محمد جمعة عبد الهادى موسى يكتب: المؤرخون الجُدد.. بين الماضى والحاضر

الأربعاء، 14 أكتوبر 2015 12:29 ص
محمد جمعة عبد الهادى موسى يكتب: المؤرخون الجُدد.. بين الماضى والحاضر ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقول د. أحمد زكريا الشلق أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بآداب عين شمس: (إن لقب مؤرخ لا ينطبق إلا على نخبة من أعلام المُفكرين الذين عاصروا الأحداث وتركوا موسوعات ضخمة تشكل مصادر للتأريخ، أما أساتذة الجامعة فهم باحثون مشتغلون بالبحث العلمى فى مجال التاريخ).

ويذكر الدكتور حسام عبد الظاهر الباحث بمركز تحقيق التراث بدار الكتب المصرية أن: (المؤرخون فئة نادرة بين الباحثين فى التاريخ؛ وكما أنه ليس كل دارس للفلسفة أو باحث فيها بفيلسوف فإنه ليس كل باحث فى التاريخ أو دارس له بمؤرخ..)

فموضوع لقب المؤرخ ومدى انطباقة على الفئات المعاصرة من الباحثين أو أساتذة الجامعات هو موضوع شائك وشائق إذ يتبين لنا أن هنالك مؤرخين نقلوا عن بعضهم البعض دون مُعاصرتهم للأحداث، وأطلق عليهم اللقب نفسه، وأدخلوا فيما نقلوه أحداثـًا آخرى رتبوها داخل كتبهم التى صارت مصادر للتاريخ.
بل مصادر التاريخ الإسلامى تم ترتيبها إلى مجموعات وتقارير ألفت فيما كُتب فى صدر الإسلام من مادة نقلها التاليين تباعًا، وهنا أشير قصدًا إلى مؤرخى التاريخ الإسلامى، ولا عيب فى ذلك.

كما أن الدراسات التى تناولت أعمال المؤرخين، تناولت ضمنها أيضا مصادرهم فى الكتابة والتدوين -مكتبة البحث فى العصر الحاضر- وأغلبها سابقة ليسوا معاصرين لها مثل: ابن كثير صاحب البداية والنهاية وغيره، بل كتب الطبقات والتراجم بعض أصحابها نقلوا سير ذاتية عن سابقيهم وأطلق عليهم مؤرخين ورغم ذلك طبق عليهم هذا اللقب العظيم.

وبالتالى فإن أستاذ الجامعة المشتغل فى حقل الدراسات التاريخية والوثائقية مؤرخـًا لما كتبه من موضوعات: مثل التأريخ للحياة العلمية، التأريخ للحياة الاقتصادية، التأريخ للحياة الاجتماعية، التأريح للحياة السياسية.. وجلها موضوعات لم يتناولها المؤرخون (المعاصرين) بشكل منفصل، كما يتم تناول موضوع محدد له الفترة التاريخية.

كما أن مصطلح الباحث يشمله مصطلح المؤرخ لأنه يبحث ثم يدون (يؤرخ) بل عمله أشق لأنه يؤرخ ويحلل، على غير المؤرخ المعاصر الذى (جمع) والذى ربما جمعُه فيه الزيف أحيانا كثيرة.

أما القول بإن (المؤرخون فئة نادرة بين الباحثين فى التاريخ؛ وكما أنه ليس كل دارس للفلسفة أو باحث فيها بفيلسوف فإنه ليس كل باحث فى التاريخ أو دارس له بمؤرخ...)

فهذا حديث عن قيمة الباحث المؤرخ نفسه، والتى تختلف من شخص لآخر، والمقارنة بين الفيلسوف والمؤرخ والقياس بينهم غير صحيح من عدة أوجه، أهمها أن الفلسفة تقع تحت التاريخ وليس العكس، و"فلسفة التاريخ" عنوان موضوعى وبحثى فى منهج التاريخ، أما "تاريخ الفسلفة" فهو فى حد ذاته تأريخ للفلسفة كغيرها من العلوم، حتى لو أرخ لها المُشتغل بالفلسفة.
وهنالك إشارة مهمة حول هذا المنحى، فهل الطبيب الذى يشتغل بالتأريخ لتاريخ الطب، هل إذا فعل ذلك يقال عنه مؤرخ أم طبيب، وهل العكس صحيح إذا اشتغل المؤرخ بتاريخ الطب، هل يطلق عليه مؤرخ أم طبيب.

ففى هذا الشأن سيطلق على الطبيب الذى أرخ لتاريخ الطب، لقب (طبيب باحث) رغم تخصصه فى الطب أيا كان نوعه، وليس العكس صحيح عند المؤرخ المُشتغل بتاريخ الطب، سيطلق عليه فقط مؤرخ، وليس طبيبـًا. والتباين واضح بين مثال الفلسفة ومثال الطبيب، وكلاهما يختلفان كل الاختلاف عن الباحث المؤرخ وعمله.

بناء على ما سبق فإن أستاذة الجامعة فى حقل الدراسات التاريخية هم: أولا: باحثون وثانيا: مؤرخون بالترتيب، بل هم مؤرخون وعملهم كما ذكرت أشق لأنهم يبحثون عن الحقائق فيما يكتبونه ويحللون، ويغربلون ما قيل وكُتب حتى يكتبوا الحدث التاريخى الصحيح.. فكيف إذن يتهم بإنهم ليسوا بمؤرخين.. وفقنا الله جميعا... والحمد لله.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة