أكد عدد من الصيادلة أن الرقابة تتم بشكل عشوائى، إضافة إلى أن عدد الصيادلة المكلفين بالتفتيش على الصيدليات فى مختلف المحافظات لا يتجاوز 200 صيدلى رغم أن عدد الصيدليات يقرب من 65 ألف صيدلية.
وزارة الصحة تحلل أول 3 تشغيلات من الأدوية
قال الصيدلى إسلام محمود، إن هناك قصورا فى مراقبة وزارة الصحة على تشغيلات الأدوية، خاصة أن قانون التسجيل رقم 425 لسنة 2015، ينص على حقها فى تحليل أول 3 تشغيلات يتم تصنيعها فقط، والذين غالبا ما يتم صناعتهم دفعة واحدة، ثم يأتى دور إجراء دراسة التكافؤ الحيوى، مما يمنع وجود تلاعبات فى تلك التشغيلات، إلا أن ما يحدث بعد ذلك هو أن التفتيش حال شكه فى التشغيله يسحب عينة لتحليلها، وفى حال إثبات ذلك يطالب بتحريزها وجمعها نتيجة لعدم تحليل التشغيلة، فى حين أنه فى حال عدم وجود شكوك يتم تداول الأدوية جميعها.
وأضاف محمود، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه فيما يتعلق بانتكاسات مرضى سوفالدى، فإن الأمر يعود إلى أن وزارة الصحة لم تحلل كل التشغيلات الانتاجية للسوفالدى المصرى للتأكد من فعالية العقار، مما قد يؤدى إلى وجود تلاعبات من بعض الشركات، مشيرا إلى أن بعض الأطباء يروجون للشركات بأنها أفضل من الشركة الأخرى لتخصيص نسبة له من المبيعات بالاتفاق مع مندوبى الشركات.
نقابة الصيادلة حذرت من عدم مطابقة الدواء للجين المنتشر فى مصر
وأوضح الدكتور صبرى الطويلة رئيس لجنة صناعة الدواء بالنقابة العامة للصيادلة، أن أى منتج قبل طرحه بالسوق يتم إجراء العديد من الدراسات عليه لكل خطوة من خطوات تصنيعه وإنتاجه، وبعد تداوله فى الأسواق يتم متابعته وحال وجود شكوى منه يتم إعادة تقييمه من جديد، لافتا إلى أن النقابة سبق أن أبدت تحفظها على اعتماد السوفالدى كعلاج لفيروس "سى" فى مصر فى ظل وجود أنواع أخرى أقدر على علاج الجين الرابع الموجود فى مصر، وأنه لا يتناسب مع المادة الفعالة، إلا أن الجانب الربحى يستحوذ على جزء كبير من القضية.
وأشار الطويلة إلى أن الانتكاسات ناتجة عن وجود مشاكل فى طرق صرف العقار، خاصة أن مصادر التوزيع تعددت من خلال مندوبى الدعاية دون التقييد أو احترام مهنية الصيدلى ودوره كأمين على الدواء وأنه خبير فى طرق صرفه وجلبه، حتى بدأ المندوبون المرور بالشوارع بالعقار فى حقائبهم فى درجات حرارة تصل إلى 45 درجة فى الوقت الذى من المتعارف عليه أن درجة الحرارة التى يتم وضع فيها الأدوية لا تزيد عن 25 درجة، وبالتالى تصبح الشركات نفسها هى من تخترق الطرق والبرتوكولات الخاصة بصرف الدواء من الصيدليات.
وتابع رئيس لجنة صناعة الدواء بالنقابة العامة للصيادلة: "نحن لا نشكك فى الدواء ولكن هناك أخطاء غير مقصودة منها السعى خلف البيزنس وترويج الأدوية خاصة، بعد إعلان وجود أنواع أكثر فاعلية، دفع الشركات إلى الخروج عن الإطار المألوف وتخترق كل المعايير لصرف الأدوية، عن طريق الأطباء الذين يحصلون على 500 جنيه مقابل توصيل الدواء حتى المنزل من خلال مندوب الدعاية، فى مقابل تقليص هامش الربح للصيدلى إلى 7% بما لا يوازى 30 جنيها، إلا أن كل الأدوية لا تجرؤ شركة على التلاعب فى نسبها وإن اختلفنا فى فاعليتها من البداية".
نحو 50% من العاملين بالصيدليات من غير الصيادلة
لم تكن تلك هى الأزمات الوحيدة التى ترتبت على ضعف الرقابة على سوق الأدوية، حيث أكد الدكتور محمد سعودى وكيل نقابة الصيادلة السابق، أن ما يقرب من 50% من العاملين فى الصيدليات هم من غير الصيادلة، طبقا للتقارير التى كانت تتلقاها النقابة العامة من الفرعيات، لافتا إلى أن مخالفات الصيدليات يتم رصدها من خلال وزارة الصحة وأحيانا النقابات الفرعية، فى حين أن النقابة تحكم الصيدلى فقط فى الموافقة على الاسم التجارى للصيدلية، وبعض الأوقات لعدم وجود تحريات بعد الموافقة يتم اكتشاف وجود خطأ، مشيرا إلى أنه فى ذلك الوقت تتجه النقابة للإدارات الصحية بأن الصيدلية أصبحت ملك لدخيل بعد الموافقة، إلا أنها تؤكد أنها لا تملك حق إلغاء الرخصة رغم قدرتها على ذلك خلال 60 يوما من تاريخ انتهاء الرخصة.
وأشار سعودى، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن ضعف التفتيش يجعل الصيدليات المخالفة تعمل دون خوف، موضحا أن وجود دخلاء بمهنة الصيدلة ناتج عن اقتصاديات الصيدليات الضعيفة لقلة الدخل، مما يدفع الصيدلى للجوء لدخيل بأجر أقل من الصيدلى، مؤكدا على أهمية إصلاح اقتصاديات الصيدليات حتى يستطيع صاحب الصيدلية أن يعطى الصيدلى أجر مناسب مع ما يبذله من جهد، واصفا عمليات التفتيش بـ"العشوائية"، وأن اكتشاف وجود خطأ بالتشغيلات لا يتم إلا من خلال إقرار الشركة المنتجة نفسها بوجود خطأ، وتكتفى بإبراء زمتها من ذلك بإصدار مخاطبة لوزارة الصحة لإعلامها بالخطأ، وبدورها تصدر الوزارة منشور دون المرور على الصيدليات لإخطارها، وفى النهاية الصيادلة هم من يتحملون النتائج.
200 صيدلى فقط يفتشون على 65 ألف صيدلية
فى السياق نفسه، قال الدكتور مصطفى الوكيل وكيل نقابة الصيادلة، إن النقابة تقوم بالتنسيق مع التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة لمنع وجود مخالفات، والتأكد أن من يملك الصيدلية ومتواجد فيها صيدلى، حتى لا تحدث أخطاء فى صرف الدواء تؤدى إلى كوارث طبية، مشيرا إلى أن التفتيش الصيدلى والنقابة يبذلون جهوداً كبيرة فى ظل وجود معوقات مثل عدم منح صفة الضبطية القضائية للنقابة وقلة الإمكانيات المتاحة لدى التفتيش الصيدلى، لافتاً إلى أن وزارة الصحة فتشت العام الماضى على 37 ألف صيدلية من إجمالى عدد الصيدليات البالغ عددها 65 ألف صيدلية، وكشفت عن وجود 200 صيدلية فقط مخالفة.
وأوضح أن الدكتور محيى عبيد النقيب العام للصيادلة، أطلق مبادرة لتحسين أداء التفتيش الصيدلى تضمنت توفير وسائل انتقال لتسهيل القيام بمهام عملهم وزيادة عدد المفتشين، الذى يصل إلى 200 صيدلى فقط يقومون بالتفتيش على 65 ألف صيدلية، و3 آلاف مخزن و200 مصنع.
وتابع: "إننا نعانى من وجود قصور فى القوانين المنظمة للمهنة والتى لم يحدث بها تعديلات تتوافق مع المتطلبات الحالية منذ الخمسينات"، لافتاً إلى أن النقابة لا تملك صفة الضبطية القضائية وتم إرسال خطاب إلى وزير العدل ولم يتم الرد حتى الآن للمطالبة بمنح النقيب وأعضاء النقابة صفة الضبطية القضائية لتمكينهم من دورهم وتنفيذ قانون 47 لسنة 1996، والقانون 127 لسنة 55 ومراقبة الصيدليات وضبط السوق من الأدوية المهربة والمغشوشة.
وأضاف أن النقابة تقوم بدورها فى محاربة الدخلاء على المهنة لأنهم يسيئون إلى الصيدليات التى تقدم خدمات استشارية للمرضى بالمجان فى المدن والقرى الفقيرة، مشيراً إلى أنه تم رفض ترخيص 73 صيدلية بـ10 محافظات لمخالفتها فانون مزاولة مهنة الصيدلة، بالإضافة إلى عمل تحريات عن الصيدليات الجديدة، للتأكد أن من يملكها ويديرها صيادلة لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة ضدهم.
مخالفات لعدم وجود رقابة كافية
من ناحيته، أكد محمود فؤاد رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء، أن كل شركة بعد حصولها على التصاريح اللازمة للإنتاج تعمل حسب رؤيتها، لافتا إلى أن ضعف القوانين والتشريعات الموجودة وقلة المفتشين العاملين بوزارة الصحة والمكلفين بالتفتيش على كل الشركات والصيدليات بأنحاء الجمهورية، والذين غالبا لا يمكنوا من مسحها بشكل كامل، أدى إلى وجود بعض المخالفات، خاصة فى ظل افتقاد وجود رقابة حقيقية من قبل وزارة الصحة وزيارات مفاجئة من قبل المفتشين ووجود مديرى مصانع ومديرى جودة.