يعد قرار خفض قيمة العملة المحلية من القرارات ذات الأهمية الاستراتيجية التى تؤثر فى كافة قطاعات الاقتصاد المصرى، ومن القرارات الأصيلة للبنك المركزى، ويحدد توقيته وفقًا لمتغيرات حركة التجارة الخارجية مع شركاء مصر الدوليين، خاصة الدول التى تربط مصر بها حركة تجارة كبيرة مثل الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية.
وأقدم البنك المركزى المصرى أمس الخميس، فى خطوة مفاجئة، بخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، فى عطاء البنوك، ليصل سعر البيع للجمهور إلى 793 قرشًا، فى خطوة مفاجئة تستهدف حركة تصحيحية جديدة للجنيه أمام الدولار، تضع فى الاعتبار حركة العملة الخضراء أمام العملات الرئيسية الأخرى مثل اليورو والإسترلينى واليوان الصينى وغيرها.
وترشيد استخدامات النقد الأجنبى وموارد الاحتياطى الأجنبى هدف رئيسى لعمل البنك المركزى فى ظل التركيبة الرئيسية الحالية للاحتياطى من ودائع دول خليجية، ويبحث البنك المركزى والحكومة حاليا عن تنمية الموراد الدولارية من خلال الاقتراض من البنك الدولى بنحو 3 مليارات دولار، والتفاوض على حزمة تمويلية أخرى من صندوق النقد الدولى والبنك الأفريقى للتنمية، والذى من شأنه أن يعزز ثقة الاستثمار الأجنبى فى مصر فى ظل الشهادة الدولية التى تمحنها تلك المؤسسات لسلامة الإجراءات التى تتخذها الحكومة المصرية فى ترشيد الدعم والمرونة المطلوبة بشأن العملة المحلية.
وأعلن البنك المركزى المصرى، بداية الشهر الجارى، أن حجم الاحتياطى من النقد الأجنبى لمصر، انخفض إلى 16.33 مليار دولار، بنهاية شهر سبتمبر 2015، مقارنة بـ18.09 مليار دولار بنهاية شهر أغسطس 2015، بانخفاض قدره 1.76 مليار دولار.
وخفض البنك المركزى قيمة الجنيه أمام الدولار بنحو 20 قرشًا، يومى 2 و5 يوليو بخفض 10 قروش فى عطاء البنك المركزى للبنوك وقتها، وكانت تلك الخطوة مفاجئة وقتها، توحى بأن هناك نية لخفض جديد بنحو 20 قرشًا أخرى فى عطاء أمس الخميس بـ10 قروش وعطاء الأحد المقبل بـ10 قروش أخرى، ليتجاوز الدولار مستوى الـ8 جنيهات إلى 803 قروش كسعر بيع للجمهور.
والخفض الثالث لقيمة الجنيه بعد 30 يونيو، يستهدف بالأساس حركة تصحيحية جديدة فى سوق العملات لجذب الاستثمار الأجنبى ودعم الصادرات، والحركة التصحيحية أمام سلة العملات الرئيسية الأخرى كانت ضرورية لضبط سوق الصرف فى ظل انخفاض أسعار البترول عالميًا والذى أتاح للبنك المركزى المصرى هامشًا كبيرًا للتحرك فى سوق الصرف، فى ظل قياس أداء الجنيه أمام 5 عملات رئيسية، قبل نحو عام ارتفاعًا بنسب تتراوح بين 4.5% إلى 11%.
وارتفع الجنيه المصرى أمام الريال البرازيلى بنسبة 11% وأمام اليورو بنسبة 9.7% وأمام الين اليابانى بنسبة 6.8% وأمام الليرة التركية بنسبة 5.5% وأمام الجنيه الاسترلينى بنسبة 4.5% فى حين تراجع أمام الدولار الأمريكى بنسبة 6.7%، خلال الفترة من منتصف عام 2014 حتى نهاية العام نفسه.
وتعد الحركة التصحيحية الحالية هى الثالثة خلال أقل من عام بعد أن أجرى خلال ديسمبر ويوليو الماضيين، تصحيحًا فى سوق الصرف أدى إلى توازن سعر العملة المحلية أمام سلة عملات أجنبية رئيسية.
والدور الهام للأجهزة الحكومية حاليًا هو تفعيل الرقابة على الأسواق لتفادى أية مخاطر تضخمية – ارتفاع أسعار السلع والخدمات – من قبل بعض دوائر التجارة، وأيضًا دور هام للبنك المركزى فى تفعيل الرقابة على شركات الصرافة التى تعد جزءًا من الأزمة الحالية، والعمل على وقف نشاط السوق الموازية للعملة من خلال حزمة إجراءات جديدة تواكب التطورات الأخيرة.
وتعمل البنوك على تنمية مواردها الدولارية الذاتية من عمليات تنازلات العملاء عن العملة والإيداعات فى الأوعية الإدخارية بالعملات الأجنبية الرئيسية، بالإضافة إلى أرصدة البنوك الدولارية الناتجة عن العمليات المصرفية المختلفة، ثم تلجأ لعطاء البنك المركزى المصرى الذى يجرى 3 مرات أسبوعيًا لتدبير حصة محددة هامة لتقليل الفجوة بين الطلب على العملات وحجم المعروض الذى تعمل على تدبيره.
والبنك المركزى المصرى يلتزم بتوفير الدولار لتلبية السلع الأساسية والاستراتيجية كالمواد الغذائية والأدوية والمواد الخام التى تدخل فى الصناعية وغيرها، واحتياجات هيئة السلع التموينية والبترول، وهو ما دفعه لتدشين آلية العطاءات الدولارية والتى تعمل على توفير الدولار للبنوك، وهى سياسة تستهدف ترشيد استخدمات العملة الصعبة مع تراجع مواردها الأساسية وهى قطاعات السياحة والاستثمارات والصادرات، وتتمثل فى طرح 3 عطاءات دولارية أسبوعيًا بنحو 120 مليون دولار وإجمالى نحو 480 مليون دولار شهريًا للبنوك العاملة فى السوق المحلية.
وتشمل قائمة السلع الأساسية والتموينية والاستراتيجية التى لها الأولوية فى تدبير العملة الصعبة لاستيرادها، الشاى واللحوم والدواجن والأسماك والقمح والزيت واللبن – بودرة - ولبن أطفال والفول والعدس والزبدة، والذرة والآلات ومعدات الإنتاج وقطع الغيار، والسلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج والخامات، والأدوية والأمصال والكيماويات.
والحل يكمن فى تدخل البنك المركزى بإجراءات خاصة بطرح عطاء استثنائى جديد يروى به عطش السوق، ويعمل على تلبية الطلبات المعلقة على العملة.
وتتمثل مصادر العملة الصعبة ذات الأهمية للبلاد، فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإيرادات قطاع السياحة ورسوم عبور قناة السويس، وتحويلات العاملين المصريين بالخارج، وإيرادات الصادرات، وبعض تلك القطاعات تأثرت بالفعل على مدار السنوات الـ5 الماضية نتيجة الاضطرابات، خاصة قطاعى الاستثمارات والسياحة.
ووظيفة الاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى، وأرصدته من العملات الرئيسية الدولية المختلفة هى توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، فى الظروف الاستثنائية، وسجل المستوى الأعلى قبل ثورة 2011، بمستوى وصل إلى نحو 36 مليار دولار، وشهد تذبذبات على مدار 5 سنوات نتيجة الأحداث التى مرت بها البلاد.
وشهد الشهر الماضى سداد مصر لـ1.25 مليار دولار قيمة سندات كانت أصدرتها الحكومة المصرية خلال عام 2005 وكانت لأجل 10 سنوات، استحقت خلال الشهر الماضى، وقام البنك المركزى المصرى بسدادها نيابة عن الحكومة، بالإضافة إلى 27.8 مليون دولار قيمة كوبون أخير لتلك السندت - بالإضافة إلى الاستخدمات الشهرية من توفير النقد الأجنبى لاستيراد السلع والمواد البترولية -، بما يؤكد دومًا قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها الخارجية فى موعدها رغم الظروف الاقتصادية التى تمر بها، وذلك بعد أن سددت مصر خلال يوليو 2015 نحو 700 مليون دولار لتجمع دول "نادى باريس"، وقسطًا مماثلًا فى يناير 2015.
ومع تأثر الموارد من القطاعات المدرة للعملة الصعبة، مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات، بسبب الاضطرابات إلا أن مصادر أخرى للعملة الصعبة، مثل تحويلات المصريين فى الخارج التى وصلت إلى مستوى قياسى، وتسجل نحو 20 مليار دولار سنويًا، وعائدات قناة السويس التى تصل إلى نحو 5.3 مليار دولار، تساهم فى دعم الاحتياطى فى بعض الشهور.
الاستثمار وحركة تصحيح العملات أمام الجنيه الأهداف الرئيسية لخفض البنك المركزى للعملة المحلية.. والرقابة على تعاملات شركات الصرافة أساس منع نشاط السوق السوداء.. وسيولة دولارية مطلوبة للاستيراد
الجمعة، 16 أكتوبر 2015 07:53 م
هشام رامز محافظ البنك المركزى المصرى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
1مصرى مصرى
لمصلحة من الترويج لهبوط الجنية ونقص الدولار وارتفاع الاسعار بشكل هستيرى بالاعلام المصرى
عدد الردود 0
بواسطة:
فهمى الغزالي
المرحله القادمة
عدد الردود 0
بواسطة:
إقتصادي
أوقفوا استيراد السلع الاستفزازية
عدد الردود 0
بواسطة:
ماجدة
وفر العملة الاجنبية عن طريق رفع تصدير منتجاتنا و خفض الاستيراد
عدد الردود 0
بواسطة:
نصري عبدالعظيم
لو الكل يخاف الله في الوطن نبقة اغنى دول العالم