أكرم القصاص - علا الشافعي

كمال حبيب

الأساطير المؤسسة لداعش (2-2)

الإثنين، 16 نوفمبر 2015 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نهاية العالم، وخلق حالة للفتن والملاحم، وتدمير الحضارة الغربية والحضارة الإنسانية، والعودة إلى آخر الزمان حيث يعود الإنسان للقتال بالرمح والسيف، حيث تسقط ميزة التكنولوجيا التى لا يملكها التنظيم وتبرز ميزة القتال عبر الفروسية، ومواجهة المقاتل للمقاتل وجها لوجه، هذه هى رؤية داعش للعالم ونهايته. مشاهد العنف والدموية والوحشية المتجردة من أى معنى للإنسانية تعبير فى الواقع عن عودة العالم إلى حالة ما قبل التحضر واستحضار مفهوم النهايات، نهاية العالم والإنسان والحضارة بمشاهد عنف متوحشة ودموية، ومن ثم فإن استهداف المدنيين كاستراتيجية لداعش باعتبارهم هدفا رخوا وسهلا لتوحش داحش يمكن مجرمى داعش من استحضار عالم النهايات بوحشيته ودماره، وكأن يوم القيامة على مسافة خطوات من الإنسان المعاصر.

«دابق» هذه المدينة التى تقع فى سورية بحلب هى مسرح النهايات كما يذهب داعش، ودابق تلك هى مرج واسع يصلح مسرحا لتلك النهايات التى هى حروب تقع بين الروم - وهم يفسرون الروم بجيوش التحالف ويفسرونها بالأمم المتحدة، كما يعتبرون روسيا من الروم أيضا، ونحن نعرف فى التاريخ أن جيوش العثمانيين بقيادة سليم الأول هزمت جيش المماليك فى معركة مرج دابق سنة 1516، حيث فتح الباب واسعا للوصول إلى مصر وإسقاط الدولة المملوكية، وهى ما يعنى أن مرج دابق هى منطقة استراتيجية ومفتاح مهم لمن يسيطر عليها.

وفى الحديث التى تعتبره داعش أساسا لأساطيرها حول نهاية العالم «لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا، قالت الروم خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون، لا والله كيف نخلى بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم، فينهزم ثلث ولا يتوب الله عليهم أبدا، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان، إن المسيخ الدجال قد خلفكم فى أهاليكم فيخرجون وذلك باطل، فإذا جاءوا الشام خرج، فبينما هم يعدون للقتال يسوون صفوفهم إذا أقيمت الصلاة فينزل عيسى بن مريم فأمهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب فى الماء فلو تركه لانزاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده- أى المسيح، فيريهم دمه فى حربته». وهنا تبدو الشام مركزية فى تصور داعش باعتبارها الساحة التى ستشهد نهاية العالم، فهى ستشهد نزول عيسى بن مريم، وستشهد قتل المسيخ الدجال بيد المسيح وبحربته، كما ستشهد معركة النهايات بين الروم الصليبيين وبين جنود المسلمين الخلص.

وعودة إلى الأساطير المؤسسة لداعش فإن نزول الروم للأعماق ولدابق يكون بعد هدنة وصلح بين المسلمين وبين الروم أو بنى الأصفر، وفى هذه الهدنة تشترك جنود المسلمين وجنود الروم فى القتال معا ضد عدو واحد لهم من ورائهم، وتعود الجيوش المتحالفة إلى مرج دابق، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب، فيقول غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة». ولكن كيف سيكون تجمع الروم هذا؟ سيكون تجمع الروم كما تشير الأساطير الداعشية تحت ثمانين غاية- أى راية- تحت كل غاية اثنا عشر ألفا «ويفسر الداعشيون ذلك بأن التحالف الدولى الذى يبلغ الآن 62 دولة قد يصل حتى يكون ثمانين دولة، ولذا فإنهم يفرحون كلما زاد عدد الدول المنضمة للتحالف الدولى الذى تقوده أمريكا، أى أن الجيش الذى سيقاتل المسلمين فى مرج دابق سيزيد على تسعمائة ألف. والغريب أنهم يتحدثون عن السيطرة على الجزيرة العربية، وعلى إيران، بل على بلاد الروم أيضا، وذلك تمهيدا للخلافة التى ستكون على منهاج النبوة، أو أن بعض تلك الأحداث سيكون فى ظل الخلافة فعلا، وهو ما جعلهم يسارعون بإعلان الخلافة ومبايعة أبى بكر البغدادى. إن لغة الأحاديث التى طالعتها عن آخر الزمان تتسم بالاضطراب والتداخل، كما لا يبدو فيها بهاء وجمال وبركة أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم، وهو ما يجعلنى أتحفظ جدا فى قبول تلك الأحاديث، كما لا يجوز أن نؤسس لأحكام عملية منها خاصة لو كان القرآن الكريم لم يشر إليها.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

فؤاد

يامثبت العقل والدين يارب

عدد الردود 0

بواسطة:

مهند عادل

العبرة بصحة الحديث

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة