إلحاح مستمر من ابنى لدخول السينما وأنا من أيام أفلام محمود ياسين وفاتن حمامة لم أدخل السينما جزء منها لسوء الأفلام وجزء كبير منها لارتفاع أسعار التذاكر وسألته عن سعر التذاكر فقال عادية جدًا ووافقت على مضض وأمام شباك التذاكر كانت المفاجأة أن سعر التذكره 40 جنيهًا وسعر نظارة المشاهدة 15 جنيهًا وشوية فيشار بـ20 جنيهًا فى 4 أفراد يعنى طارت 300 جنيه وكمان فيلم أجنبى عن الفضاء لكن خلاص بقى لا مفر من الموافقة والمشاهدة وساعتين ويعدوا.
دخلنا السينما وانطفأت الأنوار وبدأ الفيلم وأنا أنظر فى السقف وأتململ ولكن بمنتهى الأمانة ثوانى قليلة ووجدتنى أنسى من حولى وأنسى الفيشار وأنسى حتى المبلغ المالى الذى دفعته وأنسى حتى إننى لففت حول المول ساعة لأركن السيارة وكان الفيلم هو الهدف رغم أن السيدة الوحيدة فى الفيلم ترتدى بدلة الفضاء وليس (البيكينى) وباختصار توقفت الأنفاس فى متابعة لحظية وانتظار لكل لحظة قادمة واستعجال لمعرفة ماذا سيحدث فى اللقطة القادمة وكلما توقعنا كانت توقعاتنا خاطئة لأنهم يقدمون حلولاً غير تقليدية وكمان علمية وبالتأكيد عملية وفى عجالة كانت قصة الفيلم فى بعثه استكشافية على المريخ وفى لحظات كانت العاصفة التى أبعدت أحدهم وتوقعوا وفاته وأثناء انتظارهم له مالت المركبة الفضائية وكان لابد من الإقلاع وأخذوا التصويت فى ثوان وكانت النتيجة أنه لا بديل عن الإقلاع وأقلعت المركبة الفضائية ولكن ظهر رجل الفضاء المفقود ليعيش وحيدًا فى كوكب ليس عليه حياة وقدم لنا مخرج الفيلم منظومة كاملة من الأفكار والتحديات وأظهر قوة وصلابة المواطن الغربى ولم يتطرق للخيال ولا لاستعراض الوهم ولم يضع لنا حلمًا للبطل وهو بالجلابية والجوزة والكاس وهى بترقص شبه عريانة ثم يستيقظ فجأة وهو عرقان ووجهه أحمر ولكنه كان يستخدم العلم ووسائله واكتشافاته للخروج من الأزمة التى جعلت رجلاً وجد نفسه وحيداً على كوكب وشاهدنا وتعلمنا كيف تصنع مياه بالتبخير للزراعة ليأكل ولا تؤثر على مياه الشرب وكيف تأكل وكيف تزرع وكيف تصنع وسيلة اتصال مع كوكب الأرض ولم تصل لاتصال إشارى فقط بل وصلت لعمل آلة كاتبة مُصغرة عاش الرجل وبدأت رحلة عودته وكانت المشكلة فى عتاب البعض كيف يتركوا زميلهم وفى إطار من العطف والتعاطف واستعراض الوطنية وتعليم الأخلاق فى الظروف الصعبة وهكذا خرجت من السينما وأنا أحلل اللقطات لقطة لقطة ونتعجب من كل حدث وكيف عاش وكيف قاوم اليأس وكيف صمم زملاؤه على التواجد فى رحلة عودته رغم أن الرحلة ستستغرق 500 يوم.
وأثناء حديثى على الفيلم واستمع لكل الآراء من حولى من رواد الفيلم كان أمامى أفيش فيلم مصرى ووقفت أمامه وأنا شارد بخيالى فى البطل ومن حوله كل سلبيات مصر من متعة تجارة وتناول المخدرات وعظمة ورجولة البلطجى نفسه وعشق النساء له ووالدته المتعاطفة بعض الوقت والسعيدة بقوة ابنها البعض الآخر أما متعة مشاهدة ألفاظ أولاد البلد فهى كثيرة حتى إن الطبقة العليا أصبحت تُسعدها هذه الألفاظ مثل (وحياة أمك وإيه يامره) ده غير الألفاظ التى تحتمل كل التأويلات أما الرقص فأصبح ليس له سقف حتى إن الأفراح الكبيرة اندمجت فيها هذه الرقصات بنفس سرعة وجودها فى المناطق الشعبية وانتقلت اللغة الشعبية من طبقتها وانتشرت بسرعة ولم تنتقل اللغة الراقية ولا بسرعة ولا ببطء للطبقة الشعبية وهكذا انتصرت البلطجة على الرقى انتصر الغناء الشعبى على غناء الأوبرا انتصر الرقص الخليع وليس الشرقى على رقص الباليه انتصر راكب التوك توك على قائد المرسيدس وفى وسط كل هذا رن موبايلى ليخبرنى نجلى أنه وصل خارج السينما وخرجت وأنا أتعجب على الطبقة الراقية التى لم تنزل قليلاً وترتفع الطبقة البسيطة قليلاً ليلتقوا معاً ولكنها هوت للقاع فى تصوير ابن الطبقة الفقيرة على أنه المنقذ للطبقة الراقية وهو الواد التى تعشقه فتيات الطبقة الراقية بينما فتيات الطبقة البسيطة تستغل هبل وهطل ابن الطبقة الراقية الدلوعة التافهة وأترحم كيف أخذتنا طبقة فى اتجاهها لتبعدنا عن طبقة تمنى الجميع أن يصل إليها فخسرنا الطبقتين.
ورقة وقلم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة