى الإطاحة ببشار الأسد من أجل عدم تقويض الاتفاق النووى مع إيران.
أما تدخل روسيا، فكان هدفه الأساسى رغبة بوتين فى إعادة تأكيد مكانة بلاده كقوى عالمية ودعم نظام الأسد وبالتالى التركيز على استهداف المعارضة المدعوم من قبل الولايات المتحدة وليس داعش فى الأيام الأولى لهذا التدخل.
وبالنسبة للسعودية، فهى مشغولة بالتحدى الذى تمثله إيران وتوسيع طاقاتها العسكرية فى محاربة الحوثيين المدعومين من طهران فى اليمن. بينما جعلت إيران الألوية لمشروعها لتحقيق النفوذ الإقليمى عبر سوريا والعراق وإلى البحر المتوسط وتمويل ميليشيات مسلحة بالوكالة للدفاع عن مصالحها فى المناطق ذات الأغلبية الشيعية. ولا يبدو أن الهجمات الإرهابية فى باريس ستسفر عن استجابة دولية أكثر تماسكا، كما يقول المحللون.
موضوعات متعلقة..
33 قتيلا من تنظيم داعش فى غارات فرنسية وروسية على شمال سوريا