نانى تركى تكتب: التفكير فى التكفير

السبت، 24 يناير 2015 05:13 ص
نانى تركى تكتب: التفكير فى التكفير تنظيم داعش الإرهابى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التكفير مسألة عظيمة زلت فيها أقدام وضلت فيها أفهام فهو ليس لعبة بل هو كاللعب بالنار، الحكم بالتكفير ليس للأئمة والعلماء بل لله تعالى ورسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، فهو من الأحكام الشرعية التى مردها إلى الكتاب والسنة فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه وعلى هذا يجب قبل الحكم على المسلم بالكفر أو الفسق أن ينظر إلى أمرين:
- دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر.
- انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين بحيث تتم شروط التكفير فى حقه وتنفى الموانع ومن أهم الشروط :
١- أن يكون عالمًا بمخالفته التى أوجبت أن يكون كافرًا ولهذا قال أهل العلم: لا يكفر جاحد الفرائض إذا كان حديث عهد بالإسلام حتى يتبين له.
٢- من الموانع أن يقع ما يوجب تكفيره بغير إرادة منه.
٣- أن يكون متأولًا يعنى أن تكون عنده بعض الشبه التى يتمسك بها ويظنها أدلة حقيقية أو يكون لم يستطع فهم الحجة الشرعية على وجهها فالتكفير لا يكون إلا بتعمد المخالفة وانخفاض الجهالة.

التكفير من الأمور الخلافية أيده بعض العلماء بضوابط وآخرون غالوا فيه والبعض لا يرونه من الدين فى شىء.

المؤيدون للتكفير بضوابط يرون أن التكفير حكم شرعى من أحكام الدين له أسبابه وضوابطه وشروطه وموانعه وآثاره شأنه فى ذلك شأن سائر الأحكام الشرعية، فالتكفير حق لله فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله وأيضًا بالتالى التكفير عندهم له ضوابط:
١- أنه لا يثبت التكفير على قول إلا بدليل شرعى لأن الكافر من كفره الله ورسوله.
٢ - لا يحكم فى التكفير إلا العالم بالأدلة الشرعية.
٣- لابد من تعلم أحكامه والتفقه فيه لأنه حكم شرعى ولأن له أهمية كبيرة لارتباطه بكثير من الأحكام الشرعية مثال النكاح فلكى تقبل بالرجل زوجًا لابد أن يكون مسلمًا.
٤- لا يجوز مجاوزة الحد الشرعى فيه لا بالإفراط ولا بالتفريط وهناك فرق بين التحذير من التكفير وبين التحذير من الغلو فى التكفير.

مذهب أهل السنة والجماعة التفريق بين التكفير المطلق (الأوصاف) والتكفير المعين (الأعيان) وخالفت فرق فالخوارج أطلقوا التكفير وأما المرجئة فمنعوا منه وما بين طرفى نقيض وقع البعض فى الانحراف عن القاعدة.

من أكثر الذين غالوا فى التكفير أحمد بن حنبل فهو كفر تارك الصلاة وحرم دفنه فى مقابر المسلمين من دون بقية الفقهاء ورجال السلف، بعده أنتج ابن تيمية مئات الفتاوى التى تتعلق بالمخالفين فى العقيدة وسائر جوانب الفقه التى كانت فيها صراعات دائمة بينه وبين خصومه من الفقهاء أو الصوفية أو الشيعة، من أشهر فتاوى ابن تيمية إباحة مقاتلة الحكام المعطلين للشرائع وكانت تلك الفتوى أول ما طبقت على حاكم معاصر كان السادات، سار على نهج ابن تيمية من بعده ابن القيم الجوزية وابن كثير الدمشقى وابن قدامة وهؤلاء هم المراجع التى اعتمد عليها تيار الجهاد فى صياغة أفكاره ومعتقداته تجاه الواقع والحكام والمخالفين على وجه العموم وأيضًا موقف الحنابلة ومن تابعهم فى أصحاب الديانات الأخرى.

الوسطيون رأوا أن تكفير المسلم خطره عظيم جدًا قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم "إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"، وقال: "تكفير المسلم كقتله"، وقال عليه أفضل الصلاة والسلام أيضًا: "إن قال الرجل لأخيه كافر فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه".

ويقول الإمام الشوكانى رحمه الله: "اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه عن دين الإسلام ودخوله فى الكفر لا ينبغى لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار".

فعل التكفير يؤدى إلى الفوضى وخراب المجتمع وإحداث الفتنة فى الدين لأن صناعة التكفير لا يستثنى أحدًا فالذى يجرؤ على تكفير شخص واحد قد يكفر أشخاصا كثر بل قد يكفر المؤسسات والدولة والمجتمع والعلماء.

الإمام الأشعرى وقد رفض عقيدة التكفير بشدة حتى إن آخر كلمات مات عليها هى قوله لأحد جلسائه وهو يحتضر: "أشهد على أنى لا أكفر أحدًا من أهل هذه القبلة لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد وإنما هذا كله اختلاف العبارات".

الإمام الغزالى أيضًا وضع قاعدة فى هذا الموضع الخطير مستلهمة من روح الشرع الحكيم فقال: "إن الخطأ فى حسن الظن بالمسلم أسلم من الصواب فى الطعن فيه، فلو سكت عن لعن إبليس أو لعن أبى جهل أو أبو لهب أو ما شئت من الأشرار طول عمره لم يضره السكوت، ولو هفا هفوة بالطعن فى مسلم بما هو برئ منه عند الله تعالى فقد تعرض للهلاك".

أخيرًا أعجبتنى مقولة الدكتور سعد الدين هلالى: "إذا حولت الدين إلى قانون أفسدت الدين والتعامل يكون بالاتفاق، عندما تمنعنى عن الطعام والشراب فهل تظن أننى صمت لابد من النية، روى عمر بن الخطاب أن أعرابى أساء فى صلاته مرة فضربه بالعصا فأساء مرة ثانية فضربه فصلى فى الثالثة صلاة صحيحة فأراد أن يطيب خاطره فسأله عن أفضل صلاة فيهما فقال الأعرابى الأولى صليت فيها خوفًا من الله أما الثالثة فكانت خوفاً من عصاك فبكى عمر وعرف أن العبادة بالنية".

واختتم قوله أن صاحب الشريعة هو الله لم يفوض أحد أن يتكلم باسمه سوى الرسول المعصوم "استفت قلبك" القلب ليس الهوى أو النفس ولكنه القناعة.

معتنقو الوسطية فى الإسلام يرون أن الإنسان له الحق فى أن يعتقد كل ما يطمئن له قلبه ولا يمكن إجبار الإنسان على اعتقاد معين ما لم يقتنع به فكل إنسان سيد نفسه حتى فى دين الله عز وجل لأن الدين اعتقاد وتصديق قلبى استنادًا لقوله تعالى: "ما على الرسول إلا البلاغ"، "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر"، فكيف للرسول الكريم أن يكون وصيًا على الناس من بين خلقه فما بالك من دون الرسول سواء كان فقيهًا أو عالمًا أو مفسرًا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

حسين بن علي

الامام احمد بن حنبل رضى الله عنه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة