فلسفة العشوائية فى غلق مكاتب التمثيل المصرى بالخارج.. الحكومة لا تملك خطة مدروسة لتأهيل وجودنا وتكتفى بالغلق بدلاً من اختيار الأصلح والأنسب

الأربعاء، 14 أكتوبر 2015 10:43 ص
فلسفة العشوائية فى غلق مكاتب التمثيل المصرى بالخارج.. الحكومة لا تملك خطة مدروسة لتأهيل وجودنا وتكتفى بالغلق بدلاً من اختيار الأصلح والأنسب المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء
تحليل يكتبه: يوسف أيوب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


الثلاثاء الماضى اجتمع المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، مع لجنة ضمن وزراء الخارجية والقوى العاملة والتجارة والصناعة والسياحة، وكان الهدف من الاجتماع هو تخفيض عدد المكاتب التابعة للهيئات فى الخارج، ضمن خطة حكومية بدأت منذ عام تقريبا لغلق عدد من المكاتب المصرية فى الخارج خاصة الإعلامية والسياحية، أو تقليل أعداد العاملين فى البعثات الدبلوماسية وتخفيض الأجور.

خطة الترشيد مفهومة فى ظل الوضع الأقتصادى الذى تعيشه مصر فى الوقت الراهن، والذى يتطلب توفير كل الأموال الفائضة أو التى لا يتحقق من وراء إنفاقها أى نتائج إيجابية، لكن ما ليس مفهوما بالنسبة لى هو هذه العشوائية التى تسير عليها الحكومة الحالية والسابقة فى تطبيق مبدأ الترشيد، فالظاهر الآن أن الحكومة يهمها توفير الأموال دون دراسة التداعيات السلبية التى قد تنتج عن تطبيق قرارات الترشيد، وهو ما كشفته الأيام بعدما اتخذت قرارا بغلق عدد من المكاتب الإعلامية بالخارج، وأثبتت الأيام أن هذا القرار خاطئ، كونه أتى على مكاتب فى عواصم مهمة بالنسبة لنا، وأن غيابنا عن عواصم مهمة إعلاميا أفقدنا الكثير، وأن الأمر أحتاج لإنفاق أموال لتعويض هذا الغياب.

ما ترشح من معلومات عن اجتماع الحكومة الأخير يشير إلى أن الخطة تشمل خفض عدد من المكاتب الخارجية خاصة الإعلامية بنسبة %20، بالإضافة إلى المكاتب السياحية فى ظل اعتماد الدول على الترويج الإلكترونى، وهنا الأمر يستدعى السؤال حول إن كان لدى الحكومة خطة مدروسة للترشيد، أم أنها تتعامل مع الأمر بعشوائية على أمل توفير أموال دون حساب التداعيات السياسية لهذه القرارات.

كثير من المتابعين يعتبرون مناقشة الحكومة لمسألة تقليص التمثيل المصرى بالخارج، هو من سبيل التعنت الذى تكرر أكثر من مرة، وفى كل مرة قلصت مصر تمثيلها فى الخارج ندمت على ذلك، لأنه لا يوفر كثيرًا ويؤدى إلى تكلفة أكبر حينما تحاول الدولة تدارك أخطائها.. المؤكد أن قرارا مثل هذا هو خطير ويحتاج إلى دراسة متأنية، خاصة أن التوجه المصرى هو زيادة الوجود فى الخارج، وهو ما أدى إلى استحداث وزارات جديدة.

المؤكد أيضا أن الحكومة بحاجة لضبط عملية الإنفاق وليس تقليص أو إغلاق مكاتب التمثيل بالخارج، فمن يتعد فى إنفاقه عن المسموح يتم محاسبته، فما نقلته الصحف عن كارم محمود، رئيس قطاع الحسابات والمديريات المالية بوزارة المالية، هو ما يحتاج للتدخل، فالرجل قال إن إحدى السفارات المصرية بدولة أفريقية صرفت بدلات بقيمة مليونى جنيه بالمخالفة للقانون، ودون سفر أحد خلال موسم واحد، موضحا أنه تم استرداد المبلغ.

فليس هناك خلاف على وجود فساد فى بعض مكاتبنا التمثيلية بالخارج، وهذا الفساد بعضه مالى، وكثير منه إدارى، من خلال تعيين أو اختيار شخصيات ليست مؤهلة لشغل منصبها، كما أن وجودها أضاع كثيرا من الفرص على الدولة لتحقيق نجاحات فى مجالات متعددة، أهمها على الأقل التواصل مع الدولة الموجود بها سواء إعلاميا أو اجتماعيا، لكن وجود هذا الفساد لا يعنى غلق مكاتبنا بالخارج أو غلق بعض سفاراتنا، وإنما يدفعنا إلى التدقيق فى اختيار من يمثل الدولة، وأن يكون الاختيار بناء على الكفاءة ومعايير أخرى منها على الأقل قدرة هذه الشخصيات على التواصل مع الآخرين، وبناء علاقات اجتماعية تساعده فى مهمته المكلف بها، بدلاً من اختيار شخصيات منكفئة على ذاتها، ولا تغادر مكاتبها إلا فى الزيارات الرسمية للمسؤولين المصريين، وبخلاف ذلك فهو يستمتع بالعامين أو الثلاثة التى يقضيها فى الدولة المختار تمثيل مصر بها.

على الحكومة أن تدرس خطة بديلة لرفع كفاءة مكاتبنا التمثيلية بالخارج لا أن تفكر فى إغلاقها أو تقليل عددها، لأن الحكومة إذا سارت على هذا النهج دون دراسة واضحة فسنصل فى نهاية الحال إلى إغلاق غالبية مكاتبنا بالخارج، لأن المشكلة الأساسية لم يتم حلها، وهى أن اختيار العاملين بهذه المكاتب يتم بطريقة عشوائية ويسيطر عليها المجاملة فى أوقات كثيرة، مما تسبب فى غيابنا عن الساحة رغم وجود ممثلين لنا.

وأخطر ما فهمته من خطة الحكومة هو رغبة البعض فى غلق بعض سفاراتنا بالخارج والاكتفاء بسفارات تغطى نطاقا جغرافيا أكثر من الدولة الموجودة بها، بمعنى أن سفاراتنا على سبيل المثال فى بريطانيا تغطى أيضاً الدول المجاورة لها، وغلق السفارات الموجودة فى الدول المحيطة ببريطانيا، وهذا من وجهة نظرى تفكير قاصر وخاطئ، لأنه على الاقل سيؤثر على علاقاتنا بالدول التى سنقرر غلق سفاراتنا بها أو تقليل التمثيل الدبلوماسى، فهذه الدول ستعد هذا القرار إن تم اتخاذه تقليلا من مصر تجاهها، كما أن مصالحنا فى هذه الدول ستتأثر، لأن التواصل سيكون ضعيفا.


اليوم السابع -10 -2015









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة