عطر الأحباب.. "يوم سعيد"عرض فى السينما قبل 75 عاماً .. رابع أفلام عبدالوهاب وأول أفلام الطفلة فاتن حمامة.. المخرج محمد كريم يعلن بفخر أن هذا الفيلم شهد أكبر وأنظف مجموعة من الكومبارس ظهرت فى السينما

الجمعة، 09 يناير 2015 02:25 م
عطر الأحباب.. "يوم سعيد"عرض فى السينما قبل 75 عاماً .. رابع أفلام عبدالوهاب وأول أفلام الطفلة فاتن حمامة.. المخرج محمد كريم يعلن بفخر أن هذا الفيلم شهد أكبر وأنظف مجموعة من الكومبارس ظهرت فى السينما فيلم يوم سعيد
إشراف - ناصر عراق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى 15 يناير من عام 1940 احتشد الجمهور أمام دار سينما «رويال» لمشاهدة رابع أفلام نجمهم المحبوب محمد عبدالوهاب، رغم أن الحرب العالمية الثانية كانت قد اندلعت قبل ذلك بثلاثة أشهر ونصف الشهر فقط «الأول من سبتمبر 1939».

المخرج محمد كريم - 2015-01 - اليوم السابع
المخرج محمد كريم

فى تلك السنة كان يحكم مصر الملك فاروق الذى بالكاد بلغ عمره عشرين سنة، وكان عبدالوهاب على مشارف عامه الثالث والأربعين، أما عدد المصريين فقد تجاوز 16 مليون نسمة، بينما كابوس الاحتلال الإنجليزى مازال جاثمًا على صدور المصريين منذ 58 سنة!

إطلالة على الزمن

قدمت السينما المصرية 12 فيلمًا فقط فى عام 1940، بعد أن كانت هذه الصناعة قد قفزت خطوات إلى الأمام بدرجة معقولة قبل ذلك، إذ بلغ عدد الأفلام المعروضة 16 فيلمًا فى سنة 1937، لكن يبدو أن الحرب وويلاتها، وصعوبة التواصل مع الشركات الأجنبية فى الخارج، تلك التى تنتج الأفلام الخام والمعدات السينمائية، فضلًا على ارتفاع الأسعار، كل ذلك أدى إلى انخفاض الإنتاج فى السنة التى عرض فيها «يوم سعيد».

فيلم يوم سعيد - 2015-01 - اليوم السابع
فيلم يوم سعيد

أنت تعرف أن المخرج الرائد محمد كريم «1896/ 1972» هو الذى تولى إخراج جميع أفلام عبدالوهاب السابقة، وهى للتذكرة «الوردة البيضاء/ 1933»، «دموع الحب/ 1935»، و«يحيا الحب/ 1938»، والفيلمان الثانى والثالث شاركته البطولة مطربتان، هما على التوالى نجاة على وليلى مراد، ويبدو أنه وجد صعوبات كثيرة فى هذه المسألة، لأن المخرج محمد كريم يقول فى مذكراته التى حققها الناقد الكبير محمود على عن «يوم سعيد»: «ودار الحديث كما هى العادة مع عبدالوهاب عن الفيلم القادم، وكان الرد الخالد أين الرواية؟ إن عبدالوهاب لا يسعى وراء قصة تناسبه وهو الفنان الذى انعقدت بينه وبين كبار الأدباء أواصر الصداقة الوطيدة.. ترك هذه المهمة لى وأراح نفسه! وسافر إلى إيطاليا وعاد ليجدنى وقد استقررت على رأى، وهو أن يكون فيلمى القادم بغير مطربة بعد أن وجدت أن تجربة البطل الواحد كما حدث فى فيلم «الوردة البيضاء» أسلم».

أسرار وكواليس

من حسن حظنا أن محمد كريم كتب مذكراته بالتفصيل أولًا بأول، إذ ليس من عادتنا- للأسف الشديد- تدوين يومياتنا، رغم الأهمية الكبرى لهذه العادة، لذا تعد مذكرات كريم إحدى الوثائق البالغة الأهمية التى نتعرف من خلالها على بدايات تاريخنا السينمائى، فضلًا على كونها تكشف تفاصيل إعداد الفيلم، والمشكلات التى تواجه المخرج فى أثناء فترة العمل قبل أن يكتمل الفيلم، ويعرض على الشاشة.

فيلم يوم سعيد- 2015-01 - اليوم السابع
فيلم يوم سعيد

خذ عندك مثلًا ما دونه كريم عن كيف توصل إلى فكرة الفيلم، إذ يقول: «طرأت لى قصة أسميتها اسمًا مبدئيًا هو «غرام»، سجلت ملخصها وقرأتها على عبدالوهاب، فسُرّ منها، وطلب وضع حوارها، وهى التى حملت بعد ذلك اسم فيلم يوم سعيد».

ثم يشرح كريم كيف اقترن اسم عبدالوارث عسر بالقصة، فيقول: «أضاف عبدالوهاب للعقد الفقرة التالية: من المعلوم أن الأستاذ عبدالوارث عسر مساعد الأستاذ محمد كريم فى تأليف الحوار».

فاتن حمامة - 2015-01 - اليوم السابع
فاتن حمامة

وفى جرأة يحسد عليها يضع كريم يده على نقطة ضعف عبدالوهاب- إذا شئت الدقة يفضحه- فيكتب بالنص: «وفى ثلاثة أشهر كنا قد انتهينا من السيناريو كاملاً، وفوجئ عبدالوهاب بالرواية الجديدة.. فماذا كانت النتيجة.. كسل، ونقد فى غير موضع النقد.. بكره نقرأها يا أستاذ كريم، فيها مواقف ضعيفة يا أستاذ كريم، ونبدأ فى التبديل والتعديل، ثم لا تسمع إلا عبارات الخوف والتردد.. لقد زادت نوبة التشكك والتراخى عنده هذه المرة لأن الرواية من تأليف كريم وعبدالوارث، ولو أنها تحمل اسم أى شيخ آخر لرحب بها، وهذه عادته التى لن يبرأ منها، فما عنده وما تملكه يمينه تافه ضئيل بالنسبة إلى ما فى يد الآخرين!».

المهم بعد مداولات ومناقشات وافق عبدالوهاب على إنتاج الفيلم، والقيام ببطولته، وقد شارك فى التمثيل كل من الوجه الجديد سميحة سميح، وإلهام حسين، وفؤاد شفيق، وفردوس محمد، وأمين وهبة، والطفلة المعجزة فاتن حمامة للمرة الأولى. وسأتحدث عن فاتن بعد قليل، ولنعد إلى مذكرات كريم حيث كتب: «كان فيلمًا كثير التكاليف، فقد أنشأنا ديكورات ضخمة لشوارع بأكملها يسير فيها الأتوبيس، وأنشأنا ديكوًرا كبيرًا لجزء من شارع فؤاد وأنشأنا بيوتًا «مودرن» وأخرى ريفية، وكان استوديو مصر- وهذه كلمة حق أسجلها له- يعنى بإقامة الديكورات عناية فائقة، ويقوم الفنيون فيه بتنفيذها بكل عناية وإتقان، ومع ذلك كان ينقص الاستوديو الكثير من معدات السينما، وكانت رغبة المشرفين عليه تتجه إلى تجديده تجديدًا كاملًا، واستكمال أوجه النقص مثل «الباك بروجكشن» و«الكرين» وحامل الكاميرا المتحرك، وماكينات الصوت الحديثة، لكن الجو السياسى الملبد بالغيوم الذى تمخض عن الحرب العالمية الثانية حال دون هذه الرغبة.. نفس هذا الجو السياسى هو الذى حال دون سفرنا إلى باريس لإخراج الفيلم هناك، كما اعتزمنا من قبل، وكما تعودنا من قبل، وقبلنا العمل بمصر».

العالم.. كومبارس!

أما المدهش فى الأمر فهو ما كتبه كريم عن نساء ورجال الكومبارس الذين كان يستعين بهم، ولعلك لاحظت أن الأفلام التى أنتجت حتى نهاية الخمسينيات كانت تحتشد بفتيات جميلات وسيدات ورجال مجتمع.. طالع هذه الفقرة لتعرف من هؤلاء: «كان فيلم يوم سعيد من الأفلام التى تحتاج إلى ديكورات كبيرة، ومجموعة كبيرة من الكومبارس، فكنا نحشد لهذه المناظر الضخمة عددًا لا يقل عن 200 سيدة من جميع الأجناس، كنت ترى بينهن الألمانيات والفرنسيات وغيرهن من كل جنس يمر بالبال، وأجزم أن هذا الفيلم ظهر فيه أكبر وأنظف مجموعة من الكومبارس ظهرت فى فيلم مصرى إلى الآن».

ثم يتحدث كريم بألم قائلاً: «كنا نصور مشهدًا ضخمًا لحفلة خيرية كان عبدالوهاب يبيع الورد فيها للمدعوين، وهو يغنى «يا ورد مين يشتريك وللحبيب يهديك»، تأليف بشارة الخورى، وقد قضيت بضع ساعات فى تنظيم المشهد وترتيب أماكن جلوس الأرتست، وقبل بدء التصوير بدقائق دخل البلاتوه شخص يحمل خبرًا موجزًا منيرًا، لقد نشبت الحرب فجأة واكتسحت الجيوش الألمانية بولندا، وإنجلترا وفرنسا ستعلنان الحرب فورًا. وفى لمح البصر ساد الهرج والمرج وترك الممثلون أماكنهم، وأسرعوا نحو الراديو يسمعون الإذاعات العالمية، كنت لا تسمع إلا صراخ السيدات وبكاءهن، وأصبحت ملابس السهرة التى كن يرتدينها نشازًا وسط هذا النواح، وكنت ترى العقلاء منهم أو منهن يتساءلون: لماذا تدخل إنجلترا الحرب؟ أو هل تستطيع فرنسا أن تقاوم جحافل الجيوش الألمانية أو أن خط ماجينو سيرد الألمان على أعقابهم؟.. واختلطت آلام الأجناس المختلفة وجمعت بينهم الدموع.. وسقطت سيدة بولندية مغميًا عليها لأن أسرتها كلها فى بولندا فأسرعت زوجتى الألمانية ترش وجهها بالكولونيا.. عجبًا لهذه الدنيا وعجبًا لهذه الحرب؟!».

المعجزة فاتن

سويت فاتن حمامة من موهبة متدفقة، فمنذ أول مرة دخلت فيها دنيا التمثيل، وعمرها لا يزيد على ثمانى سنوات حتى آخر مشهد، وهى تمنحنا سعادة صافية بقدرتها الفذة على التقمص والانفعال. طالع معى ما كتبه كريم عن هذه الطفلة المعجزة: «وفى مكتب فيلم عبدالوهاب رأيت فاتن حمامة، الطفلة.. من النظرة الأولى قررت صلاحيتها للدور بنسبة 50 فى المائة، ومن النظرة الأولى أيضًا أعجبت بالطفلة، وجلست أتحدث معها ساعات، فأيقنت أنها لا تصلح للدور %100 فحسب، بل أيقنت أنها أكبر من الدور الذى رشحته لها، ورجعت إلى السيناريو، وبدأت أبذل مجهودًا كبيرًا لتكبير دور أنيسة فى كل جزء من أجزائه.. لقد كانت شيرلى تمبل أعظم وأشهر أطفال السينما فى العالم فى أوج مجدها فى ذلك الوقت، ولكن.. كنت أقول لأصدقائى عن إيمان ويقين وعقيدة إن فاتن حمامة تفوقها بمراحل».

انتهى كلام محمد كريم، لكن الحديث عن «يوم سعيد» وعبدالوهاب وفاتن حمامة يطول، ورئيس التحرير يطالبنى بالتوقف هنا من أجل المساحة!
على أى حال.. «يومك سعيد»!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة