«اللجان الخاوية».. دروس للمستقبل القفز على ما جرى يومى الانتخابات يحمل خطورة على الوطن.. والبحث فى الأسباب مسؤولية الجميع

الجمعة، 23 أكتوبر 2015 12:49 م
«اللجان الخاوية».. دروس للمستقبل القفز على ما جرى يومى الانتخابات يحمل خطورة على الوطن.. والبحث فى الأسباب مسؤولية الجميع لجنه انتخابات - أرشيفية
تحليل يكتبه: محيى الدين سعيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلا عن العدد اليومى...




القفز على ما جرى فى يومى التصويت بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب يومى الأحد والاثنين الماضيين أو الاستهانة به والتهوين من شأن تداعياته، أو محاولة تحميل طرف دون الآخر المسؤولية عنه، هو أمر يمكن أن يدفع الوطن والمشهد السياسى فيه ثمنا فادحا.. فما جرى يستدعى المصارحة ووقفة مع النفس من جميع الأطراف، والنظر بمنتهى الموضوعية والمسؤولية الوطنية إلى الأمر من مختلف جوانبه ودراسة مظاهر القصور والبحث عن حلول جذرية لها، لا اللجوء إلى مسكنات موضعية، لا تلبث أن يذهب تأثيرها، لتعود العلة بأكبر مما بدأت.

أما ما جرى فهو أن جماهير الناخبين على اختلاف انتماءاتها وفئاتها العمرية، سوى كبار السن، عزفت عن المشاركة فى التصويت فى الانتخابات فى مختلف الدوائر وفى المحافظات الأربعة عشر التى جرت بها الانتخابات فى المرحلة الأولى، وأى حديث غير ذلك، يعنى دعوة من كانوا شهودا على «اللجان الخاوية» إلى تكذيب عيونهم سواء كانوا رأوا ذلك بشكل مباشر أمام اللجان أو عبر شاشات المحطات الفضائية، ويعنى وضع ستار على ثقب عميق فى جدار الحياة السياسية المصرية لمجرد التغطية عليه، من دون البحث فى أسباب حدوثه أو السعى وراء وضع علاج له.

السبب الأول فى حالة العزوف هو ترشح للبرلمان نواب الحزب الوطنى السابقين للبرلمان، ما وضع الناخب المصرى بين اختيارين أحدهما المساهمة فى استعادة نظام سابق، كان يعتقد أنه قضى هو عليه بنفسه حين خرج عليه فى ثورة يناير 2011، وإذ به يجد نفسه يكاد يتورط فى إعادة بناء ما تم هدمه من ذلك النظام، أو أن يختار من بين مرشحين لم يعرفهم ولم يقدموا أنفسهم أو برامجهم إليه بشكل يكفى لإقناعه بانتخابهم، فلجأ إلى الاختيار الثالث وهو مقاطعة التصويت من الأساس والاكتفاء بمتابعة أخباره على شاشات التليفزيون.

ثانى الأسباب يتمثل فى الحشد وضعف الأدوات المستخدمة فيه، بل وانعدام مصداقية غالبيتها، وفى المقدمة منها الوجوه الإعلامية التى تم الاعتماد عليها فى دعوة ملايين المواطنين المصريين إلى الاحتشاد فى لجان الانتخاب، فى حين أن هذه الوجوه تفتقد لأى مصداقية يمكن أن تكون سببا فى دفع مواطن واحد للمشاركة فى التصويت استجابة لأى منها، فباتت آلية الحشد الرئيسية والمتمثلة فى الإعلام معطلة تماما عن الوصول للناخبين والتأثير عليهم، وفى هذا السياق يمكن حصر العديد من الأسماء، وبعضهم ممن كانوا لاعبين أساسيين فى المشهد الإعلام فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وهو ما يوجب إعادة النظر فى طريقة الأداء الإعلامى للنظام السياسى المصرى.

اللافت فى قضية الحشد أن الآلية الثانية التى يتم استخدامها فى غالبية المجتمعات للدعوة إلى حشد المواطنين وهى الأحزاب السياسية كانت هى الأخرى عاجزة عن الوصول للجمهور المستهدف، وذلك لعجز فيها وضعف منها، فعدد الأحزاب على الساحة السياسية الآن، هو الأكبر فى التاريخ السياسى المصرى «104 أحزاب»، لكنه الأقل فى التأثير وتقديم الرؤى والبرامج الجاذبة للجمهور، فضلا عن أن هذه الأحزاب اعتمدت على أن تصدر الدعوة للحشد من الرئيس عبدالفتاح السيسى.

أما الآلية الثالثة، وهى رجال الدين، فحدث ولا حرج عما أحدثته تدخلاتهم فى المشهد من تداعيات سلبية، خاصة أن أحدهم ذهب للإفتاء بأن مقاطع التصويت فى الانتخابات كتارك الصلاة، فبدا الأمر للناس، وفضلا عن كونه تدخلا فجا من رجل دين فى شأن سياسى، بدا وكأنه تهوين من أمر فرض دينى هو عماد الدين، وتهويل هناك فى شأن ممارسة لحق سياسى، يستخدم البعض حقهم فى مقاطعته أحيانا، كنوع من التعبير عن احتجاج على ممارسة سياسية ما أو على الوضع السياسى بشكل عام.

ثالث الأسباب يرتبط بالنظام الانتخابى نفسه، والذى بدا غامضا للنسبة الأكبر من الناخبين فيما يتعلق باختيار القوائم والمقاعد الفردية، وأبقى على كل سلبيات ما قبل ثورة يناير وما بعدها، فى حصر فرص الفوز بالمقاعد البرلمانية فى دائرة ضيقة لا تخرج عن أصحاب المال وذوى النفوذ العائلى والقبلى، وهما ميزتان حصل عليهما الحزب الوطنى المنحل لرجاله بحكم العقود الثلاثة التى احتكر فيها الحياة السياسية لنفسه.

درس «اللجان الخاوية» قاسٍ ودال لمن يريد أن يعى ويتعلم.. فهل يجد من يدرس الأسباب بموضوعية ونزاهة.. أم تستعيد الدولة المصرية العتيقة أساليبها القديمة والمكشوفة، وتسعى عبر إعلامها إلى فرض نهاية مصطنعة لمشهد صار الجميع شهودا عليه ولم يعد هناك مجال للقفز عليه أو التحايل عليه، لتوهم نفسها قبل أن توهم الناس بأن «الإقبال تاريخى يافندم»؟!

اليوم السابع -10 -2015






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة