ومع اقتراب الشتاء، فإن التدفق الهائل إلى أوروبا من قبل الهاربين من الفقر والحرب فى أفريقيا والشرق الأوسط قد تباطئ بدرجة بسيطة فقط فى سبتمبر. ودخل الاتحاد الأوروبى 170 ألف مهاجر غير نظامى الشهر الماضى، ليصبح إجمالى من دخلوا القارة هذا العام حتى الآن 710 ألف شخص، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف من دخلوها العام الماضى، مع توقع بأن يصل العدد إلى مليون لاجئ بحلول نهاية العام.
وعلى مدار أشهر، تقول الوكالة تزاحمت قصص المأساة الإنسانية مع حكايات الفوضى والارتباك فى أراضى أوروبا وحدودها البحرية. وكشفت الأزمة عن القصور المؤسسى للاتحاد الأوروبى وهو يصارع ليقرر عدد من سيستقبلهم من اللاجئين والمكان الذى سيتم تسجيلهم وتوطينهم فيه. وأعلنت ألمانيا أنها ستستقبل 800 ألف طالب للجوء، بينما يخطط الاتحاد الأوروبى لتوزيع 120 ألفا على 28 دولة الأعضاء فيه.
تقييم خبراء الاقتصاد
ومع تراجع التركيز الإعلامى على القضية، فإن خبراء الاقتصاد بدأوا فى تقييم تأثير تلك الصدمة على اقتصاد أوروبا الثرى نسبيا، لكنه شهد منذ سنوات تراجعا فى نسب المواليد وقوة العمل ومعدلات النمو الاقتصادى التى يمكن تحقيقها.
تأثير إيجابى للمهاجرين
وبرغم أن الحذر كان سيد الموقف، إلا أن أغلب التوقعات تحدثت عن تأثير إيجابى يمكن أن يحققه المهاجرون على شعوب يتراجع سن العمل بها، وفى ظل تراجع معدلات النمو المحتملة. وقد تراجعت تقديرات النمو المحتملة لليورو بدرجة مقلقة لأقل من 1% منذ الانهيار المالى قبل سبع سنوات، فى ظل إرث من الديون والتركيبات السكانية المعقدة التى تعنى أن قليل من التحسن قد يحدث بدون هجرة أو رفع سن التقاعد.
ويقول بنك كريدى سويس السويسرى إن تقديراته تشير إلى أن صافى الهجرة خلال السنوات الخمس المقبلة سيعزز سكان منطقة اليورو ببحوالى خمس ملايين نسمة، أى ما يعادل 1.5 % من عددهم الحالى المقدر بـ 340 مليون نسمة. ومع افتراض أن الإنفاق العام المقدم لطالبى اللجوء سيتضاعف فى الناتج القومى، فإنه سيضيف ما بين 0.2 إلى 0.3% لنمو اليورو العام المقبل. وأضاف تقرير كريدى سويس أن الأكثر ثباتا هو أن معدل النمو المحتمل لليورو سيرتفع بمقدر 0.2% فوق الافتراضات الرسمية ليصل إلى 1.3% فى المتوسط خلال ثمانية أعوام حتى 2023، مع تجاوز النمو هذا العام وحده توقعات المفوضية الأوروبية بما يصل إلى نصف درجة مئوية.
تعزيز معدلات النمو
ويشير التقرير إلى أن الآثار الإيجابية ستكون محملة على الأرجح بأعباء الحاجة لتوفير مساكن، إلا أن النمو الاقتصادى سيواصل الاستفادة فى السنوات القادمة مع بدء المهاجرين الشباب فى الاندماج فى سوق العمل.
من ناحية أخرى، فإن خبراء الاقتصاد ببنك HSBC، يتوقعون تعزيز لمعدل النمو بنسبة 0.2%، أن يكون إجمالى الناتج المحلى بمعدل 300 مليار يورو. وتستند الحسابات على أساس أن الإنفاق على كل مهاجر سيكون فى المتوسط 12 ألف يورو فى كل عام، وهو ما يشير إلى أن النفقات الزائدة فى ألمانيا يمكن أن تكون بين 10 و12 مليار يورو فى عام 2016، أو 0.3-0.4% من الناتج المحلى الألمانى.
ورفع بنك دوتشه توقعات النمو فى ألمانيا لعام 2016 إلى 1.9% بعد أن كان 1.7%، مشيرا إلى أن زيادة الهجرة قد تزيد نصف درجة مئوية لنمو الاستهلاك العام.
وتساءلت رويترز عما إذا كان هذه الدفعة الاقتصادية ستكون تحولية فى عالم من المشكلات الديمجرافية الممتدة منذ عقود. ووأشارت إلى تقرير منظمة التنمية التعاون الاقتصادى عن الهجرة الذى قال إنها كانت أكبر محرك للنمو الديمجرافى فى الاتحاد الأوروبى ككل منذ منتصف التسعينات، وهى على وشك أن تكون المحرك الوحيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة