لا يريد كل هؤلاء أن يعترفوا بأن الفراغ السياسى الموجود طوال أربع سنوات ونصف السنة يحتاج من يملؤه، وأن الديمقراطيات تولد بالتجربة والخطأ، والمشاركة، وأن التيارات والأحزاب السياسية عجزت عن تقديم نفسها ولاتزال تعلق فشلها على شماعات مختلفة ولم تكتشف الطريق للناس، ولا نجحت فى تنفيذ ما تطرحه فى التوك شو ومواقع التواصل، وحتى فى هذا التواجد فهم غير قادرين على استغلالها لممارسة جدل حقيقى حول البدائل.
لم يستطع دعاة النزول والتصويت فى الانتخابات أن يقنعوا الآخرين تمامًا بالنزول والمشاركة، ولم يستطع دعاة المقاطعة والابتعاد تقديم مبررات منطقية للمقاطعة، والنتيجة انتخابات تقليدية تتكرر فيها المواقف من دون زيادة ولا نقصان، وسوف يتم انتخاب مجلس نواب يتكون من خلطة متنوعة من دون أيديولوجيات أو رؤى سياسية.
اللافت أن الذين يعترضون على مرشحين من وجوه مكررة أو حزب وطنى سابق أو تيارات دينية معلنة أو متخفية، لا يطرحون بدائل، ولا حتى يقدموا أنفسهم للترشح، غالبًا يعيشون نوعا من العزلة السياسية يستمتعون بها، فلا هم يشاركون ولا يقدمون بدائل ولا يتركون من يطرح نفسه، ولا يمكنهم حتى أن يلتقطوا ويشجعوا أصحاب المبادرات الاجتماعية والسياسية.
نتذكر أعضاء الائتلافات والنشطاء الجدد عندما كانوا لايزالون يمثلون طرحا سياسيا، عندما بدأت الانتخابات البرلمانية بعد 25 يناير، انشغلوا بالدفع نحو المقاطعة، كانوا يجلسون فى كنباتهم بالميادين والمقاهى ليقدموا نظريات تبرر المقاطعة، بينما انشغل الإخوان بالحشد ومعهم حزب النور وفازوا فى انتخابات سهلة، بعدها خرج من دعوا للمقاطعة ليلوموا الذين ترشحوا وفازوا.
يومها أبدى دعاة المقاطعة خوفهم من فلول الحزب الوطنى، لكن هؤلاء خسروا وخرجوا من السباق وتشكل برلمان بدا من أعجب البرلمانات. وهو الذى تم إبطاله بحكم قضائى وبسبب انتهازية لدى الأحزاب دفعتها للضغط من أجل المادة الخامسة التى تتيح للعضو بعد فوزه الانتقال إلى تكتل سياسى وبرلمانى.
عدنا لنجد أنفسنا أمام وجوه وتكتلات اعتادت التحلق حول أى سلطة، والتطبيل بلا عقل، مقابل وجوه اعتادت «الانقماص» والمقاطعة، ولم تجرب قدراتها وتحركاتها، وتشكو من الإبعاد، بينما تعزل نفسها عن المجتمع، وليس فقط عن السلطة، ولم يقدموا طريقة أخرى غير الانتخابات للتعبير عن الإرادة، يلومون مطبلين ومنافقين، وهم يطبلون وينافقون أفرادا غير مجربين.
وربما كان السبب فراغا سياسيا، هو نفسه النتيجة، ويبقون عند وضعية «الملامة» التى ترضيهم وتبرر كسلهم وبقاءهم حول المشهد، لا هم داخله، ولا هم خارجه، يدورون حول أنفسهم بلا نتيجة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سهام رؤوف
أحسنت - محترفى السياسه موش عايزيين أنتخابات برلمانيه لأنهم محتاجين دكاتره أمراض نفسيه