نقلا عن العدد اليومى...
يولد أطفالنا وتولد معهم مشاعر كثيرة بداخلنا، فرحة، وإحساس أقوى بالانتماء لشريك حياتك، وأمل فى تنشئة إنسان أفضل حالا منك، ومع كل ذلك يولد إحساس آخر تدرك جيدا أنه سيلازمك باقى عمرك، إنه «الخوف»، خوفك على طفلك الذى قد يدفعك فى بعض الأحيان إلى الاستماع لنصائح خاطئة، أو المبالغة فى طرق علاجه وحمايته. ثلاثة عشر خطأ ترتكبها بدافع من خوفك وقلقك على أطفالك تجعل منك الدب الذى قتل صاحبه بحجر لكى يبعد عنه الذبابة.
فى الملف التالى نعرض أبرز وأشهر الأخطاء والوصفات العلاجية التى يمارسها الكثيرون مع أبنائهم، والتى قد تضر بصحتهم وقد يصل هذا الضرر إلى حد التسبب فى وفاة الطفل. يحدد تلك الأخطاء أستاذ طب وسلوك الأطفال الدكتور طلعت حسن سالم
المنظفات القوية تضر جهاز طفلك التنفسى
- تهتم معظم الأمهات بنظافة أطفالهن حديثى الولادة، وفى سبيل ذلك يبذلن جهدا كبيرا فى تنظيف البيئة المحيطة بالطفل وملابسه مستعينة بالمنظفات القوية والمطهرات، وقد لا يدرك البعض الآثار السلبية التى يتعرض لها الطفل نتيجة استنشاقه تلك المواد.
ويؤكد د. طلعت أن الجهاز التنفسى للأطفال حديثى الولادة يعد من أكثر الأعضاء حساسية فى أجسادهم، نظرا لكون الرئة آخر الأعضاء التى يكتمل نموها فى الجنين، وبالتالى يتأثر الجنين بصورة كبيرة بالمواد ذات الرائحة النفاذة، وكلما كانت تلك الروائح نابعة من منتجات كيميائية وغير طبيعية يزداد أثرها السلبى على الجهاز التنفسى للطفل، لذا يجب عزله فى غرفة بعيدة عن الغرفة التى نقوم بتنظيفها، مع الحرص على الانتظار لحين أن تتم تهوية الغرفة التى نظفت بشكل جيد قبل أن يدخلها الطفل.
الكحول لا يخفض الحرارة ويعرض طفلك للتسمم الكحولى
ارتفاع الحرارة من أكثر الأعراض المرضية التى يقرر الأهل التدخل لحلها دون انتظار نصائح الطبيب، وربما يرجع ذلك إلى كثرة المعتقدات الشائعة عن علاج ارتفاع الحرارة، ومنها الكحول، ويؤكد أستاذ الأطفال أنه من أخطر الطرق التى يتبعها البعض فى علاج ارتفاع حرارة الأطفال، حيث يقومون بدهن جسم الطفل بالكحول، وهو ما قد يؤذى الطفل، نظرا لإمكانية امتصاصه من الجلد إلى الجسم وإصابة الطفل بالتسمم الكحولى.
«السفن أب» يزيد من أعراض الإسهال ولا يعالجه
تقديم مشروبات كالسفن أب والشاى للطفل عند إصابته بحالات الإسهال، أمر يؤدى إلى مشاكل صحية أكثر خطورة، كما أنه لا يعالج بالطبع الإسهال، بل على العكس فإن احتواء السفن أب على نسبة عالية من الجلوكوز يؤدى إلى زيادة حد الإسهال والنزلات المعوية للطفل. كما أن الشاى لا يساعد على توقفه بل يؤدى إلى منع امتصاص الحديد بجسم الطفل، وبدلا من تلك المشروبات التى تمثل خطرا على الصحة يفضل تقديم العصائر كالجوافة والخضراوات مثل البطاطس المهروسة.
العملات المعدنية لا تعالج بروز «سرّة» الطفل ولكن تصيبها بالالتهابات
ومن الأخطاء الأخرى وضع قطع معدنية على سرة الطفل الرضيع مع الضغط عليها بحزام من القماش، للتخلص من بروز السرة، وهو ما يؤدى إلى إصابة الطفل بالالتهابات والتلوث فى منطقة السرّة، كما يؤكد أن بروزها أمر طبيعى يستمر لفترة ثم ستنقضى من تلقاء نفسه.
أجهزة التنفس أمر ضرورى فى حالة نصح بها الطبيب
ويوضح د. طلعت أن من أكثر المفاهيم الشائعة خطأ هو أن علاج مشاكل الطفل التنفسية بأجهزة الاستنشاق تجعله يعتاد عليها طوال العمر، وهو أمر خاطئ تماما، ففى أغلب الحالات التى ينصح فيها الطبيب بالخضوع لتلك الجلسات تعد الحل الضرورى للطفل، وربما لا يوجد بدائل أخرى له، كما أن الاعتقاد بأنها ستؤدى إلى اعتماد الطفل عليها فيما بعد هو اعتقاد خاطئ تماما، فجلسات الاستنشاق مثل جميع الوسائل العلاجية الأخرى تستخدم عند الحاجة إليها فقط.
هز الرضيع يعرضه لارتجاج المخ
اعتاد البعض على هز الطفل الرضيع فى محاولة لتهدئة بكائه، وتحول هذا الأمر إلى عادة لدى الكثيرين، ولكن الأبحاث الحديثة أثبتت خطورة تلك العادة، ويوضح طلعت الأضرار الصحية لها، ومن أهمها زيادة عصبية الطفل وتوتره، كما تؤدى إلى مشاكل كثيرة بالمخ ينتج عنها زيادة عصبية الطفل، وإصابته بأعراض فرط الحركة، وقلة التركيز فى سنوات عمره اللاحقة. وقد أظهرت بعض الأبحاث أن تكرار تلك العادة قد يؤدى إلى كارثة صحية، وهى إصابة الطفل بما يشبه ارتجاج المخ، وخاصة مع الهز العنيف أو الذى يستمر لفترات طويلة.
التليفزيون آلة دمار شامل لطفلك
السمنة، تأخر النطق، ضعف المهارات الاجتماعية، أهم النتائج التى تقع على طفلك من مشاهدته لتلك الشاشة، ويضيف عليها طلعت أن مشاهدة طفلك للتليفزيون وخاصة فى عامه الأول قد يمتد تأثيره السلبى على مهاراته وسلوكياته الاجتماعية والعقلية واللغوية، حيث توصلت الدراسات الحديثة التى أجريت فى هذا الشأن إلى أن الأطفال الذين اعتادوا قضاء أوقاتهم أمام شاشات التليفزيون وخاصة فى شهور عامهم الأول أصيبوا بتأخر ملحوظ فى عمليات التواصل الاجتماعى واللغوى، وأيضا فى تحصيلهم الدراسى ومستوى ذكائهم بشكل عام. وينصح بعدم تجاوز مدة مشاهدة الطفل للتليفزيون ساعة إلى ساعتين فقط يوميا.
اللبن الصناعى والرضاعة من أم أخرى يعرض طفلك للإصابة بمشاكل معوية
إذا كنت تعتقدين أن المرضعة مهنة قديمة نشأت عليها أجيال، فأنت تجهلين الآثار السلبية التى قد يتعرض لها الطفل نتيجة لتناوله لبنا طبيعيا من سيدة أخرى غير والدته، فلبن الأم يتغير مع الوقت نظرا لتغيير طبيعة جسم الطفل واحتياجاته، وتناول الطفل فى شهوره الأولى لبنًا من سيدة ترضع طفلا آخر عمره ستة أشهر يؤدى إلى إصابته بالنزلات والأمراض المعوية، نظرا لعدم ملاءمة هذا اللبن لنموه وعمره وقدرة معدته على الهضم. كما أن تقديم اللبن الصناعى للطفل يجب أن يكون تحت ضوابط وفى حالات محددة، وهى عدم توافر لبن فى ثدى الأم، فقد يؤثر على رغبة الطفل فى تناول اللبن الطبيعى نظرا لسهولة امتصاصه من القارورة ومذاقه الحلو، وبالطبع يسبب هذا اللبن عددا من المشكلات كالتقلصات المعوية والانتفاخ.
آلام الأذن ليست بالضرورة مؤشرا على التهابها
يؤكد الدكتور طلعت أن أسباب آلام الأذن لدى الأطفال لا تنحصر فى التهاب الأذن الوسطى فقط، وهو ما يهرع الأهل فور الشك بحدوثه بوضع القطرات المضادة للالتهاب فى أذن الطفل، دون البحث عن الأسباب الأخرى، فمثلا بروز الأسنان الأولى وخاصة الضروس العلوية للطفل قد يعد سببا فى شعوره بألم فى الأذن، كما أن وضع الرضاعة الخاطئ أثناء النوم يؤدى إلى التهاب وانسداد الأذن.
