وفاء التلاوى تكتب: الصندوق الأسود

السبت، 24 أكتوبر 2015 10:21 م
وفاء التلاوى تكتب: الصندوق الأسود صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما تنفجر طائرة نفتش عن الصندوق الأسود بها كى نعرف تفاصيل ما حدث لها قبل أن تنفجر، فهل بحثت يومًا عن الصندوق الأسود بداخلك أنت قبل أن تصعد روحنا إلى بارئها؟ ويحاسبك رب العالمين على ما فعلته فى هذه الدنيا، وهل تستطيع أن تفتش عن الصندوق الأسود وتستخرجه من داخلك وتبوح بكل ما فيه أمام نفسك أنت؟ وتحدثها بصدق عما فعلته بالماضى أو بالحاضر وندمت عليه وتبت إلى الله عليه، أو ما زلت لم تتب عنه وما زلت تفعله؟ وهل تكون صادقًا أمام نفسك وتواجهها بالحقيقة كلها مهما كانت مرة؟ أم تخفيه حتى عن نفسك فأنت تعرف بأن الله يعلم السر وما اخفى قال تعالى: "وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) طه

فلكل منا صندوق من الأسرار نحتفظ به داخل أنفسنا وفى عقلنا ونخفيها حتى عن أنفسنا كى نستطيع أن ننساها بمرور الوقت، فهى تعتبر نقاط ضعف قد وقعنا فيها ولا نستطيع أن نبوح بها أمام الناس وقد سترنا الله ولم يكشفها فهل من حقنا أن نبوح بها أمام أنفسنا فقط فلا ينفضح أمرنا ونحاول فقط إصلاحها دون أن نذكر الحقائق كاملة للناس ونتوب عنها فيتوب الله علينا ويغفرها لنا ويعفو عنا ولا يحاسبنا بها يوم القيامة يوم تشهد علينا ألسننا وأيدينا بما كنا نعمل قال تعالى: "يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" النور 24

فمن رحمة الله بنا أن جعل لنا فى عقولنا وبداخل أنفسنا حافظة أسرار وهى ما تسمى بالذاكرة يمكننا أن نخفى فيها أخطاءنا التى وقعنا فيها فلا يعلمها أحد من البشر ولكن هل نستطيع أن نخفيها على الله الخالق العظيم؟ الذى يعلم ما فى السرائر وهو علام الغيوب ويعلم ما بالصدور؟ قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿٢٣ لقمان﴾)، وهو أيضًا رحمن رحيم يسترنا ويحمينا ولكن إن زدنا فى أعمال الشر ولم نتوقف أو نتب عنها أو أجلنا توبتنا لوقت آخر ونقول هذه أخر مرة يا رب وسوف أتوب بعدها فيمكن ألا يسترك الله هذه المرة ويكشف أمرك للناس جميعًا ويحاسبك عليها يوم القيامة ويعذبك عذابًا أليمًا.

ويمكن أن تحاسب أيضًا فى الدنيا على شىء أنت لم تقم به ولم تفعله ولكنك قد تسجن فى الدنيا وتعاقب بالسجن عليه وأنت لم تقترف هذا الذنب فيكون عقاب الله مضاعف لك فقد حاسبك الناس فى الدنيا على شىء لم تفعله أنت ولكن كان من نتائج أفعالك السيئة التى عاقبك الله عليها فيكون العذاب مضاعف وتعلم وقتها أن الله يرى ويعلم ما نفعل وهو المنتقم الجبار، وكثيرًا ما نرى ذلك جليًا فى حالات كثيرة فيكون عدل الله فى ذلك لما وقع عليك لتزوق أنت أيضًا طعم الظلم وتعرف ما فعلته بالناس من ظلم وتقول أنا مظلوم ولم أفعل شىء فالله عادل لا يظلم أحدًا عنده ولكن نحن من نظلم أنفسنا حين نغضبه ونعصيه فيما أمرنا به ونهانا عنه.

وصور الظلم عديدة وجميعنا نعرف الظلم والشعور المؤلم للظلم فنجد من يقتل ومن يسرق ومن يزنى ومن يأكل مال اليتيم بدون حق ومن يغضب ربه بالنميمة والغيبة وقول الزور ومن يشرب الخمر ويقامر بحياة الناس وحياته ومن يظلم أباه أو أمه وأقاربه من يحبونه ويخلصون له، فالصور عديدة وكثيرة ولا نجد منا أحد إلا وقد وقع عليه الظلم بشكل من الأشكال ومنا من يظلم نفسه أيضًا بحرمناها من رحمة الله وعفوه ومغفرته قال تعالى: (﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(57) البقرة، وسوف ينصر الله المظلوم ولو بعد حين فدعوة المظلوم لا ترد قال تعالى فى حديثه القدسى (وعزتى وجلالى لأنصرنّك ولو بعد حين).

فيا ليتنا جميعا نبحث عما أخفيناه بداخلنا من شر ونعطى كل ذى حق حقه ونتوب عنها إلى الله ونستغفره ونخلص أنفسنا منها قبل أن يحاسبنا رب الكون عليها وتمر أعمالنا جميعًا أمام أعيننا ولا نستطيع نكرانها أو تجاهلها، ولندعو الله جميعًا بالعفو والمغفرة فى الأمور التى لا نستطيع إصلاحها وقد عفا الزمن عليها.
ونقترب أكثر من الله ولا نغضبه ليعفو عنا ويغفر لنا ويرحمنا فهو مولانا ونعم النصير.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة