نقلا عن العدد اليومى...
تسير فاطمة بملابسها الفضفاضة على كورنيش النيل، ملابسها واسعة وحجابها يغطيها بالكامل، تجرى مسرعة خشية أن يؤذيها أى شخص، وتلتفت من آن لآخر لتتأكد أن الخطر لم يقترب منها بعد، ورغم كل ذلك الاحتياط يحدث ما كانت تتوقع حدوثه، عندما يمس متحرش مناطقها الحساسة ويمشى مزهوا بفعلته ضاحكاً، «فاطمة» هى واحدة من آلاف البنات المصريات، بطلات قصة طويلة حزينة تعيشها كل فتاة محتشمة أو لا.. جميلة أو لا.. تمشى أو تركب مواصلات فى شوارع مصر، دون وجه حق أو سابق إنذار، والحل: ماذا نفعل لو كان القانون غير رادع؟ والمتحرشون يصدرون ودنا من طين وودنا من عجين لكل من ينادى بعقابهم فى قضية يعرف أنها لن ترفع عليه أصلا بسبب سلبية المجتمع، وحتى وإن رفعت ستسقط من أول جلسة بالتأكيد؟؟!!
«التجربة الإندونيسية».. هى التى نحتاجها الآن، حيث أقرت أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، قانون يعاقب المتحرشين بالأطفال بالحقن بهرمونات أنثوية تجعل رغبتهم الجنسية تتلاشى وتنعدم، ومن دون نزول قطرة دم واحدة.. سألنا أطراف القضية بين فتيات وأطباء علم نفس واجتماع وذكورة ورجال دين: هل يمكن تطبيق العقوبة نفسها فى مصر؟ وهل سيرضى ذلك الفتيات؟.. وكانت الإجابات صادمة كالآتى:
القانون: 80% من المتحرشين بيطلعوا زى الشعرة من العجينة
أكد «علاء أبوالعنين» المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة، أن العقوبة الحالية للمتحرش من 3 أشهر إلى سنتين، وأن أصغر محامٍ يستطيع أن يحصل على براءة من أول جلسة للمتحرش «زى الشعرة من العجينة»، إما بسبب عدم توافر الأدلة، أو سلبية الشارع المصرى التى تجعل أغلب الشاهدين على الواقعة يرفضون الشهادة فى المجتمع. وقال «أبوالعنين»: «إذا قالت المحكمة إنها اطمأنت لأدلة المتهم بالتحرش وأعطته البراءة، يستطيع أن يخرج ويطلب تعويضاً من الفتاة التى ادعت تحرشه بها».
وأضاف: «رغم ذلك فأنا لا أطالب بتطبيق عقوبة الإخصاء الكيماوى لأنها ضد الشريعة الإسلامية».
الدين: المتحرش «راجل» ومينفعش نغير فى خلقة ربنا
«خلق الله المتحرش رجلاً، شئنا أو أبينا لا يمكننا التغيير فى خلقته، فهذا حرام»، بهذه الكلمات رفض الباحث الإسلامى «مؤمن البشبيشى» هذه العقوبة التى يراها «غير شرعية»، حيث تتسبب فى تحولات جنسية وروحية لدى المتحرشين الأمر الذى قد ينقلب إلى ضده ويتسبب فى انتشار المتحرش إلى مخنث، وتصبح المشكلة أكبر.
ومن الناحية الفقهية أوضح «البشبيشى» أن جسم الإنسان هو شىء لا يملكه، وبالتالى فإن أى تغيير فيه حرام، لافتاً النظر بأن هناك عقوبات أكثر وأفضل يمكن استخدامها مثل الغرامة المالية أو التشهير بالمتحرش، ولكن دون استخدام هذه الهرمونات.
طب الذكورة : هرمونات الأنوثة عقوبة رحيمة للمتحرشين
أكد الدكتور محمد عبده، أخصائى أمراض الذكورة بطب القصر العينى، أن هرمونات الأنوثة كانت تستخدم كعقاب فعلا على المغتصبين والمثليين فى الأربعينيات والخمسينيات فى الولايات المتحدة، ولكن هذه المرة الأولى التى تطبق على المتحرشين، مؤكداً أنها تهبط الشهوة الجنسية وبعضها يسبب عجزا جنسيا كاملا لمن يحقن بها.
وقال «عبده»: «الهرمونات عقوبة رحيمة بالمتحرشين، خاصة من كرر فعلته، وهى حل فعال يمكن تطبيقه فى مصر، خاصة لمن يتحرشون بالأطفال، لأنها تتعدى هنا حدود الانحراف إلى كونها جريمة».
وقال أخصائى الذكورة بطب القصر العينى: «الهرمونات الأنثوية تؤدى إلى ضعف الانتصاب عند الرجل، واستخدامها لفترة طويلة يدمر القدرة الجنسية لديه».
وعن أنواع الهرمونات التى يمكن حقن المتحرشين بها، قال الدكتور «عبده»: «الفينسترايد يؤدى إلى القضاء على القدرة الجنسية على المدى الطويل، وحبوب منع الحمل أيضاً يمكنها أن تؤدى هذه المهمة».
الطب النفسى : الهرمون لو زاد عن حده انقلب ضده.. و«هيتحرش برضه»
قالت الدكتورة «شيماء عرفة» أخصائى الطب النفسى: هناك حالتان يصل لهما المتحرش الذى يتعرض إلى الحقن بهرمونات الأنوثة إما فشل هذه الجلسات أو يأتى تأثيرها متأخرا بعد فترة طويلة، أو الحالة الثانية وهى أن تتم بنجاح وبسرعة فائقة.
متابعة حديثها: بالنسبة للحالة الأولى أو تأخر نتيجة الهرمونات أو فشلها هنا ينقلب الوضع على عكس ما نريد تماماً فالحالة النفسية للمتحرش ستدفع به لإثبات رجولته بأى شكل وبأى طريقة وسيزيد عنف ورغبة على ممارسة الجنس بل وستضاعف لديه القدرة الجنسية، ولا يرضى رغبته النفسية على إثبات رجولته ما كان يرضيها سابقا وسيزيد الأمر سوءا.
أما فى الحالة الثانية وهى نجاح الهرمونات وسرعتها فى فقدانه أى شعور أو رغبة جنسية هنا سيكون الأمر سلبى على المتحرش نفسه وعلى حالته النفسية، فهو بداخله يفكر ويشعر كرجل وفى خارجة معدوم الرجولة أو حتى الأنوثة فيقف فى منطقة الوسط لا يدرى إذا ما كان رجلا أو أنثى ويفقد أى رغبة جنسية التى تعد من أهم متع الحياة.
وبالتالى يفقد شهوة الحياة ويزهدها وبالتأكيد سيدخل فى حالة من الاكتئاب الحاد التى ستتضاعف يوما بعد يوم حتى تؤدى به إلى نتيجة حتمية لا بديل لها وهى الانتحار والتخلص من هذه الحياة عديمة الفائدة بالنسبة له.
الفتيات : عايزين المتحرش يفكر 1000 مرة قبل ما يلمس أى بنت
سارة عرفات، المتحدث الإعلامى لحملة «أنتى أقوى»، «العقوبة جامدة جداً» والمطالبة بها ووضعها أمام المتحرش تزيد من خوفه وتجعله يفكر مليون مرة عند رؤية الفتيات والاقتراب منهن، وهى تعتبر عقوبة كبيرة لم نسمع عنها من قبل، ولكن مجرد تطبيقها فى مصر سيخلصنا من مشكلات كثيرة تواجه الفتيات هذه الفترة.
أما «ناريمان حمدى»، 25 سنة، طالبة ماجستير إدارة أعمال جامعة القاهرة، «الكلام حلو بس التنفيذ أهم، التحرش لم يقتصر فى مصر على المواصلات العامة أو الشارع فقط من مراهقين، ولكن الأمر تعدى ليكون الأستاذ فى الجامعة والمدرس فى المدرسة، وتطبيق هذه العقوبة كافية للتخلص من هذه الظاهرة والتخلى عن أى قوانين أخرى لا ينفذ». وأشارت «هويدا مختار»، 29 سنة، إلى «العقوبة تحتاج إلى جرأة الفتاة أكثر لتطبيقه، لهذا علينا العمل على نشر ثقافة الجرأة للفتيات وتطبيق العقوبة على المتحرش مهما كانت مكانته الاجتماعية للحصول على حق الفتيات، ويكفى تطبيق هذه العقوبة مرة واحدة ليخاف باقى الرجال المصريين واتخاذهم قرار عدم التحرش نهائيا».
أما «أمل رمضان»، 24 سنة فتقول: «خبراء الاجتماع والنفس يتحدثون عن أهمية تكاتف كل الجهات للتخلص من ظاهرة التحرش، وأكبر مشكلة موجودة هى عدم تحدث الفتاة عن المتحرش وكتمان الموقف بداخلها دون حل صحيح، ولكن مع وجود هذه العقوبة يكفى أن تحمل الفتاة ورقة مكتوبا فيها العقوبة وإظهارها عند اقتراب أحد المتحرشين بها، وهو ما يجعله يهرب سريعا».
المتزوجات : لو جوزى اتحرش أو خاننى هحقنه بنفسى!
سألنا السيدات المتزوجات أيضاً: «لو جوزك خانك أو اتحرش بواحدة ممكن تحقنيه؟، وتعددت الإجابة بين اختيار الإخصاء كحل نهائى دون بديل وبين هجره بكرامة».
«يستاهل، هفقده رجولته اللى فرحان بها، حدعى عليه ربنا يهده بدل ما أحقنه، اللى خدته القرعة تخده أم الشعور»، هكذا كانت ردود أفعال السيدات اللاتى رفضن فكرة الخيانة تماما واللاتى رأين أنها تفقدهن أنوثتهن الأمر الذى قد يدفع بهن للانتقام من الرجل من خلال إفقاده أعز ما يملك «ذكورته».
وعبرت «منة. ب» البالغة من العمر 25 عاما عن رفضها لهذه التجربة فى حال خيانة خطيبها لها بعد الزواج قائلة: يمكن علشان لسه ممرتش بتجربة الزواج هيكون رأيى أخف مقارنة بالمتزوجات اللى تعرضن للخيانة، لكن أن شايفه لو حقنته وفقد ذكورته ورجعت سمحته بعد فترة، بالشكل ده هكون قضيت على مستقبلنا إحنا الاثنين، مش مستقبله لوحده».
أما «ندى. م» السيدة الخمسينية فكان رأيها صريحا وجريئا للغاية فبدأت حديثها بكلمة واحدة «لو جوزى خنى أنا ممكن أحقنه عادى» مشيرة إلى تجربة الخيانة المريرة التى تفقد المرأة صوابها وتجعلها تميل إلى الانتقام من ذكورة الرجل بأى شكل وأى طريقة حتى تستعيد ثقتها بأنوثتها.
فى حين رددت «صفاء. أ» السيدة الأربعينية جملة واحدة وهى زاهدة «اللى خدته القرعة تأخذه أم الشعور» قائلة: الخيانة بقت أمر طبيعى جداً بالنسبة للرجال، فإذا قررت النساء حقن أزواجهن بالهيرمون اللى هيفقدهم ذكورتهم كان زمان مفيش ولا راجل فى مصر.
أما «فاطمة. ح» فقررت أن تنصح السيدات الابتعاد عن هذه الأفكار والتجارب الشريرة على اعتبار أن الحقن وفقدان الذكورة سيأتى عاجلا أم أجلا مع تقدم الرجل فى العمر قائلة: لكل واحدة اتخانت متزعليش واصبرى شوية من غير حقن ولا حاجة الإخصاء هيجى ربانى بمجرد إنه يوصل لمرحلة الشيخوخة.
وعبرت «رضا. م» السيدة الثلاثينية عن غضبها بمجرد أن تخطر فكرة الخيانة على خيالها قائلة: «حقنة الهرمون مش كفاية، اعتقد حقنة الهوا لواحد مقدرش إخلاص زوجته».
فى عالم الأرقام.. الجنس الأسود كارثة مصرية بـ 1023 حالة عنف واغتصاب وتحرش فى الربع الأول فقط من 2015
كتب - حسن مجدى
التحرش بالأطفال فى مصر قصة مؤلمة مستمرة ومتكررة بشكل يومى، وفى الحوادث الشهيرة إعلاميا مثل حالة اغتصاب الطفلة زينة وقتلها فى بورسعيد، أو الحوادث التى ترصدها الجهات الحكومية وغير الحكومية، وتتقدم فى هيئة أرقام، تبقى حقيقة واحدة أننا أمام كارثة يجب أن يقف المجتمع بأكمله فى مواجتها.
الجانب المظلم فى تلك الجريمة أنها فى مصر تحديدا أصبحت فجة لدرجة وجود أطفال يتحرشون ويغتصبون أطفالا آخرين، وهى الجريمة التى مازال القانون يقف أمامها مكتوف الأيدى، فلا يتمكن من إعطاء المجرم الذى يعتبر طفلا حقه، ولا يتمكن من القصاص للضحية.
ووفقا لإحصاءات المجلس القومى للطفولة والأمومة، عن الربع الأول من 2015 كانت الأرقام 1023 حالة انتهاك وتحرش بالأطفال فى ذلك الوقت.
وفى تقرير أعده المجلس القومى للأمومة والطفولة، عن حالات العنف الجنسى ضد الأطفال، فى الفترة من 2011 حتى 2014، أوضح أن حالات العنف الجنسى تختلف فى الفئات العمرية، وتأتى النسبة الأكبر للأطفال فى الفئة العمرية من 4-6 سنوات، وفى المرتبة الثانية يأتى الأطفال فى الفئات العمرية من 10 إلى 12 عاما، ثم من 16 إلى 18 عاما.
وفى الإحصاءات غير الحكومية، أعلن الاتحاد العام لنساء مصر، أنه يوميا يتم التحرش جنسيا بـ 3 إلى 4 حالات من الأطفال داخل المدارس، وفى مايو هذا العام حذرت هدى بدران رئيسة الأتحاد العام لنساء مصر من تكرار تلك الحوادث.
وفى إحصاءات عام 2014 رصد المجلس القومى للأمومة والطفولة ألف حالة اغتصاب تعرض لها الأطفال فى الفترة من يناير وحتى أكتوبر 2014.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة