سهير جودة

«عشان لازم نكون مع بعض»

الخميس، 29 يناير 2015 10:06 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الفردية، واحتكار الفهم، واحتقار الآراء الأخرى، ظواهر متضخمة الآن فى المجتمع المصرى.. صحيح أن النزعة الفردية ثقافة شعبية، لكنها ترسخت الآن وبشكل كبير فى كل المجالات، من العمل إلى الأفكار إلى التعاملات الإنسانية والعاطفية، وفى ظل الإحساس بعجز الدولة عن تلبية احتياجات الفرد ظهرت قيم الخلاف الفردى، وتضاءل الاهتمام بالمصلحة العامة، وانتشرت السلبية واللامبالاة والرشوة والفساد المالى والإدارى والثراء بطرق غير مشروعة.

الفكرة السائدة لدى العامل المصرى مثلًا، أنها الفئة المظلومة، وأن هناك بعض الفئات تمكنت من تحقيق ثروات كبيرة فى زمن قصير من أنشطة طفيلية لا تضيف إلى الناتج القومى، وظهرت مهن جديدة، هى السمسرة، والمضاربة فى الأراضى والعقارات، وهذا صحيح إلى حد كبير، وبالتالى أصبح الاعتقاد الراسخ لدى الناس فى مصر أن النجاح الفردى هو النجاح الوحيد ولا شىء اسمه العمل الجماعى.

وإذا كانت الدولة المصرية الجديدة قد طرحت مشروع قناة السويس فهى تطرح فكرة العمل الجماعى، لكن عليها أن تبحث عن كيفية وأسس وضوابط شيوع فكرة العمل الجماعى من خلال قوانين ومشروعات أخرى تؤكد العودة إلى الفكرة الجماعية لتكون أقرب إلى الشخصية اليابانية، وثقافة المجتمعات الآسيوية أكثر من الثقافة الأمريكية التى طغت علينا. فمنذ سنوات نشرت مجلة «نيوزويك» الأمريكية تحقيقًا عن الفرق بين الشخصية الأمريكية والشخصية اليابانية، فقالت إنه عندما تسأل الأمريكى ماذا تعمل؟ يقول لك أنا مهندس، أو أنا طبيب، وإذا سألت اليابانى، يقول أنا فى ميتسوبيشى أو تويوتا دون أن يقول إنه يعمل مديرًا أو عامل نظافة.

المجلة أكدت أن ثقافة المجتمعات الآسيوية أن يعمل الأفراد كفريق، ويتوحد الفرد مع المؤسسة، على عكس الأمريكى الذى تطغى الفردية على شخصيته، ويبحث دائمًا عن الانتقال من مؤسسة إلى مكان آخر يمنحه مزايا أفضل، فهو يسعى إلى المنفعة الفردية، وهذه تمثل جوهر فلسفة الحياة الأمريكية.

للأسف التجربة المصرية أخذت كل مآسى الشخصية والحياة الأمريكية وسلبياتها، وتنازلت عن الإيجابيات، والإنسان المصرى مغلوب على أمره، فالتحول الاقتصادى والاجتماعى السريع غير المنظم أظهر أنماطًا جديدة وثقافات جديدة طمست أجمل ملامح الشخصية المصرية. إذا كانت الدولة تريد ترسيخ ثقافة العمل فلابد من وجود مشروعات تؤكد على العمل الجماعى، وعلى القيم النبيلة التى تجعل الفرد لا يتجاهل مصالح الآخر، ويراعى التوازن بين مصلحته ومصالح العائلة والعمل والمجتمع.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة