رحمة وجدى تكتب: العقد الاجتماعى ديمقراطية أم ديكتاتورية؟

السبت، 17 أكتوبر 2015 10:00 ص
رحمة وجدى تكتب: العقد الاجتماعى ديمقراطية أم ديكتاتورية؟ صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
العقد الاجتماعى هو تلك الفسلفة التى تحاول تفسير نشوء المجتمعات وتطور الإنسانية، كما أنّها تبحث وبشكل أساسى فى علاقة الدولة والسلطة بالشعب والجماعة، بمعنى أنّ الدولة والسلطة هى نتاج اتفاق عقدته الجماعة على تشكيل هذه الدولة التى ستدير حياتهم وتقدم لهم الخدمات، وتفض النزاعات بينهم وتحميهم من الأخطار الخارجية والداخلية. كما أنّ العقد الاجتماعى ظهرت قديما عبر أفلاطون وأرسطو، ولكنها اتخذت الآن مساراً مختلفا عما كانت عليه قديماً، إذ جرى إعادة دراستها وبلورتها وصياغتها على شكل نظرية علمية متكاملة .

لقد دأبنا على استخدام مصطلحات عديدة ورثناها عن المفكرين العظماء ولكننا فى حقيقة الأمر بدأنا نستخدمها استخداما لا يتمشى والمقصود بها أو فى غير محلها، تماما مثل لفظ «الدولة المدنية» والذى لا أساس له فى العلوم السياسية، ولكنه أصبح لفظا دارجا له معناه ومغزاه لدى الشعوب العربية فى السنوات القليلة الماضية، وهو نفس ما حدث تقريبا لمفهوم العقد الاجتماعى ولكن بشكل مختلف، فاستخدامات هذا المفهوم اليوم تخرجه عن مساره الطبيعى، وهو ما قد يدعو لاستبدال لفظ جديد به مثل «العقد السياسى»، والذى يمثل فى التقدير امتدادا طبيعيا له.

لقد استُخدم مفهوم العقد الاجتماعى خلال القرنين السابع والثامن عشر بأساليب مختلفة، وقد كانت هذه الفترة أخصب مراحل تطور الفلسفة السياسية على مر العصور، وكان ذلك أمرا طبيعيا ومتوقعا على ضوء حركات التحرر السياسى فى القارة الأوروبية بضغوط من الشعوب لنيل الحريات، فكان هذا سبب فى بزوغ عهد التنوير، والذى مهد الشعوب والحكام على حد سواء لما هو قادم من حريات، وسواء كانت هذه الحركات سببا أو نتيجة لحركة التاريخ أو الفكر السياسى لهذا الزمن، إلا أنها تركت للبشرية رصيدا عظيما من الفكر والزخم الفلسفى لإقامة المجتمعات الصحية، ومن هذه التركة كان مفهوم العقد الاجتماعى .
يهدف هذا المفهوم النظرى أساسا لتنظيم العلاقة السياسية بين الحاكم والمحكوم، وبصفة عامة يرى هذا المفهوم وجود علاقة تعاقدية نظرية بين الطرفين، والتى بمقتضاها يقوم المواطن بإخضاع سلطاته لقوة مركزية فى الدولة كى تحافظ له على أمنه وتسير له شؤونه من خلال الدولة، وهو بكل تأكيد عقد نظرى.

عزيزى القارئ: العقد السياسى يتضمن الأطر الثابتة التى ستحكم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وهى المبنية على الأسس الديمقراطية والحقوق الفردية والثقافة الليبرالية، ففكرة استخدام هذا العقد لتبرير أعمال تتنافى والمبادئ الليبرالية أصبح لا مجال لها اليوم فى عالم السياسة، وبالتالى فالتنازل هنا مبنى على فلسفة حكم الأغلبية المرتبطة بالحقوق الفردية كأساس للحقوق الجماعية، مع ضرورة مراعاة ألا يتم التفاوض مع المواطن أو المجتمع ومقايضتهما للتنازل عن الحقوق مقابل فكرة الأمن الفردى أو صيانة أمن المجتمع من خلال خفض أسقف هذه الحقوق أو إبطالها قد يرى البعض أن المجتمعات ليست بحاجة لعقد سياسى لأن العقد الاجتماعى موجود، ولكن نظرا لأهمية الفكر السياسى فى صناعة الشرعية لأى نظام، فإن فكرة العقد السياسى أصبحت ضرورة ملحة للدول المتحولة نحو الديمقراطية حتى يكون العقد النظرى بين المواطن والدولة له شكله وقواعده وبنوده القانونية التى يجب أن لا تتغير تحت وطأة الظروف الاستثنائية، إذ إن الاستثناء فى الديمقراطية هو القاعدة المؤدية للديكتاتورية .





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة