"مستريح" جديد فى عين شمس.. نجار سلفى تقاضى مبالغ تخطت 40 مليون جنيه من 400 مواطن بزعم تشغيلها فى التجارة.. المتهم استغل قدرته على الإقناع وأغرى ضحاياه بربح 30% ثم اختفى.. والضحايا يصرخون:شقى عمرنا ضاع

واقعة نصب جديدة تعرض لها المواطنون تحت مسمى "تشغيل الأموال"، لتعيد إلى أذهاننا قصة "المستريحين"، الذين أراحوا أنفسهم وأرهقوا المواطنين، "محمود.س.ا"، 41 سنة، نجار، استطاع بحيلة أن يقنع عددًا كبيرًا من المواطنين بتشغيل أموالهم معه فى المواد الغذائية بعد أن أقنعهم وأغراهم بالعائد المادى الكبير الذى سيتقاضونه نظير تشغيل أموالهم، والذى تجاوز فى بعض الأحيان الـ10% كل 10 أيام بواقع 30% شهريًا، ما يعنى أرباحًا طائلة ومكاسب خيالية دفعت المواطنين للهرولة إليه وإيداع أموالهم معه راغبين فى تحقيق حلم "الثراء السريع"، ولكن مثلما قال المثل "تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن"، يختفى "محمود" وتختفى معه أموال المواطنين، ليدفعهم ذلك للجوء إلى القضاء، وتحرير محاضر ضده بالنصب عسى أن تعود حقوقهم المسلوبة.

أحد الضحايا: "جمع 40 مليون جنيه من 600 شخص واختفى"

تحدث"ر.ج"، أحد ضحايا المتهم، عن ظروف تعرفه عليه وعن قصة "محمود" مستريح عين شمس، مع المواطنين لـ"اليوم السابع" قائلاً: منذ 5 سنوات كان "محمود" يعمل نجار موبيليا فى ورشة كبيرة بمنطقة عين شمس، وظل هكذا لفترة طويلة حتى أصيب بمرض الكبد وساءت ظروفه الصحية لدرجة كبيرة، ما دفعه إلى أن يبيع كل ما لديه منزله وسيارته وأملاكه، وعدد كبير من جيرانه ساعدوه من أجل المرور من محنته وتشاء إرادة الله أن يعود "محمود" من المرض ويبتاع محل بقالة ويبدأ حياته من جديد.

ويكمل "ر.ج" حديثه قائلاً: بدأ "محمود" الترويج لنفسه على أنه يتاجر فى المواد الغذائية وتجارة الحبوب والأغذية، مستغلاً قدرته الفائقة على الإقناع، وجمع مبالغ مالية كبيرة من المواطنين بحجة توظيفها مقابل ربح يتقاضونه شهريًا بنسبة تزيد عن 10% أو بنظام الـ"محروق" وهو النظام الذى يتم جنى الأرباح فيه كل 10 أو 15 يومًا بنسبة ربح تبلغ 15%، ازداد نشاط "محمود" وتوسع وادعى أنه يدخل مزادات بمبالغ ضخمة وستحقق له أرباحًا خيالية فجمع مبالغ كبيرة من المواطنين الذين دفعتهم رغبتهم فى تحقيق "الثراء السريع" نحو الارتماء فى أحضانه، فمنهم من باع سيارته ومنهم من باع المحل التجارى الخاص به منتظرًا الربح الوفير الذى سيجنيه من وراء ذلك.

وأضاف "ر.ج": تعرفت على "محمود" من خلال أحد الأصدقاء والذى أقنعنى بالتعامل معه، وتعاملت معه حتى بلغ إجمالى رأس مالى حوالى 300 ألف جنيه، وبعد فترة وجيزة ظل المتهم يتهرب من إعادة الأموال إلى أصحابها متعللاً بسوء أوضاع البلد والمظاهرات المتكررة فى كل مكان، حتى جمع أكبر قدر من المبالغ المالية وهرب، علمت بعدها أن عدد ضحايا "مستريح" عين شمس تجاوزوا الـ500 أو 600 فرد، وأن اجمالى المبالغ التى جمعها تجاوزت الـ40 مليون جنيه.

سعد: "حسن سير وسلوك المتهم دفعنى للثقة به"

ويتحدث سعد حلمى، تاجر مواد غذائية، وهو أحد ضحايا مستريح عين شمس، لـ"اليوم السابع"، قائلاً: تعرفت على مستريح عين شمس من خلال أحد الجيران والذى أقنعنى بحسن سيره وسلوكه وتدينه، وهذا دفعنى لأن أثق فيه، وبالفعل بدأت التعامل معه بمبلغ 50 ألف جنيه وجمعت له حوالى 150 ألف جنيه من معارفى بعدما أقنعتهم بقدرته على تحقيق أرباح خيالية خلال فترة وجيزة ويا ليتنى ما فعلت، تقاضيت منه ربح 10% و15% خلال شهرين أو ثلاثة وبعدها هرب ورفعنا عليه عدة قضايا لعل حقوقنا تعود إلينا.

سيد: "مش عارف أنام ولا أكل من الديون اللى عليا"

سيد عبد الصمد، مقاول، وأحد ضحايا مستريح عين شمس، تحدث هو الآخر لـ"اليوم السابع" قائلاً: "محمود جارى وساكن معى فى نفس العقار، ولم يراعى العيش والملح والجيرة اللى بينا، نصب عليا وعلى عدد كبير من أهالى المنطقة، بل وتخطى ذلك فقد نصب على عدد كبير من المواطنين من الأميرية والمطرية والسلام والنهضة وغيرها، جمع ما يزيد عن 45 مليون جنيه من المواطنين وهرب، كل لما نروح لمنزله زوجته تقابلنا وتقول لنا ما اعرفش هو فين".

ويضيف "سيد" قائلاً: "محمود نصب على ما يقرب من 400 شخص ولم يراعى أحد يكفى ان من بين ضحاياه سيدة أرملة وبترعى أيتام نصب عليها فى 80 ألف جنيه معاش زوجها المتوفى ولا حول لها ولا قوة، أنا مش عارف أنام ولا أكل ولا أشرب ولا أقعد مع أولادى زى زمان، أنا جمعت فلوس من ناس علشان ادهالوا يشغلها والفلوس دى دلوقتى دين فى رقبتى".

يأس ضحايا "مستريح عين شمس" من عودة أموالهم المسلوبة دفعهم للجوء إلى القضاء، فحرر عدد كبير منهم توكيلات للمستشار أنور الرفاعى المحامى من أجل تحريك دعوى قضائية ضد المتهم، واتخذ "الرفاعى" الخطوات القانونية اللازمة وسعى من أجل تحرير بلاغ بمباحث الأموال العامة، إلا أن مباحث الأموال العامة رفضت تحرير البلاغ، بدعوى عدم وجود شركة مسجلة وعقود بين المتهم والضحايا، وكان البديل هو تحرير "جنحة نصب".

سطوة ونفوذ "مستريح" عين شمس بلغت قوتها فى عام 2012 وهو ذات العام الذى شهد حكم جماعة الإخوان للبلاد، واتسع نشاط عمله بشكل ملحوظ وكان يحظى خلال تلك الفترة بالحماية اللازمة لمزاولة نشاطه دون أدنى مضايقات أمنية، وبدأ فى التهرب من المواطنين عقب سقوط "الجماعة" بين عامى 2013 و2014، ثم اختفى واختفت معه ملايين الجنيهات من أموال البسطاء، ما يدفع إلى السؤال عن أين اختفت تلك الأموال؟ وما علاقة مستريح عين شمس بجماعة الإخوان؟ وهل من الممكن أن تكون تلك الأموال استخدمت فى تمويل الجماعات الإرهابية؟

المستشار أنور الرفاعى: "ظهور المتهم فى عهد الإخوان واختفاء ملايين الجنيهات يثير الشك"

يتحدث المستشار أنور الرفاعى محرك الدعاوى القضائية لـ"اليوم السابع" قائلاً: "إن ظهور المتهم إبان حكم الإخوان واتساع نشاطه بشكل كبير وملحوظ، ساعده فى جمع ملايين الجنيهات والتى استخدمت فى نشاط غير معروف رغم ادعائه بتشغيلها فى تجارة المواد الغذائية يثير الشك والريبة، خاصة أن المتهم اختفى واختفت معه ملايين الجنيهات من أموال المواطنين دون معرفة كيف تم صرف تلك الأموال وأين اختفت، وهذا إذا ما تم ربطه بعلاقة المتهم بجماعة الإخوان يفتح المجال للعقل لأن يفكر فى أن تلك الأموال قد تكون استخدمت فى تمويل العمليات الإرهابية التى تنفذها جماعة الإخوان، ولذلك على الجهات المختصة التحرى والبحث للوقوف على حقيقة اختفاء المتهم واختفاء الأموال معه.

ويضيف "الرفاعى" قائلاً: جنحة النصب عقوبتها 3 سنوات غيابيًا، ويسقط الحكم بالتقادم، وقد صدرت عدة أحكام بحق المتهم "محمود" إلا أن تلك الأحكام لم تنفذ حتى الآن، فالمتهم مختفى بمحافظة المنصورة ومباحث تنفيذ الأحكام عاجزة عن تنفيذها، والقانون المصرى أعطى الفرصة للمحتالين من موظفى الأموال فى الإفلات من العقاب، لأنه وضع هيكلًا لقبول الشكوى فى قضايا توظيف الأموال منها أن يكون هناك شركة مسجلة وعقود مبرمة بين "موظف الأموال" والمواطنين، على الرغم من أن عدم وجود شركة وعدم وجود عقود هى جريمة أخرى يجب أن يعاقب عليها المحتالون من "موظفى الأموال".

"الرفاعى": "غاية القانون حماية المجتمع وعلى الداخلية التحرر من البيروقراطية"

واستكمل "الرفاعى" حديثه قائلاً: على الرغم من أن شركة "توظيف الأموال" غير مسجلة إلا أنها تعتبر شركة واقع ويجب التعامل معها على هذا الأساس، إلا أن ممثلى وزارة الداخلية يتعاملون بمعاملة موظفى الأحياء، وعليهم أن يقوموا بإجراء التحريات حول تلك الشركات، لإثبات ما إذا كان هناك عمل مخالفة للقانون ويهدف إلى النصب على المواطنين من عدمه، حتى لا يعطوا الفرصة للمحتالين لكى ينصبوا على المواطنين وتقف الداخلية عاجزة عن مواجهتهم.

ويختتم "الرفاعى" حديثه مؤكدًا على أن غاية القانون حماية المجتمع وليس حكمه، وعليه فعلى وزارة الداخلية التحرر من البيروقراطية فى التعامل مع البلاغات المماثلة، وأن تقوم إدارة البحث الجنائى بالبحث والتحرى عن تلك الشركات من خلال مصادرها السرية والتوصل لحقيقة عمليات النصب الوهمية التى يتعرض لها المواطنون.

موضوعات متعلقة..

دفاع "المستريح" يهدد بالانسحاب حال عدم سداده مستحقات المدعين بالحق المدنى