جمال عبد الناصر يكتب: "سيد الوقت" عرض يدعو للتفكير ويكسر الصورة الملائكية لصلاح الدين.. ويطرح تساؤلا: هل كان البطل الإسلامى محقا فى التخلص من السهروردى الذى قال: إن الله قادر على أن يخلق نبيا غير محمد

الأحد، 04 أكتوبر 2015 07:20 ص
جمال عبد الناصر يكتب: "سيد الوقت" عرض يدعو للتفكير ويكسر الصورة الملائكية لصلاح الدين.. ويطرح تساؤلا: هل كان البطل الإسلامى محقا فى التخلص من السهروردى الذى قال: إن الله قادر على أن يخلق نبيا غير محمد المخرج ناصر عبد المنعم
كتب جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يكسر العرض المسرحى "سيد الوقت" للكاتب والشاعر محمد فريد أبو سعدة والمخرج ناصر عبد المنعم الصورة الملائكية للقائد العربى الشهير صلاح الدين الأيوبى محرر القدس الذى استُلهمت شخصيته فى الملاحم والأشعار فهو القائد الذى يضرب به المثل كقائد مسلم مثالى واجه أعداءه بحسم ليحرر أراضى المسلمين، دون تفريط فى الشهامة والأخلاق الرفيعة، كما أنه القائد العربى الوحيد الذى ظل فى الوعى الأوروبى نموذجًا للفارس الشهم الذى تتجسد فيه أخلاق الفروسية ، لكن مسرحية " سيد الوقت " تكشف عن وجه آخر لصلاح الدين وهو الوجه الدموى، فصلاح الدين يتخلص من كل من يعارضه فى الفكر ولا يؤمن بحرية العقيدة والاعتقاد ولا يسمح بأى رأى يعارض حكمه.

يستلهم كاتب المسرحية محمد فريد أبو سعدة جزءا من التاريخ الخاص بفترة ظهور شهاب الدين السهروردى فى حلب فى بداية فترة حكم صلاح الدين ليفتح لنا العرض المسرحى قضية شائكة جدا وهى قضية الحقيقة والخيال والكذب والتلفيق فى كتابة التاريخ فمن يكتب التاريخ؟ وهل كان صلاح الدين محقا فى التخلص من السهروردى الذى شت بعقله وفكره الفلسفى وقال ” إن الله قادر على أن يخلق نبيًا غير محمد لأنه لا حدود لقدرته” وكان لدى السهروردى اعتقاد ببقاء باب النبوة مفتوحا بعد سيدنا محمد الأمر الذى اعتبره الفقهاء وقتها نهاية للإسلام برمته، لأن عقيدة المسلمين تقوم على أنه لا نبى بعد محمد، الأمر كان سيحدث بلبلة فى توقيت كان صلاح الدين الأيوبى يهتم فيه ببناء دولته وتقويتها بعد قضائه على الحكم الفاطمى والثابت تاريخيا أن صلاح الدين لم يقتله من تلقاء نفسه ولكنه قتله بناء على الحكم الذى أصدره فقهاء حلب بإعدام السهروردى، إذن صلاح الدين برىء من دمه كبراءة الذئب من دم بن يعقوب.

أفضل ما فى مضمون العرض الذى كتبه أبو سعدة ووضع له الرؤية الإخراجية ناصر عبد المنعم هو الدعوة للتفكير وإعمال العقل والبحث عن الحقيقة من خلال وجبة مسرحية دسمة تستحق المشاهدة نختلف أو نتفق على مضمونها وأنا شخصيا ربما أختلف فكريا مع المضمون الذى ربما يحمل تحاملا وظلما ضد صلاح الدين ذلك القائد العربى الهمام لكن على مستوى الرؤية البصرية والفرجة فالمخرج ناصر عبد المنعم أبدع فى صناعة رؤية بصرية تتناسب مع المضمون من خلال عناصر متعددة منها مثلا الموسيقى التى وضعها شريف الوسيمى ذات طابع صوفى فلسفى والديكور الذى استخدم فيه خيال الظل بحرفية كبيرة من خلال ستائر خلفية وجانبية والملابس المناسبة لطبيعة الفترة التاريخية التى صممتها نادية المليجى والغناء الصوفى للمطرب فارس والرقص التعبيرى لرشا الوكيل ورقص المولوية لشبراوى والتصميم الحركى لرجوى حامد الذى ربما لو خفض من وزنها لكان أفضل لها ولنا كمشاهدين.

أما عن أداء الممثلين فسنجد أن تامر نبيل الذى جسد شخصية السلطان الظاهر الأيوبى ممثل موهوب لدرجة النخاع اهتم جدا بتفاصيل صغيرة فى أدائه وعبر بعينيه عما بداخله من مشاعر وأحاسيس فكان مبهرا بأدائه وثقته بنفسه وإتقانه للشخصية وعلى العكس تماما كان وائل إبراهيم الذى جسد شخصية شهاب الدين السهروردى فبرغم اجتهاده والطاقة التى يبذلها فقد شعرت أنه يقلد الفنان محمود مسعود فى أدائه فى مسرحيته الشهيرة "مأساة الحلاج " ومن المميزين دائما الفنان معتز السويفى الذى تضعه فى أى شخصية يتقنها فهو ممثل صاحب ألف وجه وأيضا الفنانة سامية عاطف تمتلك إحساسا فى التمثيل بكل كلمة تنطق بها ومن المميزين أيضا محمود الزيات ذلك الممثل الموهوب.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة