أحمد عبدالمحسن مرعى يكتب: عندما يكون اللفظ سببا فى خلق أزمة مجتمعية

السبت، 17 أكتوبر 2015 02:05 م
أحمد عبدالمحسن مرعى يكتب: عندما يكون اللفظ سببا فى خلق أزمة مجتمعية صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا ريب أن المصطلحات والألفاظ التى تطلق على الأشياء هى فى الغالب ناتجة من أهدافها التى وجدت من أجلها، وحينما نسمع لفظ معين سرعان ما يتبادر إلى الأذهان غايته الأولى، فحينما نسمع لفظ مستشفى يتبادر إلى أذهاننا أنها مكان العلاج وحينما نسمع لفظ مدرسة نعلم أنه المكان المخصص للتربية والتعليم، وحينما نسمع لفظ ملجأ ندرك أنه هو المأوى المخصص للأيتام، وهكذا.

وهناك مسميات وألفاظ تطلق على أشياء معينة متفق عليها فى كل دول العالم مع الأخذ فى الاعتبار اللغة السائدة للدولة، ومع ذلك ألا أنها قد تختلف فى المعنى من دولة لأخرى على الرغم من توحد الهدف وهذا المعنى بالرغم من اختلافه، إلا أنه لا يبدو كذلك، فالمنطق يقول إنه طالما هناك تماثل فى اللفظ والهدف فبالضرورة يكون هناك اتفاق فى المعنى.

ومن هنا تبدو المسألة أكثر تعقيدا لأن مخالفة المنطق غالبا ما يولد عنه مشكلة باطنية غير ظاهرة، تلك المشكلة هى من النوع الذى اطلق عليه المشكلة ذات الطابع الخفى يمثل جزءا كبيرا من الخطورة بل قد يكون كل الخطورة، حيث يتميز هذا النوع بعدم الظاهرية لأن هذا النوع من المشكلات قد تكون حيثياته أو مسبباته الأساسية غير معلومة أو ظاهرة على الرغم من وجود نتائجه بالفعل بوضوح على أرض الواقع
ولعلى أسوق مثالا توضيحيا يبين أنه أحيانا ما يكون اللفظ سببا فى خلق أزمة مجتمع !!

فإذا تطرقنا إلى ظاهرة مجتمعية تعانى منها شعوبا كثيرة ولتكن "البطالة" مثلا ويشار إلى البطالة بأنها "ظاهرة اجتماعية تعبر عن العمالة الناقصة، وتتجسد فى التفاوت بين العمل وسوق الإنتاج، وتقوم هذه الظاهرة على كون شريحة من السكان القادرين على العمل ولا تجد عملا لها".

وإذا بحثنا عن الأسباب التى أدت لظهور هذه الظاهرة سوف تجد الكثير والكثير من المسببات.

ولكن إذا تمعنا نجد أنها أسباب فرعية لسبب رئيسى قد يكون غير معلوم وعدم ظاهريته قد تجعل الفرد يحصى أعدادا كثيرة من الأسباب وفى النهاية لن يتم معالجة الظاهرة إلا بالتعرف على أساسها، فطالما أساس المشكلة مجهول فالحل يصبح غير ممكن.

ويأتى السبب الرئيسى من وجهة نظر الكاتب عندما نطلق اللفظ على الشىء وفى النهاية نجد أن غايته تبدلت بأخرى، فالبطالة فى النهاية تدور حول قصور سياسة العملية التعليمية المسئول عنها المؤسسات التعليمية "كالجامعة" فلفظ "جامعة" هذا يشير إلى المؤسسة الذى يتلقى فيها المتعلم العلم وتطلق على المؤسسات التعليمية التالية لمرحلة التعليم المدرسى، وفى جميع أنحاء العالم يقصدها الطلاب من أجل العلم، ولكن هناك بعض التساؤلات.

هل الطلاب فى جميع أنحاء العالم يقصدون الجامعة بالفعل من أجل تلقى العلم ؟!
هل تقوم الجامعة بالوظيفة التى أنشأت من أجلها ؟!
ماذا وإن كانت الإجابة بالنفى ؟!!
إذا كانت الإجابة بالنفى فى دولة ما فإن مصطلح الجامعة هذا فى تلك الدولة يكون بعد كل البعد عن الدور الذى يؤديه، وبالتالى تحول الهدف هذا يؤدى بالضرورة إلى تحول اللفظ فى حين أن ظاهريتها جامعة ولكن واقعها أصبح يمثل شكلا آخر..!

ويمكن أخذ عينة مجتمعية لتكن محلا للنقاش فإذا ما تحدثنا عن الجامعات المصرية مثلا فإن أكثر الطلاب يقصدون الجامعة من أجل الترفيه ومقابلة بعضهم البعض وغيرها من الأنشطة التى تبعد كل البعد عن نطاق العلم والتعلم، وبالتالى تحول هدف الطلاب من الجامعة من العلم إلى الترفيه وهذا التحول فى الهدف جعلها تتحول إلى مؤسسة أخرى هدفها الترفيه والتنزه كالحدائق والمنتزهات والمقاهى وغيرها، فهى فى الظاهر جامعة ولكن فى الحقيقة هى لم تعد جامعة بمفهومها المعروف، هذا من ناحية.

ومن ناحية آخر هناك فئة من الطلاب تقصد الجامعة من أجل العلم والتعلم بالفعل ولكن تجد العكس تجد أن الجامعة لا تقدم العلم الكافى للطلاب أو لا تقدم لهم الجانب التطبيقى أو تقدم لهم علما نظريا يبعد كل البعد عن الواقع العملى وهنا فإن التقصير ناتج من الجامعة نفسها حتى وإن كانت تقوم بدور العلم ولكن ليس بالشكل المطلوب أو المرغوب، وبالتالى لا يمكن أن نطلق عليها جامعة فى هذه الحالة بل هى بذلك تأخذ شكلا آخر ربما قاعة تثقيفية يقام فيها الندوات الثقافية فقط، فإذا ما أردت أن أطلق اللفظ على الشىء فينبغى أن يقوم بكل وظائفه الذى وجد من أجلها على أكمل وجه ممكن. وعلى هذا الأساس يتم القياس.

وفى النهاية أقول إن تعارض اللفظ مع الهدف يؤدى بدوره إلى خلق أزمات وظواهر اجتماعية فينبغى على الدولة أن تنتبه لمثل هذه المشكلات لأن أخطارها جسيمة، حيث ينبغى على الدولة تفعيل الدور الرقابى على المؤسسات لضمان سيرها فى المجال الذى خصصت من أجله حتى لا يختل الوضع ونجد المسارات تغيرت والمهامات قد تبدلت مما يسفر عن نتائج فى غير صالح الدولة ومواطنيها.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة