هى تشعر الآن أنها معلقة بين السماء والأرض.. تتارجح مشاعرها بين الحب والخوف.. الظلام والنور.. الوحدة والأنيس.. إنها لحظات من الزمن مبهمة مغلقة.. انتظرت كثيرا بكت كثيرا.. حرمت كثيرا، وآن لها الآن أن تسعد وترى القادم من أيامها بنفس مستوى ما تتمناه من سعادة..
ولكنه الألم الذى يأبى أن ينساها.. الحياة هكذا لا تعطى أبدا بهدوء أو بروح طيبة.. لابد لنا من المعاناة والشقاء لنسعد قليلا.
أهو بخل منها؟، أم أنها تقاليد لا بد وأن تعاش؟، أم انها فلسفة خاصة لا يفهما إلا الذى قرر أن يعيش على اية حال؟، هى هكذا ولا بد أن نتقبلها.
ولكنها ستسعد كثيرا بوليدها.. إنها مؤمنة.. ستعلمه الصلاة وقراءة القرآن.. وأن يتعوذ من الشيطان.. ولكنه ما زال هذا الوليد!
ويوما ما سينضج ويعى ويفهم.. ستعلمه الحب.. أليس صغيرا على الحب؟!
نعم.. ولكن الحب جميل ناعم عميق ساهر،سيضمه ويحمله لبعيد, لأرض أرحب تحضنه وتلفلفه بالنسمات الرقيقة..
الحب سيوجه خطواته المستحيلة نحو آفاق جميلة..
سيكون مثلها، تشعر هى بذلك.. هو جزء منها.. نفس الملامح والأفكار، نفس الحزن النائم فى الأعماق، نفس الأنفاس المتلاحقة المتمسكة بالأشياء.. لذلك تحبه وستظل تحبه، فهو يجرى بين عروقها لا يسكن إلا لحظات ليغفوا بأحداقها، هو منها وهى له.
الألم مرة أخرى ينتابها، يمزقها ينعش أفكارها.. إنه الألم الذى يعصف بعقلها.. فلتشغل نفسها بوليدها لتنسى قليلا الألم..
ماذا أيضا ستعلمه؟
ستعلمه أن يلعب بشقاوة وجنون.. أن يحمل بيده فقاعات صابون.. ويلون حيطان الزمن بالونين الأبيض والأسود..
لن يعرف يوما أن هناك لون آخر يدعى رمادي..
تكره هى هذا اللون.. تكره أن تتلون أفكارها به أو أن ترتديه..
تكره أن تتأرجح بين الأشياء.. تقطع صمت الممكن والمستحيل..
هى تكون أو لا تكون.. تلك المنطقة الفارغة الضيقة الممكنة، والحيرة فى أمرها لا تستهويها..
هى محددة، وذلك ما يؤذيها.. رغبتها الدائمة فى تسمية الأشياء.. عنونة الطريق ووضع نهاية لكل الأحداث.. تنسى أن الدنيا بيدها القرار، وأنها تشاركها، ولا بد أن تقبل صداقتها ولا تعاند الأقدار.
حتى فى أحلامها ستعلمه الرسم، وتمسك بيديه تعلمه أن الدائرة أفضل الأشكال.. فالكون يدور، والأمل يدور، والحب يمشى بين القلوب الفارغة عله يجد من يبحث عنه.. وأن الله اختار الأرض وهى دائرة.. واختار السماء وهى الأخرى دائرة.
ولو سألها أن تقدم البرهان فسوف تحدثه عن الله.. ستعطيه براهين عشقها.. فهى سهرت على الأرض تلفها السماء، ودارت أيامها مع الحب أحلى دائرة، وأنت ها هنا وليدها الآن أفضل برهان على اكتمال الدائرة.. ستعلمه أن الخط المستقيم أقصر الطرق للبحيرة بجانب منزلها القديم.
ستخبره أن الزهرة التى زرعتها باسمه تنمو كل يوم وستثمر حتما لحظة مولده القريب..
ما زال الألم يزداد باضطراد، والطبيب يشد من أذرها، هذا معناه قرب القدوم.. فلتصبرى وفكرى فى أى اسم ستعطيه.. أى الحروف أحب إليها كى تبدا به اسمه.
إنها تعشق الحروف، خصوصا عندما تتراقص بدلال على السطور، وتتمايل وتتشبث بالنقاط والفتحات والكسرات..
ستعطيه اسما جميلا كيومها هذا، فبرغم الألم إلا أنه أروع ألم بها حتى الآن.
الحركة تزيد والكل يهرول هنا وهناك القادم آت.. أين أبيه؟..
سنحتاج الأب لنكمل شهادة الميلاد، وهى تصرخ وتصرخ وتنظر فى السقف للحظات أى اسم سأعطيه.. أعن يا رب، فالأفكار تتصارع وتتقاتل وتطغى الواحدة على الأخرى كى يأتى قرار..
ماذا يحدث؟
ثوان ويدق المنبه معلنا الساعة السادسه وتستيقذ من نومها، وما زال يلح عليها السؤال، ولم تتخذ بعد قرارا.
إنها تفكر.. أتعود لتكتب قصة عشقها؟، أم تهرب وتترك كل الأوراق؟، أتعود أم تتمهل وتترك بعض الأعوام تضيع؟.. فكرة تشدها للعودة واتخاذ القرار، وفكرة تقفز وتهلل: بل عودى عودي..
لم تستطع النوم الليلة الفائتة.. أحلام وكوابيس.. كانت تحلم بوليد وطبيب والأسماء، ولكن أيقظها المنبه قبل أن تتخذ قرار على بعد خطوات من مولد القرار.. تعود أم تظل هناك فى الركن البارد القاسى مع وحدتها..
الطفل فى حلمها لم يولد بعد.
ماذا يعنى هذا فى كتاب تفسير الأحلام؟!
موضوعات متعلقة..
أبو الفضل بدران لموظفى "قصور الثقافة": قيادات الهيئة أخطات فى حقكم
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد عبده
رائعة
يعني هذا في كتاب التفسير أنها ستتزوج قريبا
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالله نجدي
اجمل ما قرأت.