ليست كل آلام الساق مؤشرا للحمى الروماتيزمية
ويشير طلعت إلى مفهوم خاطئ بأن ألم الساق عند الأطفال يشير إلى إصابتهم بالحمى الروماتيزمية، وللأسف أيضا هناك بعض الأطباء يقعون فى هذا الخطأ التشخيصى، ويتم على أساسه وصف جرعات من البنسلين طويل المدى، وهو ما يمثل خطرا على الطفل، فغالبا ما يستمر تناول جرعات هذا النوع من العلاج لحين بلوغ عامه الـ21. ويوضح أن هناك العديد من الأسباب التى قد تؤدى إلى إصابة الأطفال بألم الساق، مثل القدم المسطحة والمعروفة باسم «الفلات فوت»، وهو ما يؤدى أحيانا إلى الإصابة بألم الساق فى حالة ارتداء أحذية غير مناسبة، كما أن الإصابة بأدوار البرد وارتفاع حرارة الجسم قد يؤدى إلى هذا الشعور. لذا ينصح بضرورة استبعاد جميع الأسباب المرضية التى قد تؤدى لآلام الساق، مع إجراء عدد من الفحوصات للتأكد من كون الطفل يعانى من الحمى الروماتيزمية من عدمه.
جرعات الكالسيوم دون استشارة الطبيب خطر على كليتى الطفل
يخطئ الكثيرون فى تقديم حقن ونقاط الكالسيوم للأطفال بغرض زيادة معدل نموهم الحركى ونمو الأسنان، فيما يؤكد د. طلعت أن تناول تلك الجرعات من الكالسيوم دون التأكد بالفحوصات والتحاليل من أن الطفل يعانى نقصا حقيقيا بهذا العنصر يؤدى إلى إرهاق وتضرر الكليتين بصورة كبيرة وخطرة.
كما يؤكد أن النمو الحركى لدى الأطفال يندرج تحت الفروق الشخصية، ولا يحكمه قانون ثابت، فبروز الأسنان اللبنية على سبيل المثال يمكن أن تبدأ لدى طفل فى الشهر الرابع، فى حين تظهر لدى طفل آخر فى الشهر العاشر، وهذا لا يعنى تأخره فى النمو، طالما أنه لم يتجاوز الحد الأقصى من العمر المحدد لمقاييس النمو.
ترك الطفل يبكى فى عامه الأول يجعله عصبيا وعنيفا
جرت العادة بأن تتلقى الأم نصائح بترك طفلها يبكى ولا تهرع إلى حمله حتى لا يعتاد هذا الأمر ويتمسك بها. ولكن أحدث الدراسات النفسية التى أجريت بهذا الشأن أكدت عكس ذلك تماما، وحثت على ضرورة حمل الطفل الرضيع واحتضانه والعمل على تهدئته، بل وحذرت بشدة من تركه يبكى لفترات طويلة، وعلى الرغم من مدى صعوبة هذا إلا أن المخاطر النفسية والسلوكية التى يتعرض لها الطفل نتيجة ذلك غير مستحبة على الإطلاق، فقد أكدت تلك الدراسات أن الأطفال الذين تركوا أثناء بكائهم بدون أن يولوا رعاية، خاصة فى عامهم الأول زادت نسبة التغيرات السيئة لسلوكهم فى السنوات التالية، وأن نحو 50? من هؤلاء يتميزون بصفات عنيفة كالعصبية وسرعة التعرض للتوتر والتشبث بالرأى.
الإسراف فى المضاد الحيوى يضعف مناعة الطفل
يحذر الدكتور طلعت بشدة من الإسراف فى استخدام المضاد الحيوى كعلاج لجميع أنواع الالتهابات والفيروسات التى تصيب الطفل، فهذا العلاج يعتبر سلاحًا ذا حدين. فعلى الرغم من قدرته على مهاجمة الالتهابات والعدوى، فإنه يؤدى إلى تعرض الجهاز المناعى للطفل للضعف الشديد على المدى الطويل، وينصح فى حالة تكرار إصابة الطفل بأنواع معينة من الالتهابات والأمراض، بضرورة البحث عن السبب الذى يؤدى إلى ذلك وعلاجه بدلاً من تضرر الجهاز المناعى وإصابته بالوهن، وهو ما يفتح الباب أمام انتقال العدوى بقائمة أخرى من الأمراض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة