كان محمد صلاح المحامى أقام دعوى مطالبًا بتجنيد الفتيات، وحملت دعواه رقم 30862 لسنة 64، مختصما كلا من رئيس الجمهورية ووزير الدفاع.
وصدر الحكم برئاسة المستشار أحمد الشاذلى، وبعضوية المستشارين خالد طلعت، وحازم اللمعى، وأسامة منصور، وسمير عبد المقصود.
حيثيات الحكم
وأوضحت المحكمة فى حيثياتها، أن المبادئ الدستورية تقضى بمساواة المرأة بالرجل فى الحقوق والواجبات، ومقتضى هذه المساواة عند تطبيقها على الوظائف والأعمال العامة، هو عدم جواز حرمان المرأة على وجه مطلق من تولى هذه الوظائف، وإلا كان فى ذلك تعارض مع مبدأ المساواة.وتابعت: إن مقتضى ذلك أن يترك للجهة الإدارية سلطة التقدير فيما إذا كانت المرأة بالنسبة لوظيفة معينة صالحة لتوليها هذه الوظيفة، فإن رأت الجهة أن المرأة قد استوفت أسباب الصلاحية كان للإدارة بل عليها أن تفتح للمرأة الباب الذى تفتحه للرجل دون أى إخلال بمبدأ المساواة فيما بينهما.
وأكدت المحكمة أن المرأة المصرية أثبتت صلاحيتها فى هذا العصر لتولى مناصب وأعمال كثيرة فى الطب والهندسة والاقتصاد والتعليم وفى وظائف فنية، وفى بعض الهيئات القضائية، إضافة إلى بزوغ دورها فى العمل فى المجالات الاجتماعية التى تقوم عليها منظمات المجتمع المدنى من جمعيات أهلية وأحزاب سياسية، بل إن المراة لتؤثر على الرجال فى بعض هذه الأعمال لما تتميز به من صفات خاصة، ومن ثم فإيثارها على الرجل فى هذه النواحى من النشاط لا يعد إخلالًا بمبدأ المساواة بينها وبين الرجل.
سلطة تقديرية لجهة الإدارة
ولفتت إلى أن لجهة الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية أن تقدر من غير تعسف ما إذا كان الوقت لم يحن بسبب بعض الاعتبارات الاجتماعية أو العملية لأن تتولى المرأة بعض المناصب والوظائف العامة، ولا معقب على الإدارة فى هذا التقدير ما دامت تلتزم فيه وجه المصلحة العامة.
وأشارت المحكمة إلى أن وزارة الدفاع استندت فى تقديرها بعدم ملائمة فرض الخدمة العسكرية الإلزامية على الإناث، إلى الفهم الشائع لأحكام الشريعة الإسلامية والتى لا تجيز التجنيد الإلزامى للإناث بسبب طبيعة تكوينها الخلقى، والنظام القانونى والذى يتيح للإناث أداء الخدمة العسكرية بالقوات المسلحة تطوعا وطبقا لاحتياجاتها من التخصصات المختلفة فى المستشفيات العسكرية حتى حصلت على رتب عسكرية عالية مثل الرجال، كما أن الإناث تؤدى الخدمة العامة بديلا عن الخدمة العسكرية الإلزامية بموجب القانون رقم 76لسنة 1973، وكذلك اعتبار عملى يتمثل فى زيادة الوعى التجنيدى وزيادة أعداد الذكور المؤهلين لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية والتطور الحاصل فى المجال العسكرى والذى لم يعد يعتمد فقط على العنصر البشرى بل على الأجهزة الحديثة.
وأضافت: إلا أنه لا ينبغى أن يستخلص من هذا التصرف أن الوزارة قد أقرت قاعدة عامة مطلقة تقضى بأن المرأة المصرية لا تصلح فى كل زمان ومكان لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية فى الوحدات العسكرية خاصة فى ظل إثبات المرأة لكفاءتها وجدارتها فى العمل، كما لا يجوز الاحتجاج للقول بغير ذلك بأحكام الشريعة الإسلامية السمحاء والتى لم يرد بها ما يحظر أو يفرض أداء المرأة للخدمة العسكرية على سبيل الإلزام والفرض جبرًا.
واستكملت: إنه لا يوجد التزام قانونى على عاتق الوزارة وهى بصدد أعمال سلطتها التقديرية يفرض عليها الأخذ بأى من الاتجاهين سواء بفرض الخدمة العسكرية الإلزامية أو بعدم فرضها والاكتفاء بالخدمة التطوعية، لكن بما تراه أكثر ملائمة لظروف الحال فى الزمن الذى تقدره مناسبا لذلك، ولم يثبت للمحكمة أن هذا التقدير قد شابه تعسف أو انحراف.